لبنان بعكس فلسطين المحتلة ينعم بثروة مائية لا تقدر بثمن، يسمونه بلد الـ14 نهراً، لم يستفد من هذه الثروة، بل تذهب هدراً، إما إلى البحر عن طريق الليطاني، أو إلى إسرائيل عن طريق نهر الوزاني، فكنا نسمع عن رفع منسوب مياه الليطاني منذ أن وضع هذا الملف بأيدي زعماء سياسيين احترفوا احتكار الطوائف على أن تصل المياه إلى ارتفاع 600 ثم 800 متر، كي تروي وتكفي سكان منطقة جنوب لبنان.

هذا المشروع، ووفق معطيات اليوم، لم يعد قابلاً للحياة، بل الكارثة ليست هنا لأن المطلوب أبعد وأخطر من ذلك، فقد اكتشف أحد العلماء اللبنانيين والمختص بالمياه الجوفية، ويدعى د. كمال سليم مادة سامة عبارة عن بكتيريا استوطنت بحيرة القرعون، وقضت على نحو 186 نوعاً من الأسماك، لم يتبق منها سوى نوع واحد يسمى carp.

Ad

تلك الحقائق يطرحها خبير المياه الجوفية د. سمير زعاطيطي من زاوية أخرى، وهي ماذا سنفعل بالترسبات السامة بعد مرور سنوات على وجودها في البحيرة؟ وأين سيتم تخزينها في حال تم القرار بالتخلص منها؟ ومن سيتولى معالجتها؟

من وجهة نظره المطلوب اليوم فرض حجر على البحيرة وعلى نهر الليطاني معاً لأن مادة (سيان بكتيريا) تحتاج إلى معالجات فنية عالية، وتمويل ضخم لا يملك لبنان ولا مصلحة الليطاني الإمكانات اللازمة التي تمكنه من السيطرة عليها، فالليطاني كما يصفه نهر قارب على الموت وبحكم المنتهي، لشدة التلوث السام الذي يعانيه، باستثناء جزء قصير يبدأ من نقطة ما بعد (عين الزرقاء)، وإذا أردت معرفة المتسبب بهذه (الجريمة البيئة) فاسأل السلطة السياسية وأصحاب القرار والمتحكمين بالأرض البشر.

بلد الـ14 نهراً يقف اليوم عاجزاً عن الاستفادة من نقطة مياه واحدة من نهر الوزاني، وممنوع عليه أن يمد قسطلاً واحداً لجر المياه من النهر ضمن حدوده وسيادة أراضيه! وانظر ماذا يجري على الجانب الآخر من الحدود ومن النهر، أي إسرائيل! فقد أقام المستوطنون ومنذ سنوات وبرعاية دولة الاحتلال أربع مزارع للأسماك تتغذى على أنقى المياه الغنية بالمعادن تصلها من نهر الوزاني، تنتج نوعاً من الأسماك يعرف باسم (طرباني) وهو من أجود الأنواع، وما زالت هذه المزارع حتى أيامنا هذه، في حين ممنوع على لبنان أن يقيم أي منشأة عليه، ومن يحتاج للمياه وما أكثرهم فإن عليه حفر بئر ارتوازية والسحب من المياه الجوفية لا من مياه النهر الجارية التي تنبع من أراضيه، إنما شرط الحصول على رخصة وهي مسألة شائكة ومعقدة لا يحظى بها غير المحسوبين على قوى سياسية تتحكم بالأرض والقرار.

نهر الوزاني طاقته السنوية من المياه تقدر بـ130 مليون متر مكعب، تغذيه ثلوج جبل الشيخ، تذهب إلى إسرائيل بعد جريانها في الأراضي اللبنانية نحو 13 كلم وتصب في (إصبع الجليل) كون المنطقة هي المنخفضة، أما الجنوب فهو الأكثر ارتفاعاً في الموقع الجغرافي.

في لبنان مخزون جوفي ضخم من المياه، يجري عبر نهر الوزاني، لا يسمح له ولا يستطيع أحد الاقتراب منه أو الاستفادة من مياهه سوى إسرائيل!