عقب انتهاء أعمال الاجتماع الخماسي الذي عُقِد في الدوحة لبحث الملف اللبناني والسعي للوصول إلى تسوية سياسية، كشفت مصادر دبلوماسية عربية أن الاجتماع خرج بنتائج مهمة تفوق ما تحققت في اجتماع باريس الأول في 6 فبراير الماضي، كما أنه أسس لانطلاق مسار عمل جديد للجنة الخماسية في المرحلة المقبلة، على أن يكون ذلك بالتنسيق والتعاون والتشاور، لا أن تكون فرنسا وحدها هي التي تتحرك على الساحة اللبنانية أو بشأنها، في حين تم الاتفاق على عقد اجتماع خماسي آخر في سبتمبر المقبل.

في بداية اجتماع الدوحة، قدّم المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان شرحاً مفصلاً حول تفاصيل جولته الأخيرة إلى لبنان، مشيراً إلى أن هناك تباعداً كبيراً في مواقف القوى اللبنانية من الاستحقاق الرئاسي، وهناك صعوبة في الوصول إلى توافق ما لم يحصل تدخل دولي مساعد.

Ad

وشدد لودريان على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول الخمس في تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين، مؤكداً ضرورة استمرار التنسيق والتعاون فيما بينها لمساعدة فرنسا على إنجاز مبادرتها.

وذكر أن «حزب الله» لا يزال متمسكاً بموقفه الداعم لسليمان فرنجية، وأنه يعبر عن عدم استعداده للتنازل عن هذا الخيار، معتبراً أن الحوار بين الفرقاء اللبنانيين ربما يسهم في تذليل العقبات التي تعترض هذا المسار، ولكن لم يكن هناك حماسة لهذا الحوار، في حين تم طرح فكرة فرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين المعرقلين للاستحقاق، على أن يتم البحث في اتخاذ خطوات تنفيذية بشأنها في الاجتماع المقبل.

في المقابل، شدد المسؤولون، لا سيما السعوديين والقطريين في الاجتماع، على ضرورة استمرار التنسيق والتواصل في سبيل الوصول إلى حلّ يكون مُرضياً للجميع ويرتكز على ضرورة إنجاز الإصلاحات المطلوبة، خصوصاً أن أي مساعدات يحتاج إليها لبنان لا يمكن الحصول عليها بدون إصلاحات سياسية واقتصادية.

أما لدى طرح لودريان لفكرة الحوار، فلم يكن هناك حماسة قطرية وسعودية له، باعتبار أن الحوار لأجل الحوار لا يمكن أن يؤدي إلى أي نتيجة أولاً، والأهم هو أن الأولوية الآن هي انتخاب الرئيس، وثانياً، هناك خشية من أن يتحول هذا الحوار إلى فتح مجال للذهاب إلى المطالبة بتغييرات دستورية قد تشمل صيغة النظام، وثالثاً كان هناك تشديد على وجوب اقتناع اللبنانيين بضرورة الذهاب إلى تسوية جدية ترضي المجتمع الدولي، وتخرج من حسابات مصلحية أو سياسية ضيقة لأن لبنان يحتاج إلى مقاربة سياسية مختلفة عما كان عليه الوضع سابقاً، وبالتالي هناك حاجة إلى التفكير بطريقة جديدة.

وتم الاتفاق على إعداد ورقة مفاهيم واضحة، وتوحيد جهود «الخماسية»، وألا تكون فرنسا وحدها هي التي تتحرك لبنانياً، ما يعني أن يتم العمل بشكل خماسي في المرحلة المقبلة، في حين تشير مصادر متابعة إلى أن الوزير القطري يمكن أن يزور بيروت قريباً لاستكمال عمله ومساعيه.

ومما جاء في مضمون الاجتماع التأكيد على ضرورة ألا يبقى هناك خيار واحد فقط على الطاولة، بمعنى أوضح وفق ما تقول مصادر دبلوماسية عربية أن الأهم بالنسبة إليهم هو ألا يبقى فرنجية خياراً وحيداً على المسرح الفرنسي على الرغم من أن النقاش لم يتداول في الأسماء، لا سيما أن الدول الأربع أي أميركا، والسعودية، وقطر، ومصر ترفض الطرح الفرنسي حيال فرنجية.

وطُرِحت فكرة أن تكون التسوية اللبنانية شاملة أي تتعلق برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وغيرهما من المواقع، ولكن هذا الأمر ترك لفترة لاحقة، خصوصاً إلى ما بعد زيارة لودريان إلى بيروت.

وهناك خلاصة أخرى يمكن تسجيلها، وهي أن لودريان كان حريصاً على تحصيل موقف رباعي داعم للتحرك الفرنسي ولمساعيه التي يقوم بها في لبنان، وقد حظي بهذا التأييد، ولكن بناءً على التوافق مع الدول الأربع.