مساران متوازيان أطلقا حول لبنان، لا بدّ لهما أن يلتقيا في مكان ما، المسار الأول زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت، والمسار الثاني زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي الى إيران.

التحركان يهدفان الى البحث عن قواسم مشتركة تسهم في الوصول الى تسوية سياسية شاملة في لبنان تنتج رئيساً للجمهورية وتسمح بتشكيل حكومة. هذه التحركات ستستمر طوال الفترة المقبلة، ومن الآن حتى شهر سبتمبر المقبل، المهلة التي وُضعت بانتظار موعد الاجتماع الخماسي الثاني الذي سيُعقد في باريس.

Ad

يأتي لودريان الى بيروت حاملاً تصوّراً واضحاً عن اجتماع «خماسية الدوحة»، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية متابعة، وتفيد تلك المصادر بأن الأساس في زيارة لودريان هو إبلاغ حزب الله وحركة أمل بالموقف الدولي الصارم في الاعتراض على خيار سليمان فرنجية، وأنه لا بدّ من البحث عن مرشح ثالث.

ويبدأ لودريان جولته من عين التينة، حيث سيلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويبحث معه في فكرة الحوار التي رُفضت من قبل «خماسية الدوحة» ومن قبل أفرقاء لبنانيين، ومن المتوقع أن يبلغه الموقف الدولي، على أن يسمع ردّة فعله وما سيفعله الثنائي الشيعي. وهنا تقول مصادر متابعة إن «الثنائي» سيبقى متمسكاً بخيار فرنجية، ولن يتخلى عنه، وفي حال استمر الوضع على حاله، فإن الحزب لن يكون متساهلاً ولن يقدّم التنازلات، إذ لا بديل بالنسبة إليه عن فرنجية، وأي بديل لا بدّ أن يكون مرتبطاً بحوار مباشر معه يؤدي الى منح ضمانات سياسية أساسية.

في المقابل، ترى مصادر دبلوماسية أن ما كان تحت الطاولة قد وُضع فوقها، وذلك في ظل المواقف الواضحة على المستوى الدولي، مما يعني أن آلية التفاوض يُفترض أن تتغير. في هذا السياق يبرز الحراك القطري المتجدد، انطلاقاً من زيارة الوزير القطري الخليفي الى إيران، والتي بحث فيها ملف الاتفاق النووي وإعادة إحياء المفاوضات مع إيران، إضافة الى البحث في الملف اللبناني، وهنا تقول مصادر دبلوماسية غربية إنه حصل تواصل مع الإيرانيين حول الملف اللبناني، مضيفة أن نتيجة التواصل كانت إيجابية وقد أكدت إيران حرصها على الاستقرار في لبنان والوصول الى توافق، وأنها جاهزة لتقديم المساعدة اللازمة تسوية.

وفي هذا الإطار، تقول المصادر إنها المرة الأولى التي تقدم فيها إيران مثل هذا التعهد، إذ كانت في السابق تشير الى أنها توكل الملف الى الحزب، وهذا أمر لا يزال ثابتاً، ولكنها تفتح مساراً أمام التواصل مع الحزب والتفاوض معه.

وبحسب المعلومات، فإنّ التفاوض سيكون على سلّة شاملة تشمل انتخاب الرئيس، واختيار رئيس الحكومة، وتعيين حاكم للمصرف المركزي وقائد للجيش، إضافة الى الاتفاق على وضع خطة اقتصادية تتلاءم مع المقتضيات الدولية. ولا بدّ لذلك أن يتسارع في الشهرين المقبلين والوصول الى توافق في حدود نهاية السنة، تجنّباً للفراغ في موقع قيادة الجيش، والذي سيُدخل البلاد في مرحلة جديدة من التحلل، في حال حصل.