قال تقرير «كامكو إنفست» إن أسعار النفط الخام وصلت إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ الأسبوع الأخير من أبريل 2023، بعد أن شهدت مكاسب مستمرة منذ نهاية يونيو 2023.

وجاءت المكاسب في البداية على خلفية تقلص الإمدادات، حيث دخلت التخفيضات الطوعية الإضافية للسعودية حيز التنفيذ، إلى جانب خفض حصص الإنتاج التي أعلنتها روسيا والجزائر.

Ad

وجاء المزيد من الدعم نتيجة للتفاؤل على صعيد الطلب، بعد أن جاءت قراءة معدل التضخم في الولايات المتحدة أضعف من المتوقع وإلى حد ما، نتيجة تدابير التحفيز الاقتصادي التي أعلنتها الصين، إلا أن تباطؤ الاقتصاد الصيني، وسط استمرار انخفاض الصادرات والواردات، إضافة إلى ارتفاع المخزونات أثّر على الأسعار جزئياً، مما أدى إلى تقليص المكاسب الإجمالية.

وانخفض مؤشر تضخم أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة للشهر الثاني عشر على التوالي وبلغ 3.0 في المئة خلال يونيو 2023، مما يدعم توقعات نمو الطلب على النفط خلال النصف الثاني من العام، كما أثر تراجع معدلات التضخم على الدولار الأميركي الذي وصل إلى أدنى مستوياته المسجلة في 15 شهراً مقابل سلة من العملات، مما ساهم في تعزيز أسعار النفط، حيث أدى ضعف الدولار إلى جعل سعر النفط أرخص للمستوردين.

ووسط تراجع الضغوط التضخمية، يشعر مراقبو النفط بالتفاؤل تجاه خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الحالي أو رفعها مرة واحدة مقابل التوقعات السابقة برفعها مرتين. لكن رغم ذلك، لايزال الاتجاه السائد في أوروبا يشير إلى مواصلة البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة.

كما انعكس هذا أيضاً على أحدث استطلاعات النشاط التجاري، والتي كشفت عن تسجيل تباطؤ خلال شهر يونيو 2023 في أوروبا والصين، إذ أظهرت تقارير مؤشر مديري المشتريات الصادرة عن الوكالة العالمية «ستاندرد آند بورز» تراجع نشاط الصناعات التحويلية في منطقة اليورو بوتيرة أسرع من المتوقع على خلفية مواصلة البنك المركزي الأوروبي تشديد السياسات النقدية إلى جانب التراجع الحاد الذي شهدته أنشطة الأعمال في المملكة المتحدة. أما في آسيا فكانت الصين النقطة المضيئة، إذ سجلت نمواً هامشياً بينما تراجع أداء النشاط التجاري في اليابان وكوريا الجنوبية.

وعلى صعيد العرض، أعلنت السعودية عزمها تمديد التخفيضات الإضافية البالغة مليون برميل يومياً حتى أغسطس 2023، بهدف تحقيق الاستقرار والوصول إلى توازن سوق النفط. كما انضمت روسيا بإعلانها خفضاً إضافياً لإنتاجها بمقدار 0.5 مليون برميل يومياً، بينما أعلنت الجزائر تخفيضات بمقدار 20 ألف برميل يومياً.

وبذلك يرتفع إجمالي التخفيضات التي تعهدت بها «أوبك» وحلفاؤها إلى 5.2 ملايين برميل يومياً. من جهة أخرى، توقعت وكالة معلومات الطاقة الأميركية وصول إنتاج الولايات المتحدة هذا العام إلى مستويات قياسية، رغم أن عدد منصات النفط في الولايات المتحدة لايزال أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة.

وكشف أحدث تقرير أسبوعي صادر عن شركة «بيكر هيوز» عن وصول عدد منصات الحفر النفطي في الولايات المتحدة إلى 540 منصة بعد انخفاضها بنحو 5 منصات خلال الأسبوع المنتهي في 7 يوليو 2023.

أما على صعيد الإنتاج، ارتفع إنتاج «أوبك» من النفط في يونيو 2023 للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر، وإن كان بشكل هامشي، إذ بلغ متوسط إنتاج «أوبك» 28.2 مليون برميل يومياً، وفقاً لبيانات الأوبك الثانوية، مسجلاً زيادة قدرها 91 ألف برميل يومياً عن الشهر السابق.

