تعتبر مقاطعة شينجيانغ ذات الحكم الذاتي لقومية الأويغور في زاوية الصين الشمالية الغربية، الجبهة الأمامية لمكافحة الإرهاب والتطرف في البلاد، حيث شهدت المقاطعة منذ أربعينيات القرن الماضي، عمليات إرهابية للانفصاليين الإسلاميين المتشددين الذين يدعون إلى إقامة دولة «تركستان الشرقية».
في السياق، زارت «الجريدة» برفقة وفد إعلامي كويتي «معرض مكافحة الإرهاب والتطرف في شينجيانغ»، الكائن في مبنى ضخم رائع التصميم في أورومتشي، عاصمة شينجيانغ.
ويحتفي هذا المعرض بنجاح التجربة الصينية في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف عبر التنمية واحترام حقوق الأقليات.
واستمع الوفد لعرض تاريخي، من إحدى المسؤولات عن المعرض، لقضية الإرهاب في شينجيانغ وارتباط المقاطعة بالحركات الانفصالية، التي تبنّت الفكر الديني المتطرّف لإثارة النزاعات العرقية بين مكونات شينجيانغ المتعددة.
وفي شرح لجذور الإرهاب، لفتت المسؤولة عن المعرض، الذي زارته «الجريدة» ضمن الوفد الإعلامي الكويتي، إلى أن قضية شينجيانغ بدأت أوائل القرن العشرين عندما بدأ انفصاليون ومتطرّفون إسلاميون تزوير تاريخ تلك المقاطعة، عبر تضخيم الفروق الثقافية بين المجموعات العرقية، وإشاعة الانعزالية والكراهية، رافضين الثقافة الصينية، في محاولة لدفع المجموعات الناطقة بالتركية تحت شعار تأسيس «جمهورية شرق تركستان»، حيث لاتزال قوى ما يسمّى بـ «تركستان الشرقية» لا تتوقف أبداً عن البحث عن فرص لإثارة الاضطرابات والتحريض عليها في شينجيانغ المتاخمة لمناطق تتركز فيها قوى إرهابية ومتطرفة.
وفي أربعينيات القرن العشرين، بدأ هؤلاء تشكيل قوات مسلحة، وقاموا بالتخطيط وتنفيذ سلسلة من الأنشطة الانفصالية ضد حكومة بكين المركزية.
في المقابل، تشدّد بكين، على أن شينجيانغ دائماً كانت جزءاً من أراضيها منذ آلاف السنين عندما كانت تعرف باسم «المنطقة الغربية».
كما تؤكد السلطات في بكين، أنه منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، دخلت العلاقات بين الأعراق المتنوعة في شينجيانغ مرحلة جديدة تتميّز بالمساواة والتعاون والتضامن والانسجام.
واطلع الوفد على عرض مستفيض عن تاريخ العمليات الإرهابية التي شهدتها شينجيانغ، التي ذهب ضحيتها العديد من المدنيين ومن رجال الشرطة، وكان آخرها عام 2016.
كما عاين الوفد بعض الأسلحة والمتفجرات والقنابل التي صنعها الإرهابيون والتي تم استخدامها في تلك العمليات الإرهابية وضبطتها السلطات الصينية، إضافة إلى صور فوتوغرافية وأفلام مصورة، حيث يمكن مشاهدة الوحشية والطبيعة اللا إنسانية للإرهابيين في الصور المروعة للضحايا.
ويهدف هذا المعرض، إلى «توعية السكان وتعريفهم بمدى بشاعة الإرهاب وإجرام من يمارسونه، خصوصاً بعد تزايد وتيرة العمليات الإرهابية وأعمال الشغب في تلك المقاطعة، وما مثّلته من خطر كبير على السلم الأهلي وراح ضحيتها الكثير من الأبرياء»، بحسب ما أعلنت المسؤولة عن هذا المعرض، لافتة إلى «تراجع الإرهاب بشكل ملموس بعد اتخاذ حكومة شينجيانغ الإجراءات المتعلقة بحماية السكان والممتلكات»، مؤكدين أن «إقليم شينجيانغ شهد تطوراً وازدهاراً في شتى المجالات، كما ارتفع عدد السائحين بشكل كبير، ولم يشهد الإقليم أي أعمال إرهابية منذ سنوات، بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بهذا الشأن».
