ملف سحب الجناسي (1-2)
لم يطرح ملف الجناسي المسحوبة كأولوية من بين أولويات المطالب النيابية في مستهل أعمال مجلس الأمة 2023، وربما يقدر السبب لعدم رغبة النواب في خلق بؤرة مواجهة بين السلطتين، لكن يبقى هذا الملف مطروحاً باستحقاق على الطاولة، ما دامت هناك عوائل كويتية يئن أفرادها منذ عشرات السنين من تبعات القوانين المعيبة تحت مبرر نظرية القرارات السيادية للدولة.
نظرية السيادة التي تستند إليها حكومتنا نظرية تتمسك بها عادةً الأنظمة القمعية والبوليسية، وهي تتنافى مع مقومات النظام الديمقراطي النيابي، وهذه النظرية في دور الاحتضار لدى الدول المتحضرة.
تتعذر حكومتنا عند سحب جناسي مواطنيها بأدائها لواجبها في المحافظة على المصالح العامة العليا تطبيقاً للقوانين السيادية التي سعت لتحديدها وتقديرها منفردةً كما هي حال قانون 1990/23 بتنظيم القضاء وقانون 1982/61 بإنشاء الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية، عندما كان للحكومة الكلمة العليا بمجلس 1981 وغالبية أعضائه من الموالين لها، أو خلال سنوات حل مجلس 1985.
الابتزاز السياسي لنظرية قوانين السيادة مجحف ومؤلم بحق المواطنين، وهو سيف مصلت وحبل معلق لمن يبادر في إبداء رأيه صراحةً أو يوجه سهام النقد المباشر للسياسة الحكومية وقيادييها.
نذكر نواب المجلس أن السيادة «الحقيقية» التي نص عليها دستورنا هي السيادة الوطنية على رقعة الوطن بالمادة (1) من الدستور بالإضافة إلى السيادة الشعبية كونها مصدر السلطات جميعاً بنص المادة (6)، هذه هي معاني السيادة وحقيقتها التي نفهمها وندعو للتمسك بها.
هناك تعارض صارخ بين مبدأ «حق» السلطة في تقنين قوانين سيادية تتعلق بسحب جناسي المواطنين وذلك كما هو في نص القانون 1982/61 في المادة الأولى وفي البند الخامس منها «...عدا القرارات الصادرة في مسائل الجنسية»، ومبدأ نص قانون المرسوم الأميري 1990/23 الذي ينص على «ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة»، وبموجب هذين النصين حجبت المحاكم في النظر بتلك القرارات السيادية.
هذه القرارات تعارض قواعد دستورية أرفع منها شأناً وأجل قيمة، وأسمى منها إنسانياً، فدستورنا يؤكد في نص المادة (166) «حق التقاضي مكفول للناس...»، ومن السخرية أن حكومتنا هي أول من يلجأ للقضاء مستنجدةً به دون أي حائل يمنعها أو قيد يحجزها عندما تتعرض للمآزق السياسية والعثرات الإجرائية، في حين هي في الوقت ذاته تشرع القوانين التي تعوق المواطنين عن حق التقاضي لصالح المتضررين من قراراتها السيادية التعسفية.