نتنياهو «المريض» يتمسك بالتصويت على التعديلات القضائية
• وزير الدفاع قد يمتنع عن الاقتراع لتجنيب الجيش انقسامات خطيرة
• الكنيست يصوّت اليوم نهائياً على أبرز بنود التعديلات القضائية... والمعارضة تصعّد
عاشت إسرائيل حالة من حبس الأنفاس عشية تصويت الكنيست (البرلمان) النهائي على مشروع قانون للحد من قدرة المحكمة العليا على إبطال قرارات الحكومة والوزراء، إذا اعتبرت أنها اتُّخِذت «على أساس غير معقول»، أو ما يسمى «علة المعقولية»، والذي يعد أحد أبرز بنود التعديلات القضائية التي يقترحها الائتلاف الحكومي الديني القومي الحاكم.
ورغم مكوث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس في المستشفى بعد أن زرع له الأطباء جهازاً لتنظيم ضربات القلب، مساء أمس الأول، فإن «بيبي» يبدو مُصرّاً على قيادة إسرائيل نحو ما يعتبره البعض أخطر انقسام في تاريخها. فبعد منتصف يوم أمس ظهر نتنياهو (73 عاماً) في شريط مصور يؤكد فيه أنه بصحة جيدة، وأنه سيتوجه اليوم إلى جلسة التصويت في الكنيست، وذلك بعد أن أعلن مكتبه تأجيل زيارتين مخططتين إلى قبرص وتركيا.
وبدأ النواب أمس مناقشة القانون قبل التصويت عليه اليوم بالقراءتين الثانية والثالثة ليصبح قانوناً نافذاً، في حين تدفق عشرات الآلاف على القدس للاحتجاج.
وصعّدت المعارضة تحركاتها داعية إلى تظاهرات جديدة، بينما قدمت نقابة العمال العامة «الهستدروت» مقترح تسوية، مهددة، في الوقت نفسه، بإضراب عام قد يشل البلاد.
ومع اتساع نطاق الأزمة ليشمل الجيش مع تهديد المئات من جنود الاحتياط المتطوعين بالانقطاع عن الخدمة، إذا مضت الحكومة قدماً في إقرار القانون، حذّر قائدان سابقان للجيش والأمن من أن الأمن القومي يتعرض بذلك للخطر، وسط معلومات بأن وزير الدفاع يوآف غالانت يدرس الامتناع عن التصويت، إذا لم يتم التوصل لتسوية، في خطوة يبدو أن الهدف منها تجنيب المؤسسة العسكرية مزيداً من الانقسامات. وكانت واشنطن نصحت نتنياهو بالوصول إلى تسوية مع المعارضة.
وفي تفاصيل الخبر:
مكث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس في المستشفى بعد أن زرع له الأطباء جهازاً لتنظيم ضربات القلب، في وقت تدفق عشرات الآلاف على القدس للاحتجاج على قانون التعديلات القضائية المثير للجدل في البرلمان (الكنيست)، الذي من المقرر إجراء تصويت نهائي عليه اليوم، في خطوة قد تسبب انقساماً داخلياً غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية.
وظهر نتنياهو لاحقاً في شريط مصور وقال إن صحته جيدة جداً وينوي الذهاب الى جلسة الكنيست غداً.
وذكر مكتب نتنياهو أن إجراء زرع منظم ضربات القلب تم بسلاسة وتوقع خروج رئيس الوزراء من المستشفى خلال ساعات، مضيفاً أن زيارتين مخططتين إلى قبرص وتركيا ستتأجلان لموعد آخر.
من شأن ذلك أن يمنح نتنياهو وقتاً كافياً للمشاركة في التصويت النهائي في البرلمان اليوم على بند أساسي في خطة التعديلات القضائية المثيرة للجدل جداً، والتي تسببت في إشعال احتجاجات واسعة النطاق لأشهر، وأثارت القلق في الخارج بشأن وضع الديموقراطية في «إسرائيل».
وبدأ النواب أمس، مناقشة مشروع قانون للحد من قدرة المحكمة العليا على إبطال قرارات من الحكومة والوزراء إذا ما اعتبرت انها اتُّخِذت «على أساس غير معقول» قبل التصويت عليه اليوم بالقراءتين الثانية والثالثة ليصبح قانوناً نافذاً.