وتعزى تلك الزيادة إلى ارتفاع الإنتاج بصفة رئيسية في إيران والعراق، وهو الأمر الذي قابله انخفاض الإنتاج الخاص بكل من أنجولا وليبيا. وظل إنتاج السعودية ثابتاً عند مستوى 10 ملايين برميل يومياً. كما استقر إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة عند مستوى 12.3 مليون برميل يومياً بعد انخفاضه بمقدار 100 ألف برميل يومياً عن الأسبوع السابق.

الاتجاهات الشهرية

بعد تراجع أسعار النفط الشهر الماضي إلى أدنى مستوياتها المسجلة في عدة أشهر وتسجيلها لأكبر انخفاض شهري هذا العام في مايو 2023، عادت أسعار عقود النفط الآجلة للارتفاع مجدداً، وسجلت مكاسب ثابتة منذ الأسبوع الأخير من يونيو 2023 مخترقة حاجز 80 دولاراً أميركياً للبرميل في 12 يوليو 2023، وصولاً إلى 80.11 دولاراً للبرميل.

وارتفعت الأسعار بما يقرب من نسبة 11.2 في المئة منذ الأسبوع الأخير من يونيو 2023، مما أدى إلى تسجيل أسعار النفط لأول مكاسب شهرية لهذا العام. لكن من حيث الأداء على أساس ربع سنوي، انخفضت الأسعار للربع الرابع على التوالي بنسبة 6.11 في المئة خلال الربع الثاني من 2023.

ويعزى الارتفاع الأخير الذي شهدته الأسعار بصفة رئيسية إلى التوقعات التي تشير إلى تزايد الطلب على خلفية تباطؤ معدلات التضخم في الولايات المتحدة، وكذلك تقليص حصص إنتاج النفط التي أعلنتها السعودية وروسيا بصفة رئيسية. وعلى الرغم من ذلك، أدت عدد من العوامل مثل تباطؤ النمو الاقتصادي خصوصاً في أوروبا والنمو بمستويات أقل من المتوقع في الصين، كذلك ارتفاع المخزونات التي تم إعلانها الأسبوع الماضي إلى فرض بعض الضغوط البيعية.

وكشفت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن توقعها أن يصل الطلب على النفط إلى مستويات قياسية هذا العام، إلا أن وتيرة النمو ستكون أقل من المتوقع.

ورغم ذلك، خفضت الوكالة توقعاتها للطلب على النفط بمقدار 220 ألف برميل يومياً مقارنة بتوقعات الشهر الماضي، وتتوقع الآن أن ينمو الطلب بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً هذا العام. كما سلطت وكالة الطاقة الدولية الضوء على تباطؤ النشاط الصناعي للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خصوصاً في أوروبا، والذي من المتوقع أن يساهم في التأثير سلباً على معدل النمو الإجمالي للطلب خلال العام.

من جهة أخرى، استمر متوسط أسعار النفط في الانخفاض خلال يونيو 2023 على خلفية انخفاض الأسعار خلال الجزء الأكبر من الشهر قبل أن يتمكن من الارتفاع الأسبوع الأخير من الشهر. إذ وصل متوسط سعر نفط «أوبك» إلى أدنى مستوياته المسجلة في عدة أشهر عند مستوى 75.19 دولاراً للبرميل، مسجلاً بذلك تراجعاً بنسبة 0.8 في المئة على أساس شهري.

وكان الانخفاض الذي شهده متوسط أسعار العقود الفورية لمزيج خام برنت أعلى قليلاً، بنسبة 1.4 في المئة ليصل في المتوسط إلى 74.7 دولاراً للبرميل، بينما انخفض متوسط سعر النفط الكويتي بوتيرة مماثلة بنسبة 1.3 في المئة، ليصل في المتوسط إلى 76.4 دولاراً للبرميل.

أما على صعيد التوقعات، فخفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها لسعر مزيج خام برنت هامشياً لعام 2023 إلى 79.34 دولاراً للبرميل مقابل توقعاتها السابقة البالغة 79.54 دولاراً للبرميل، في حين أبقت على توقعات عام 2024 دون تغيير عند مستوى 83.5 دولاراً للبرميل.