للمرة الثانية خلال عام، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإمارات، أمس، في إطار جولة خليجية ركزت على الاستثمار والتمويل، على أمل إنعاش الاقتصاد التركي الذي يئن تحت وطأة تراجع قيمة الليرة وعجز كبير على عدة صُعد، وزيادة حادة في التضخم أصبحت مشكلة مزمنة.
وفي محطته الثالثة والأخيرة من جولته، التي شملت السعودية وقطر، وضمنت توقيع العديد من الاتفاقيات أبرزها موافقة الرياض على شراء طائرات مسيّرة في أكبر عقد دفاعي بتاريخ تركيا، عقد أردوغان ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، أمس، جلسة مباحثات ثنائية تناولت عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك المستجدات الإقليمية والدولية، وتخللها إبرام حزمة من الاتفاقيات في مجالات عدة، في مقدمتها الاقتصاد والاستثمار والطاقة والدفاع وغيرها.
وفي وقت سابق، عقد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس التركي، أمس الأول، جلسة مباحثات رسمية بقصر لوسيل، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية في شتّى المجالات، واتفقا على تكثيف عمل الفرق الفنية المشتركة لتحديد الفرص الاستثمارية في مجالات تمويل الصادرات والسياحة والطاقة النظيفة وغيرها.
وذكر الديوان الأميري القطري أنه جرى مناقشة أبرز القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية، وتم التأكيد على الرغبة القوية بتعميق التعاون الثنائي بينهما من خلال تعزيز التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية، والالتزام بالعمل معا لتعزيز وضعهما على الخريطة الاقتصادية العالمية.
فرص استثمارية
وانطلاقا من هذا المبدأ، اتفق الجانبان على تكثيف عمل الفرق الفنية المشتركة بينهما لتحديد الفرص الاستثمارية ذات المنفعة المتبادلة، خاصة في مجالات تمويل الصادرات والسياحة والطاقة النظيفة والمجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك.
وشهد الزعيمان التوقيع على البيان المشترك بين قطر وتركيا بمناسبة مرور 50 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية.
وعقدا لقاء ثنائيا تبادلا خلاله الآراء ووجهات النظر حول عدد من القضايا التي تهم الجانبين. ونوّه الأمير بالخطوات المتخذة من الجانب التركي لتحسين الوضع المالي العام وتقليل نسبة التضخم، وبمستوى التعاون المشترك في المجالات الحيوية، لا سيما في قطاعات الاستثمار والتبادل التجاري والسياحة والثقافة.
بدوره، نوه الرئيس التركي بالإمكانات الكامنة في الاقتصاد القطري، واعتبره واحدا من أقوى اقتصادات المنطقة، متطلعا إلى أن تسهم مباحثاته بقطر في تعزيز وتطوير التعاون الاستراتيجي ودفع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين إلى آفاق أرحب، وفقا للبيان.
وأهدى أردوغان الشيخ تميم سيارتين كهربائيتين من طراز (توغ) تركية الصنع، بعد أن كان قد أهدى خلال زيارته إلى السعودية (الاثنين) سيارتين من الطراز نفسه للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
وذكر أمير قطر في تغريدة أنه التقى الرئيس التركي بالدوحة «في إطار رفد تعاوننا الاقتصادي بمزيد من الفرص والآفاق الواعدة، وبما يحقق المصالح المشتركة لشعبينا»، وناقشا مختلف التحديات التي تواجهها المنطقة والعالم، وأكدا أهمية تعزيز التكاتف الدولي للتصدي لها.
السعودية وتركيا
وفي السعودية، أشاد مجلس الوزراء السعودي، برئاسة الأمير محمد بن سلمان، بالاتفاقيات التي وقّعت خلال زيارة أردوغان للمملكة الاثنين، وأبرزها توقيع وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان عقدين لشراء طائرات مسيّرة تركية، إضافة إلى خطة تنفيذية للتعاون الدفاعي، بين البلدين.
وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء بقصر السلام في جدة، أطلع ولي العهد الحكومة على «نتائج مباحثاته الرسمية مع الرئيس التركي».
ونوّه المجلس في السياق ذاته، بما شهدته «تلك المباحثات من توقيع عدد من الاتفاقيات بين المملكة والجمهورية التركية في مختلف المجالات». وأشاد بما اشتمل عليه منتدى الاستثمار السعودي - التركي من إبرام 9 مذكرات تفاهم في مجالات الاستثمار المباشر والصناعات الدفاعية والطاقة والدفاع والاتصالات.
ونشرت وكالة الأنباء السعودية (واس) بياناً مشتركا لولي العهد والرئيس التركي، أكدا خلاله أهمية استقرار أسواق الطاقة، وضرورة التزام إيران بسلمية برنامجها النووي والتعاون بشفافية مع الوكالة الذرية، وأهمية إجراء مفاوضات شاملة تشارك فيها دول المنطقة، وتتناول مصادر تهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
ورحّب الجانب التركي باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران، وأعرب الجانب السعودي عن تقديره ودعمه لتطوير العلاقات بين تركيا ومصر.
وعبّر الجانبان عن عزمهما على تعزيز التعاون والتنسيق في المجالات الدفاعية، والصناعات العسكرية، وتفعيل الاتفاقيات الموقّعة بينهما. واتفقا على أهمية تعزيز التعاون الأمني والتنسيق لمكافحة الجرائم بجميع أشكالها، وتعزيز التعاون ضد الإرهاب والتطرف وتمويلهما، وتبادل المعلومات والخبرات والتدريب.
وشدد البيان السعودي - التركي على أهمية التزام طرفَي الصراع بالسودان بوقف إطلاق النار والبناء على إعلان جدة، وأهمية اتخاذ إجراءات ضرورية لتخفيف معاناة الشعب السوداني.
وطالب البيان بضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا من خلال المفاوضات، استنادا للقانون الدولي، منوهاً بأهمية مبادرة البحر الأسود لتعزيز الأمن الغذائي وضمان استقرار الأسعار وسلاسل الإمداد.
وقدّمت السعودية وتركيا الدعم الكامل للجهود الأممية والإقليمية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، ودانتا الاعتداءات والاستفزازات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.