رياح وأوتاد: صحوة في بيع الإجازات ولكن هل ستستمر؟
انتبهت لجنة الميزانيات إلى أحد عيوب ما يسمى بيع الإجازات فقال مقرر اللجنة: «إن أهم المصروفات في الميزانية الحالية هو بند الرواتب التي بلغت 14.9 مليار دينار بزيادة قدرها 14% عن السنة السابقة وذلك يرجع الى البيع النقدي للإجازات الذي بلغ حوالي نصف مليار دينار»، وقررت اللجنة إحالة هذا الموضوع إلى ديوان المحاسبة وضرورة وضع ضوابط له.
ولا شك أنها صحوة جيدة من اللجنة وإن كانت متأخرة، لأن عيوب هذا القرار كانت ظاهرة من حيث المبدأ، حيث كتبت أنا وغيري من أول يوم موضحاً عيوب هذا القرار الذي يضر المالية العامة، ويضر بالأسرة، ويعزز عيوب الجهاز الإداري للدولة، كما يخالف الخطة الخمسية، حيث سيؤدي إلى هجرة عكسية من القطاع الخاص إلى العام، وبالفعل أشار تقرير الشال قبل الأخير الى نزوح العمالة الوطنية الى القطاع العام بناء على تقرير الإدارة المركزية للإحصاء.
ولكن وللأمانة لا تتحمل الحكومة وحدها هذا الخطأ لأن الاقتراح كان في البداية اقتراحاً بقانون تقدم به بعض النواب، لكن الحكومة رأت إصدارة بمرسوم من الحكومة مع بعض الضوابط، وهي أن يكون البيع شهراً واحداً كل سنتين، وأن يكون للكويتيين فقط، وأن يكون الموظف حاصلاً على درجة امتياز، لكن لجنة الميزانيات في المجلس المبطل 2022 أصرت على إلغاء الضوابط، ووافقت الحكومة للأسف، فوصلت كلفة هذا المرسوم إلى المبلغ الذي أشارت إليه اللجنة في المجلس الحالي، فرأت اللجنة اليوم الحاجة إلى وضع ضوابط لمرسوم بيع الإجازات، وقد تكتشف اللجنة مستقبلاً مصروفات أخرى تحتاج إلى ضوابط أيضاً مثل قوانين (عافية) أوغيرها.
للأسف فإن كثيراً من أعمال الحكومة والمجلس تقع في مثل هذه الأخطاء التي ستؤدي في النهاية إلى استهلاك الجهاز الحكومي بالأخطاء وارتفاع الكلفة التي ستؤثر على جميع مرافق البلاد، خصوصاً أن ارتفاع أسعار النفط بالنسبة نفسها لارتفاع المصروفات غير مضمون بل هو مستبعد جداً.
لذلك فإن المطلوب من الحكومة وأعضاء المجلس العمل كرجال دولة لا كرجال مناصب أو انتخابات، وأن يقوموا بالدراسة العلمية لكل الاقتراحات على ضوء المصلحة العليا للبلاد، مع النظر الى تأثير كل هذه الاقتراحات على مستقبلها ومصلحة الأبناء والأحفاد، وألا تمنعهم ألفاظ السفهاء ونعوتهم مثل كلمة مرزوقي (نسبة إلى النائب الغانم) أو مطيري (نسبة إلى النائب المطير) عن دراسة وتمحيص أي اقتراح بعدالة وإخلاص، كما أن عليهم ألا يهملوا أي انتقاد لأعمالهم أو لاقتراحاتهم، بل يجب أخذها بعين الاعتبار، فقد يكون الأخذ بها هو طريق النجاة، وكما جاء في حديث السفينة الشهير التي أراد بعض ركابها خرقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا». (رواه البخاري).