وبحسب المسؤولة نفسها، فإنه «وبفضل الإجراءات القائمة على القانون في السنوات الأخيرة، لم تشهد المنطقة أي حادث إرهابي منذ أكثر من 6 سنوات، وهو إنجاز بارز ضمِن لأقصى حد الحقوق الأولية والأساسية المعيشية والتنموية للسكان من جميع المجموعات العرقية في المنطقة».
وتابعت قائلة: «شينجيانغ هي ساحة معركة رئيسية في الحرب ضد الإرهاب والتطرّف في الصين، فباسم العرق والدين، استخدم المتطرّفون الدينيون بشكل خادع الهوية العرقية والمعتقدات الدينية للتحريض على التعصب الديني ونشر التطرف الديني وتحريض عامة الناس على الانخراط في أعمال عنيفة وإرهابية، وغسلوا أدمغة الناس بالجهاد وحرّضوهم على «الموت من أجل إيمانهم بالوصول إلى الجنة».
وقالت: «إن بعض أكثر الأتباع حساسية، والذين لم يعودوا يمتلكون أي ضبط للنفس، أصبحوا متطرفين وإرهابيين يذبحون الأبرياء بلا قلب».
وختمت المسؤولة كلامها قائلة: «منذ بعض الوقت، ابتليت شينجيانغ بالإرهاب والتطرف الديني، ما يُشكّل تهديداً خطيراً على حياة الناس في المنطقة»، لافتة إلى أنه «لمعالجة كل هذه الظواهر، أنشأت شينجيانغ مراكز التدريب وفقاً للقانون، للوقاية من تكاثر وانتشار الإرهاب والتطرف الديني، والحد من الحوادث الإرهابية المتكررة بشكل فعّال وحماية الحق في الحياة والصحة والتنمية لجميع المجموعات العرقية، وتم تحقيق نتائج مجدية».
وأثبتت جهود مكافحة الإرهاب التي استلزمها الوضع في شينجيانغ، فاعليتها في حماية حقوق الإنسان في الحياة والصحة والتنمية، والحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين.
ومع تحقيقه تقدماً كبيراً في مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف، فإن إقليم شينجيانغ لديه ما يبرر بقوة مواصلة نهجه القائم على القانون لمكافحة «القوى الثلاث» المتمثلة في: الإرهاب والتطرّف والانفصالية والتي عمدت إلى تدبير وتنظيم وشن الكثير من الهجمات الإرهابية العنيفة والاعتداءات والاضطرابات وأعمال الشغب، مما أودى بحياة عدد كبير من الأبرياء فضلاً عن خسائر بالممتلكات لا يمكن حصرها.
وكان مدير مكتب الشؤون الخارجية لمنطقة شينجيانغ الذاتية الحكم لقومية الأويغور، شمال غرب الصين، شيو غويشيانغ، قال خلال لقاء مع «الجريدة» إن الصين نجحت في القضاء على الإرهاب بمدة قصيرة لمكافحتها هذه الآفة بحزم وقوة، وعدد أربعة بنود اعتمدتها بلاده في مكافحتها الإرهاب، وهي: الالتزام باتفاقيات الأمم المتحدة، والتعامل بحزم ومن دون رحمة مع الإرهابيين الخطيرين، وتحسين التعليم لدى الشرائح التي تتلقى تعليماً جيداً وغالباً ما تتأثر بالفكر المتطرف، وتحسين المستوى المعيشي للسكان، لأن الفقر يكون محفزاً لمعارضة الحكومة.