تقدّم ملف مصير حاكمية مصرف لبنان قبل أيام من انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، على برنامج زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى بيروت جان إيف لودريان.
فبالتزامن مع وصول لودريان إلى العاصمة اللبنانية، فجّر رئيس مجلس النواب نبيه بري قنبلة من العيار الثقيل بإعلانه تحديد موعد لعقد جلسة حكومية هدفها تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي.
موقف خطف الأضواء من مضمون الجولة الفرنسية والتي يعلم اللبنانيون مسبقاً أنها لا تحمل شيئاً جديداً، سوى وضع المسؤولين في صورة ما جرى خلال اجتماع الدوحة الخماسي، وتشديد الفرنسيين على فكرة المشاورات الثنائية بين القوى على أن يكون موضوعها محصوراً بمواصفات الرئيس العتيد وسبل انتخابه وألا تتوسع لتشمل ملفات أخرى.
موقف بري يمثل تجاوزاً للحكومة وصلاحياتها، ويفتح أبواب الصراع واسعاً مع القوى المسيحية.
ولكن بري يعلم غياب أي إمكانية لتعيين حاكم جديد نظراً لعدم توفر النصاب القانوني لعقد الجلسة، في ظل رفض حزب الله والتيار الوطني الحرّ وتيار المردة، ولذلك أراد رمي كرة المسؤولية لدى القوى الأخرى بالقول، إنها هي تتحمل مسؤوليات تداعيات خروج رياض سلامة بدون تعيين بديل، وبالتالي أراد التخفف من الأعباء التي قد تلقى على نائب الحاكم الأول.
الصراع سيشتد حول حاكمية مصرف لبنان، خصوصاً أن بري يبرئ نفسه من تسلّم شيعي لصلاحيات الحاكم، وهو يحمّل مسؤولية ذلك إلى المسيحيين الذين رفضوا تعيين حاكم أصيل.
في المقابل طلب زعيم «التيار الوطني» جبران باسيل من وزير العدل هنري خوري أن يعمل على إعداد مشروع لتعيين حارس قضائي على المصرف المركزي، وهو مشروع كان يتم التحضير له خلال رئاسة ميشال عون.
هذه التطورات خطفت الأضواء من زيارة لودريان، والذي جال للقاء مختلف المسؤولين، مشدداً على فكرة أساسية وهي ضرورة التحاور للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية مع اسقاط اجتماع الدوحة الخماسي الفكرة التي كانت تلقى حماساً فرنسياً لعقد طاولة حوار وطني موسع وشامل، وذلك لتجنب الذهاب نحو مطالبات بتعديل صيغة النظام اللبناني أو اقتراح تعديلات دستورية.
تمخضت نتائج زيارة لودريان على ضرورة إجراء محادثات سريعة بين الكتل النيابية المختلفة بشكل ثنائي في شهر سبتمبر المقبل ضمن مهلة زمني محددة وتبدأ من الصفر أي من دون طروحات مسبقة بغية الاتفاق على البرنامج أولاً وعلى المرشح الرئاسي ثانياً، ومن المفترض أن تنتهي بعقد جلسات برلمانية متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية.