لا نشك في النوايا، ولسنا أصحاب ظن، إنما هذا المقال من أجل الوصول إلى مفهوم الحكومة الناجحة التي تحب الشعب وتعمل لمصلحته، وتصويب خدماتها لراحته، وذلك بالحث على متابعة طلبات خدمات المواطنين وتسهيلها.
الوصول الى الحكومة الناجحة يكون من خلال اختيار أعضائها الذين تكون مرتكزات عملهم في الأساس مراعاة مصالح الشعب، وألا يكون اختيار عضو الحكومة وفق علاقات أسرية أو صداقات أو انتماءات قبلية مع أصحاب القرار أو وفق الولاءات في حين أنه يفتقد للعلم والمعرفة في مجال الوزارة.
الاختيار الصحيح للعضو أن يكون متخصصاً في مجال وزارته، وأن يمتلك علماً عن شؤون الشعب واحتياجاته الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن امتلاكه مؤهلات علمية وخبرة في مجال وزارته، والأكثر أهمية كما ذكرنا مراعاة مصلحة المواطنين بلا تمييز بينهم، وأن يبتعد عن مصالحه الشخصية في اتخاذ قرارات العمل، وينبغي عليه الإصغاء لطلبات الناس وعدم إهمال مقترحاتهم. عضو الحكومة لا بد أن يحصل على ثقة الشعب من خلال النظم الديموقراطية، أي قبل اختياره يعرض على البرلمان للحصول على ثقة الشعب، ويقاس نجاحه وفق مؤشرات مراعاته مصالح المواطنين، فضلاً عن تطوير خدمات وزارته حسب ما تقتضي مصلحة المواطنين، لا أن يضع قوانين مزعجة، أو مجحفة بحق الناس. وعليه وضع استراتيجيات لتطوير خدمات وزارته مثل التواصل مع المواطن في حال كانت لديه مشكلة، فعلى سبيل المثال لو لم يدفع فاتورة الكهرباء الشهرية، فإن على الوزير المختص الاستماع إلى وجهة نظر المواطن قبل تفعيل القانون ضده لأنه قد يكون هناك سبب في تخلفه عن دفع مستحقات الحكومة عليه.
والشيء بالشيء يذكر كان هناك قاضٍ بريطاني لطيف، ودائماً ما يتعاطف مع الناس لا سيما الفقراء، فلا يحكم على الجاني مباشرة، بل يأتي به ويسمع أقواله، في الأسباب التي دعته إلى ارتكاب الجريمة، فإذا سرق طعاماً أو شراباً ليسد جوع بطنه، لا يعتبرها سرقة، أو إذا ارتكب مخالفة بحسن نية جاهلاً القانون فلا يحكم عليه بل ينصحه بالاطلاع على قوانين البلد حتى لا يتم إزعاجه مرة أخرى.
رجوعا إلى موضوعنا عن عضو الحكومة الناجح، في الإمارات نرى بعض التطورات من أجل راحة المواطن، مثلاً قد تم تطوير تجديد رخص السياقة في ثوانٍ معدودة عن طريق الماكينات الآلية، الموزعة في جميع المولات والأسواق، لتسهيل عملية التجديد، وثمة إجراءات تُقدم تسهيلاً للخدمات الإسكانية المقدمة للمواطن منها تقديم الطلب إلى بيت الإسكان أو أي خدمة إسكانية أخرى في وقت لا يتعدى 10 دقائق، كذلك في البحرين اتخذت خطوات تطويرية فيما يخص فحص السيارات بالاتفاق مع شركات خاصة بعدما كانت في إدارة المرور والترخيص فقط.
ومن أجل الحصول على العضو الناجح كما نراه في الحكومات الديمقراطية لا يمرر تكليف العضو الحكومي (الوزير) بالسهولة كما يحصل في بلداننا، يمر عبر لجان متنوعة، تخصصية وإدارية وقانونية وبرلمانية وغيرها.
بالمجمل، الحكومة الناجحة من تعمل على راحة المواطن وارضائه، وتوفير جميع حقوقه، والاستماع إلى شكاواه، والعمل على حلحلة المنغصات التي تضايقه، لا عدم الاكتراث به، و»تطفيشه» أو إزعاجه في كل صغيرة وكبيرة.
ولا ننسى في الختام أنَّ مؤشر نجاح العضو أن يتسم بالأمانة والنزاهة والإخلاص وتطوير عمل الوزارة لما يقتضيه التطور التكنولوجي والإلكتروني، الذي يسهم في وصول الخدمة الى المواطن بكل يسر وسهولة.
*كاتب بحريني.