«ما فيش فايدة يا صفية»
تجاهل صادم من الحكومة لتوجهات واستهدافات المجتمع وأعضاء مجلس الأمة والقوى السياسية والمهنية النشطة في المجتمع، كما عبر عن ذلك ما تضمنه برنامج عمل الحكومة من أمور فضفاضة وتكرار لأنشطة موجودة أصلاً ضمن العمل النمطي المستمر منذ سنوات في الجهات الحكومية، مما لا يعد هدفا يراد تحقيقه لأنه نشاط عتيق ومستمر، مثال الشراء الجماعي بوزارة المالية المطبق منذ عشر سنوات، ويصدر له دليل الشراء الجماعي، وتتبعه الوزارات والجهات الملحقة، كيف يكون هذا العمل النمطي المستقر أحد استهدافات برنامج العمل؟ وأما الاستهدافات الأخرى فكانت أشبه بعناوين وأمنيات محكومة بوعود جاءت بصيغة سترى النور قريباً لا مشاريع محكومة بإطار كمي وزمني محدد ومدروس.
والطامة الكبرى أن برنامج العمل تضمن أموراً مستفزة ومرفوضة وغير منطقية مثل الدين العام وإعادة تسعير الخدمات الحكومية، وفرض الضرائب في ظل معاناة شعبية من ارتفاع الأسعار وإيجارات السكن مما أدى إلى رفض أعضاء البرلمان بقوة لأن ذلك يعد تجاهلاً لما طرحه الفاعلون من النواب بإعادة النظر في المرتبات وبالأخص المتدني منها خصوصا رواتب المتقاعدين.
كما طرح النواب لمواجهة عجز الموازنة الأخذ بنظام الـ«بي أو تي» في تنفيذ بعض المشاريع، بحيث تتجنب الحكومة النفقات الضخمة، بل تتحول الى مشاريع استثمارية تدر عوائد للمواطنين والدولة وتتحول الى أصول مستدامة تضمن استمرار رفد موازنة الدولة، وتقضي على العجز إن لم تحقق الوفورات.
مشكلة الحكومة وأعضاء مجلس الأمة أنهم لا يلتفتون إلى بداهات وضرورات واضحة، منها إلغاء دعم محطات توليد الكهرباء وتقطير الماء وكل محطات التكرير والصناعات النفطية التي يجب تخصيصها فوراً لأن كلفة دعم وقود هذه المحطات وصلت الى ما يزيد على 3 مليارات دينار، وكلفة وزارة الكهرباء والماء بلغت 3.200 مليارات دينار مع أنها لا تدر إلا 550 مليون دينار سنوياً، فالتخصيص وإلغاء دعم الوقود والتموين الذي يباع خارج الكويت يوفر على الدولة 6.200 مليارات دينار.
والمضحك في ظل جهاز حكومي تستوطن فيه بطالة مقنعة بلغت 80% توضع له معالجات لرفع الكفاءة وقياس الأداء وربطها بالترقيات والمكافآت، والواجب بالدرجة الأولى شفط شحوم البطالة المقنعة وترحيل العمالة الفائضة الى القطاع الخاص عبر فرض التكويت بما نسبته 60% كبداية وفرض قائمة بالوظائف التي لا يشغلها غير الكويتي، الأمر الذي طبقته المملكة العربية السعودية أفضل تطبيق ويمكن اقتباسه.
ثم نتساءل أي معالجات للموازنة العامة ذات فائدة في ظل ابتلاع بند المرتبات والأجور والدعوم ما نسبته 80% من إجمالي الموازنة؟ فالدعوم بلغت 5.9 مليارات دينار والمرتبات والأجور بلغت 14.9 مليار دينار، والله لو تحولت فيلكا إلى جزر هاواي وبنينا مدينة ترفيهية تفوق دزني لاند فلوريدا وباريس ما استطعنا أن نعوض عجز الموازنة، فلا نقول إلا كما قال سعد زغلول رحمه الله لزوجته بعد يأسه «ما فيش فايدة يا صفية»!!!