كوارث القرن الماضي
لم تتعرض البشرية، على امتداد تاريخها، لنكباتٍ وكوارث مثلما تعرّض له كوكب الأرض في القرن الماضي، لدرجة أن كوارثه امتدت لتشمل القرن الذي تلاه.
فمنذ اليوم الأول من يناير عام 1900 ارتجّت الكرة الأرضية واهتزت، وترنحت أغلب مُنشآت أرجاء المعمورة، متأثرةً بالأعاصير والعواصف والبراكين، وخصوصاً في المناطق المحاذية للبحر الأطلنطي، بعدما هبّت فيها عاصفة ماريا، التي كانت من أعنف العواصف غضباً على الكوكب الأرضي.
***
وما إن هدأت البشرية قليلاً، بعد أن دفعت أثماناً باهظةً وفادحة، وقبل أن يستردّ العالم أنفاسه، إذا بنيران الحرب العالمية الأولى تستعر، لتكتسح القارات لمدة 4 سنوات، أُحرق فيها الأخضر واليابس، وأسيلت فيها دماء ملايين البشر، وبعد عام 1918، حيث انتهت الحرب، وبعد أن دُفن الموتى، والعالم مشغول بمواساة الأرامل والأيتام، وإصلاح ما دُمّر، ما هي إلا سنوات قليلة حتى زمجرت ألسنة لهب نيران جحيم حرب عالمية ثانية، وهذه المرة كانت فنون إبادة الإنسان لأخيه الإنسان قد ابتكرت أسلحة دمارٍ لم تعهدها البشرية في حروبها الكونية من قبل، فأُلقيت قنبلة واحدة على مدينة هيروشيما قتلت مئات الألوف من البشر، وكذلك فعلت القنبلة الثانية في مدينة ناجازاكي، هذا القنبلة لم تكن تستهدف الإنسان فقط، وإنما دمارها يشمل جميع المخلوقات الحيّة من حيوان وشجر، ويسمم كل المواد الطبيعية التي منحها الله لعباده.
***
وفي عام 1945، حيث وضعت الحرب أوزارها، بقيت لها ذيول في مناطق متعددة من العالم حتى الساعة التي أكتب فيها هذه السطور، بل إن آثارها صارت علامة تبعث على كراهية وعداوات بين الشعوب التي تعيش فوق هذا الكوكب، والتي صارت معسكرات متصارعة.
وما الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا إلا بسبب نشاط حلف الناتو الذي هو أحد إفرازات القرن الماضي.
***
بالطبع هناك للقرن الماضي الكثير من الإنجازات الباهرة، لكنّها إذا ما قورنت بالتدميرية فإنها لا تُقارن.