ويقول الائتلاف القومي الديني بزعامة نتنياهو، إن مشروع القانون ضروري لتحقيق التوازن بين أفرع السلطة، لأن المحكمة صارت شديدة التدخل في المجال السياسي، في حين يشدد المعارضون على أن المحكمة تضطلع بدور حاسم في حماية الحقوق المدنية في بلد ليس له دستور وله برلمان من مجلس واحد تهيمن عليه الحكومة.
واتسع نطاق الأزمة ليشمل الجيش مع تهديد المئات من جنود الاحتياط المتطوعين بالانقطاع عن الخدمة إذا مضت الحكومة قدماً في إقرار القانون، ومع تحذير قائدين سابقين للجيش والأمن من أن الأمن القومي يتعرض بذلك للخطر.
وشارك عشرات الآلاف من الإسرائيليين المعارضين للتعديلات القضائية في مسيرات مناهضة.
ودعت المعارضة أمس، مجدداً أنصارها للتظاهر حول المباني الحكومية في القدس الغربية، بالتزامن مع جلسة الكنيست، في حين حذّر رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي من أضرار بالغة ستلحق بكفاءة الجيش حال تمرير التعديلات، قدمت نقابة العمال العامة مقترح تسوية.
وألغت الشرطة الإسرائيلية الإجازات الأسبوعية لعناصرها استعداداً لتظاهرات عارمة. وبحسب منظمي التظاهرات، فقد شارك نحو 550 ألف شخص في تظاهرات السبت، منهم 240 ألفاً في تل أبيب ونحو 100 ألف بالقدس، والباقون في مدن حيفا ونتانيا وكفار سابا وبئر السبع والكثير من المناطق الأخرى، رفضاً لما سموه الانقلاب القضائي.
في هذه الأثناء، أعلنت نقابة العمال العامة في إسرائيل «الهستدروت» أنها قدمت مقترح تسوية إلى الائتلاف الحاكم بخصوص تعديل القانون الذي يستهدف تحييد عمل المحكمة العليا وتقييد قضاتها.
وأوضح الاتحاد العمالي، أن عدم قبول التسوية المقترحة خلال ساعات يعني اجتماعها مجدداً لاتخاذ قرارات بشأن خطواتها المستقبلية، حيث يُرجح أن تعلن إضراباً عاماً يشلّ إسرائيل بالكامل.
في غضون ذلك، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن وزير الدفاع يوآف غالانت يدرس الامتناع عن التصويت إذا لم يتم التوصل لتسوية.
وكشفت القناة 12 الإسرائيلية، أن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، حذّر القادة السياسيين بأن «ضرراً حقيقياً سيصيب كفاءة الجيش خلال 48 ساعة حال تمرير خطة التشريعات القضائية»، دون مزيد من التفاصيل.
وأفادت المعلومات بأن هاليفي طلب بشكل عاجل لقاء نتنياهو لبحث تداعيات انضمام جنود الاحتياط للطيارين في رفضهم الخدمة العسكرية.
من جهته، قال يوسي كوهين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، إن الجدل الدائر حول تحييد دور المحكمة العليا خطرٌ على منَعة الدولة على المدى القريب.
ودعا كوهين في مقال في صحيفة «يديعوت احرونوت» إلى إبقاء الجيش الإسرائيلي خارج نطاق الخلاف السياسي، ووقف إجراءات التشريع في الكنيست والعودة فوراً إلى طاولة المفاوضات.
ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية أن كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية حذروا من أن ما تقوم به حكومة نتنياهو شديد الخطورة على «النسيج الاجتماعي في إسرائيل»، ومن شأنه شق «الجيش والشعب» على نحو لا يمكن توقع تداعياته السلبية، وإتاحة المجال لاستبداد يميني عقائدي متطرف.
في السياق ذاته، أيد رؤساء سابقون لهيئة أركان الجيش وجهازي «الموساد» والأمن العام «الشاباك» إعلان 10 آلاف من قوات الاحتياط امتناعهم عن التطوع في الخدمة العسكرية الاحتياطية، في حال مررت الحكومة القوانين.
في المقابل، قال وزير العلوم الإسرائيلي إن ما «نشهده هو محاولة انقلاب عسكري»، مضيفاً «أقول للطيارين إن صوتكم في الانتخابات يساوي صوت أي ناخب آخر».
وساهم الغضب من التعديلات في توتر العلاقات مع الولايات المتحدة، إضافة إلى تصاعد العنف الإسرائيلي ــ الفلسطيني، والسماح بتقدم البرنامج النووي الإيراني. وحثت واشنطن نتنياهو على السعي إلى توافق واسع.