الصين: إقالة مفاجئة لوزير الخارجية «المختفي» لا تنهي الغموض
• تعيين حاكم جديد للبنك المركزي... وشي يدعو إلى الإسراع في إصلاح القوات المسلحة
بعد أسابيع من الشكوك والتكهنات بشأن مصير وزير الخارجية الصيني، تشين غانغ، الغائب عن الظهور العلني منذ شهر، صوّتت أعلى هيئة تشريعية في الصين، اليوم، على إقالة تشين وإعادة سلفه وانغ يي إلى المنصب، في قرار صدّق عليه الرئيس شي جينبينغ.
وأوردت وكالة أنباء «شينخوا» أن الجلسة الرابعة للجنة الدائمة للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني، صوّتت لمصلحة تعيين وانغ يي، وإقالة تشين.
وأثار غيابه تكهنات بأن غانغ، الذي يعتبر من المقربين من الرئيس شي وأحد كاتمي أسراره، فقد مكانته، أو أنه يخضع لتحقيق رسمي في علاقة مزعومة.
وأتى التغيير على رأس وزارة الخارجية بعد شهر من غياب تشين عن الحيّز العام، إذ ظهر للمرة الأخيرة في 25 يونيو مستقبلاً نائب وزير الخارجية الروسي أندري رودنكو في بكين.
وأكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية، ماو نينغ، أمس، أن «النشاطات الدبلوماسية للصين تمضي قُدماً بشكل ثابت». ورداً على سؤال بشأن غياب الوزير، قالت: «لا معلومات لديّ للإدلاء بها».
وكانت وزارة الخارجية الصينية أكدت في وقت سابق أن «أسباباً صحية» تقف خلف غياب تشين، لكنّ ذلك لم يسهم في وقف انتشار شائعات عبر الإنترنت يفيد بعضها بأن تشين يخضع لتحقيق رسمي على خلفية علاقة مزعومة مع مذيعة تلفزيونية بارزة.
وكان تشين المتحدّر من مدينة تيانجين (شمال شرق)، يتعامل مع الرئيس الصيني بشكل متكرر بحكم منصبه السابق كرئيس إدارة المراسم (البروتوكول) في وزارة الخارجية.
وساهمت ترقيته على حساب مرشّحين أكثر خبرة، أولاً إلى سفير للصين في واشنطن ثم وزير للخارجية، في الثقة التي منحه إياها شي مباشرة.
وخلف تشين وانغ كوزير للخارجية في ديسمبر من العام الماضي. وقبل تعيينه وزيراً، كان سفيراً للصين في واشنطن، في منصب عزّز خلاله من حضوره العلني عبر المشاركة في مناسبات عامة وإطلالات إعلامية متكررة لشرح موقف بلاده من قضايا عدة.
كما شغل في السابق منصب الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وكان معروفاً بردوده اللاذعة على الأسئلة المُحرجة من الصحافيين.
وخلال الشهر الماضي، سلّمت العديد من مسؤوليات تشين إلى وانغ، كبير الدبلوماسيين الصينيين الذي يقود السياسة الخارجية للحزب الشيوعي الحاكم، حيث يتولى منصب مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية باللجنة المركزية للحزب، ويتفوق على تشين في التسلسل الهرمي الحكومي.
ورغم ذلك، ترك غياب تشين فراغاً على رأس وزارة الخارجية الصينية، وبدأ ينعكس على جدول أعمال زوّار بكين الأجانب.
وبعد أن تغيّب عن قمة دبلوماسية دولية في إندونيسيا، قالت الوزارة إنه في إجازة بسبب مشكلة صحية لم تكشف عنها، لكنّ عدم وجود معلومات تفصيلية أثار موجة من التكهنات.
وبشكل غير متوقع، أُرجئت هذا الشهر زيارة لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، كذلك أوردت وكالة بلومبرغ أن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قام بخطوة مماثلة بسبب غياب تشين.
ووانغ، موجود حالياً في جوهانسبرغ، حيث شارك في اجتماع كبار الممثلين المسؤولين عن المسائل الأمنية لدول «بريكس» والدول الصديقة لها، قبل القمة المقررة للمجموعة الشهر المقبل. والتقى وانغ العديد من المشاركين في الاجتماع بينهم سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان.
إقالة حاكم «المركزي»
إلى ذلك، تمت اليوم إقالة يي غانغ من منصب محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، وفقاً لقرار تم تبنيه خلال الجلسة الرابعة للجنة الدائمة للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب.
وكان المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني عقد اجتماعاً أمس لتحليل الوضع الاقتصادي الحالي. وأشار الاجتماع إلى أن «الاقتصاد الصيني يواجه حالياً صعوبات وتحديات جديدة تتمثل في الطلب المحلي غير الكافي والصعوبات في تشغيل بعض الشركات والمخاطر والأخطار الخفية في المجالات الرئيسية، فضلاً عن البيئة الخارجية القاتمة والمعقّدة».
إصلاح الجيش
في سياق متصل، شدد الرئيس الصيني، اليوم، على «تعزيز التنمية العالية الجودة للقوات المسلحة من خلال الحوكمة الرفيعة المستوى»، خلال ترؤسه جلسة دراسة جماعية عقدها المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
وعُقدت الجلسة قبيل حلول يوم الجيش الصيني، الذي يُصادف أول أغسطس المقبل.
وأشار شي إلى «ضرورة الإدراك بأهمية تعزيز الحوكمة العسكرية على نحو شامل، مؤكداً أن جيش التحرير الشعبي، في ظل التقدمات السريعة بالثورات العلمية والتكنولوجية العالمية والتغيرات العميقة في الشؤون العسكرية، يمرّ بمرحلة حاسمة يسعى فيها إلى تحقيق أهداف الذكرى المئوية لتأسيسه».
وقال شي إنه ينبغي «بذل الجهود أيضاً لتعزيز إدارة الإنفاق العسكري والرقابة عليه، ودفع الابتكار في الحوكمة الاستراتيجية».
وفي معرض تشديده على الحاجة إلى تكامل الحوكمة العسكرية مع الإصلاح وسيادة القانون، حثّ شي على «بذل جهود لترسيخ وتوسيع الإنجازات في إصلاح الدفاع الوطني والقوات المسلحة وتسريع تنفيذ القواعد واللوائح والرقابة».