«الاقتصادية»: نجاح الحكومات يُقاس بقدرتها على خلق فرص عمل
أكدت أن سوق النفط العالمي سيتعرض قريباً لتحولات ضخمة قد تحد من عوائد البترول
قالت الجمعية الاقتصادية الكويتية ان الكويت تواجه مشاكل اقتصادية عميقة بسبب زيادة ارتباط الشأن الاقتصادي برجال السياسة لا الاقتصاد، إذ سيتعرض سوق النفط العالمي في المستقبل القريب، على الأرجح، لتحولات ضخمة قد تحد من عوائد البترول ليطل شبح العجز المالي مستقبلاً وتظهر فزاعة التقشف التي تقلق المواطن الكويتي.
وشددت الجمعية، في بيان، على ان نجاح الحكومات يُقاس في معظم الدول بقدرتها على خلق فرص عمل وفق خطط اقتصادية ملموسة ومستدامة، إلا أن هذا المعيار المهم لا يمثل أي هم لدى الحكومات المتعاقبة غير آبهين بمعدلات البطالة المتزايدة. لافتة إلى أن «ما يجعلنا في حيرة في الجمعية الاقتصادية الكويتية هو تضارب الأرقام الرسمية حول نسبة البطالة في الكويت».
وأضاف البيان ان تأسيس صندوق لإدارة أصول الدولة هي فكرة استراتيجية ذكية للكويت في وقتها، خصوصا أن دولاً كثيرة أسست مثل ذلك الصندوق، إلا أن الفكرة سيتوقف نجاحها على وجود الإدارة الاقتصادية ذات الكفاءة العالية، التي سيقام عليها الصندوق، والتي ستتولى مهمة الإدارة. المسألة المهمة في مفهوم الصناديق السيادية المعتبرة عالمياً، ليست كم ربحت وكم خسرت على المدى القصير؟ إنها أكبر من ذلك بكثير لتشمل أهدافا استراتيجية، من بينها الاقتصاد السياسي.
الشفافية والحوكمة
من جانب آخر، يعد مبدأ الشفافية والحوكمة أحد أهم ركائز الاستثمار الغائبة عن الصناديق السيادية، فهذه الأموال العامة المقدرة بمئات المليارات لا رقيب واضحا عليها، تعرض أمام مجلس الأمة مرة واحدة في السنة وملاحظات ديوان المحاسبة تظل معلقة دون رد. فهي لا تدير أموالاً خاصة لشخص أو شركة، وبالتالي يحق لها أن تفعل ما يحلو لها في هذه الأموال، وإنما تدير أموالاً عامة، التصرف فيها يجب أن يكون بحساب، ولكن ما أن بدأت الهيئة أعمالها في سبعينيات القرن الماضي، إذ إنها منذ تأسيسها تتسم بالغموض، ولا تقدم تقارير وافية عن الصفقات التي تبرمها، أو حتى التي أبرمتها منذ عشرات السنين، والمكاسب والخسائر التي تحققت منها.
البديل الاستراتيجي
وقال البيان «عندما نتطرق في هذه الظروف لفكرة (البديل الاستراتيجي) فهي باختصار هيكل جديد للرواتب والمستحقات المالية والمزايا الوظيفية. ويهدف القانون- حين تم طرحه سابقاً- إلى تعديل سلم الرواتب، والتدرج الوظيفي في جميع الجهات الحكومية والمؤسسات التابعة لها، والتي تنطبق أحكام وقوانين الخدمة المدنية عليها».
وأشار إلى أن «التعامل مع مسألة البديل الاستراتيجي يجب أن يكون أعمق بكثير من مجرد تعديل الرواتب والأجور، بحيث تعالج مجموعة من اختلالات سوق العمل في البلاد فتكون الأولوية القصوى هي لمعالجة اختلالات المالية العامة وسوق العمل وتحقيق الاستدامة المالية للدولة، وكذلك يجب ألا نغفل أن كل حل لا يرفع جاذبية العمل في القطاع الخاص يمثل عبئاً على الدولة».
المشاريع الصغيرة
وتابع أن استمرار القطاع العام عالي التكلفة وضعيف الإنتاجية في الهيمنة على أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، يجعل الأداء الاقتصادي التاريخي للدولة غير موفق. المحزن أن درجة اعتماد الاقتصاد على النفط اليوم قد تزايدت، ودرجة ارتهان مستقبل الكويتيين به قد تضاعفت. فمع استمرار انكماش الاقتصاد الكويتي فإن النفط مازال يشكل 55 في المئة تقريباً من الناتج المحلي الاجمالي وأقل بقليل من 90 في المئة من الايرادات العامة بعدما كانت حوالي 94 في المئة في سنوات سابقة.
وأوضح أن هذا «الانخفاض هو فقط انعكاس لتراجع نشاط القطاع غير النفطي وليس تحسن الوضع المالي، فاعتبار اقتصادنا غير متنوع، فقد شهدنا انكماشاً حقيقياً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 في المئة في 2020 لم نتعاف منه بعد».
ولفت إلى أن التوقعات خلال العام تشير إلى أن فرص تحقيق أي انتعاشه تكاد تكون ضئيلة. وبما أن جميع القطاعات تعتمد بصورة اساسية على الإنفاق الحكومي، فإذا أنفقت الحكومة نشط الاقتصاد، وإذا أحجمت عن الإنفاق تراجع النشاط الاقتصادي بشكل لافت.
وذكر أن «المتابع للأوضاع الاقتصادية في الكويت يلاحظ أن المشاريع الصغيرة تعيش حالة من التكرار الدوري بدءاً من التأسيس والدعم الحكومي المادي المحدود ثم التذبذب وصولاً إلى الإفلاس والاغلاق، ومن المهم هنا أن نذكر بأننا لا نطالب الدولة بضمان نجاح المشاريع الصغيرة أو تحمل خسارتها، بل إننا نطالب بالعمل على إخراجها من حلقة التكرار الدوري القاتلة لكي تصبح مشاريع أكبر يبنى من خلالها الاقتصاد الجديد أياً كانت ملامحه».
وتابع «لذلك فإننا نرى أن الحكومة تحتاج إلى تنمية ومساندة المشاريع الصغيرة والمتوسطة وضمان عدم الهجرة العكسية من القطاع الخاص إلى العام التي ستضر الدولة بالدرجة الأولى وتضخم باب الرواتب في الميزانية، وهذا آخر ما تتمناه الحكومة لميزانيتها. فلذلك يحتاج القطاع الخاص بما في ذلك مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى استيعاب هذا الكم من الكويتيين الـ 98 ألفا (22 في المئة من القوة العاملة الكويتية الحالية) تقريباً المتوقع دخولهم سوق العمل في السنوات الخمس المقبلة».
وقال البيان: «مازلنا بعيدين كل البعد عن الرغبة والإرادة السياسية للبدء فعلاً بالإصلاحات الضرورية ومحاربة الفساد وتحويل الشلل الاقتصادي إلى فرصة للتغيير، إذ إننا ندعو إلى إعفاء من لا يملك القدرة على تحمل المسؤولية الوطنية من موقعه، وإفساح المجال لمن يملك العلم والقدرة على التصدي للتحديات».