بويوسف، صديق عزيز، قليل الكلمة كثير الحكمة، ذو تجربة ثرية متنوعة إدارياً وثقافياً وفنياً، يكرر على الدوام عتاباً مفاده أن الكويتيين لا يستحقون واقعهم الحالي الآخذ في التراجع بل يستحقون أفضل من ذلك بكثير، تنطلق قناعته من قراءة لقدرات وخبرات الكويتيين وسجلهم الحافل في تحويل التحديات إلى قصص نجاح ملهمة، فاته استناد رأيه على التاريخ لا الحاضر.

سأعود إليك يا أبا يوسف، ولكن بعد إحالتك إلى واقعنا ناقلاً ما سمعته من أبناء أخي المتراوحة أعمارهم بين الخامسة والثامنة عشرة (عدا الجعدة الشقي) فور عودتهم من دبي ذات الـ 15 مليون سائح سنوياً بأرقام لا تكذب (أكثر من 75 ضعف الكويت التي أفردت محوراً في خطتها المخادعة للسياحة!) عندما سألتهم عن رأيهم في تلك الإمارة النابغة مقارنةً بوطنهم، سخرية لاذعة أحاطوها بي متمحورة حول مقولة «من صجّك عمّو؟!» لماذا لم يقولوا عمّي؟ وا أسفاه على هويتنا الوطنية المقدسة، لم يضطلع هؤلاء الصغار بالسياسة وبديموقراطيتنا المنحرفة والمختطفة التي نتباهى بها، ولا بالاقتراحات السفيهة التي تجعل من محاربة السحر وعمليات التجميل بذريعة الشريعة أولوية هروباً من الاستحقاقات الحقيقية الاقتصادية والحقوقية والإسكانية والتعليمية والصحية وغيرها، بلغ عدد الناخبين الذين صوتوا للنواب مقترحي سجن من يجمّل نفسه 28.360 ناخباً بالتمام والكمال، هنيئاً لنا بواقعنا ومستقبلنا «الجيكر» غير القابل للتجميل!

Ad

يا بويوسف لا تعاتب من جفاك، مطلع أغنية خمّارية بديعة، كتبها حاكمنا الاستثنائي المحبوب الشيخ عبدالله السالم الذي آمن بشعبه وبوطنه فعلاً لا قولاً محتجباً بلقب «المُحتَجِب» وهو الذي لا تسعه الألقاب لما قدّمه للكويت، لا أستعير تعبيراً أفضل من هذا المطلع للرد على حِبرنا، يا بويوسف لا تعاتب الشعب الذي جفاك منتصراً للقرون الوسطى، ومن زهد بوطنه وبمستقبله خلّه يروح في غَيَابَةِ الْجُبِّ، طالما كانت هذه اختياراتنا فنحن نستحق حالنا ومآلنا بجدارة، ومستقبلنا شاهدنا.