داوى المريضَ من السقامِ نِطَاسي
لم يلتفتْ للمالِ والألماسِ
لم يتخذْ من مهنةٍ أمدوحةً
وذريعةً لتجارةٍ، ولباسِ
مَن أنفقَ العُمُرَ الزكيَّ تفانيًا
يسعى لخدمةِ حالِ أهلِ الباسِ
عُمُرًا يُداوي بالطِّبابةِ عِلةً
ويعالجُ المرضَ الشديدَ القاسي
مُتنقلًا بين الرعيةِ راحمًا
شتى أُناسِ الأرضِ والأجناسِ
كم واجهَ الأسقامَ في هجماتها
وأراحَ من آلامها من راسِ!
كم عاينَ الأمراضَ دون تلكُّؤٍ
كم خفّفَ الأعراضَ وهو مواسي
يعطي السقيمَ المُبتلى ترياقَهُ
ويمدُّهُ بالعونِ بعد قياسِ
لولا الطبيبُ لما تلاشى جُرحُهُ
واللهُ شافي الروحِ والأنفاسِ
قَسَمُ الأمانةِ والتفاني واجبٌ
في مهنةٍ مسؤولة الأقداسِ
فالطبُّ ليس تجارةً ربحيةً
بل إن ذلك غايةُ الإفلاسِ
الطبُّ مهنةُ راحمٍ متعاطفٍ
يسعى بقلبٍ مُرهَفِ الإحساسِ
والطبُّ مهنةُ عاشقٍ لوظيفةٍ
ذاك الطبيبُ هو المداوي الآسي
الحاذقُ المشغولُ في جولاتهِ
كمُجاهدٍ في ساحةِ الأتراسِ
سهرَ الليالي في رباطٍ دائبٍ
ليُلاحظَ الحالاتِ كالحُرَّاسِ
في كلِّ حقلٍ في النواحي مُخلصٌ
ونقيضُهُ المنحوسُ كالترباسِ
في الطبِّ محمودٌ مداوٍ صادقٌ
وهناك مَن وجد الطِّبابَ كراسي
ظنَّ الوظيفةَ رفعةً ووجاهةً
بمجالها يعلو كما الأجراسِ
أما الطبيبُ المستقيمُ المُقتدى
فجزاؤهُ بعطائهِ كالكاسي
هي مهنةُ الإنسانِ في نبضاتهِ
كم من حياةٍ أُنعِشت كغراسِ!
في كل نفسٍ طُبِّبت تثويبةٌ
وشُعاعُ نورٍ مثلما النبراسِ
صلى عليك اللهُ يا خيرَ الورى
يا رحمةً ومُعلِّمًا للناسِ
والآلِ آلِ البيتِ والصحبِ الأُلى
كانوا شموعَ البذلِ والأقباسِ