نعود لنذكر القراء بأن القوانين السيادية تفقد مشروعيتها عندما توقع التعسف الحكومي على المواطنين، سالبةً منهم حقوقهم وحرياتهم وهويتهم الوطنية، وتحولهم إلى أشباح لا هوية لهم.

فحكوماتنا السابقة استغلت الظروف السياسية (حل البرلمان) منذ عام 1986 وأصدرت مرسوما بقانون 1990/23 بمادته الثانية التي تحجب القضاء عن النظر في الأعمال السيادية، دون أن تعرّف تلك الأعمال السيادية أو تحددها أو الحالات التي تشملها، مستغلةً المادة (71) من الدستور التي تنص على: «... جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفةً للدستور...».

Ad

الاستغلال السيئ من قِبَل الحكومة للنصوص الدستورية لإسباغ الشرعية على قراراتها وإجراءاتها لا يوسِم الأخيرة بالمشروعية، لأن المشروعية عند الشعب هي مدى رضاه عن مصداقية الحكومة في تطبيق نصوص الدستور وروحِهِ على العلاقات القائمة بينها وبين الشعب، ومدى التزامها وحرصها على أن تكون قراراتها وسلوكها تحت الولاية القضائية والمحاسبة البرلمانية والقبول الشعبي لها.

نعود ونذكر نوابنا الكرام بالمادة (7) من الدستور ونصها «... ولا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها إلا بقانون...»، وقانون الجنسية الصادر بالمرسوم الأميري 1959/15 وفي المادة (13) منها المتعلقة بسحب الجنسية، لا تسري أسباب السحب إلا على المواطنين المتجنسين وفق المواد (4- 5- 7- 8) في حين الكويتي بالتأسيس أو بصفة أصلية لا يجوز سحب الجنسية منه ولو توافرت بشأنه أي حالة من الحالات المنصوص عليها في هذه المادة.

وإذا كان المواطن الكويتي حسب نص المادة (28) من الدستور التي تقرر «لا يجوز إبعاد الكويتي عن الكويت أو منعه من العودة إليها»، فكيف تستقيم الأمور إذا سحبت جنسيته منه، والتي تمثل مصداقية انتمائه المادي والمعنوي لوطنه، منتزعةً إياه من محيطه الاجتماعي بالكامل.

من المخزي أن يقدم القتلة وعتاة المجرمين إلى ساحة القضاء، في حين يحرم المواطن من حقه في التقاضي لاسترداد جنسيته المسحوبة وهو أصلاً لم توجه إليه أي تهمة، ولم يقدم ضده أي دليل يدينه،

فكيف تسحب جنسيته والمادة (34) من الدستور تنص على: «المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية...».

الحل المطلوب من نواب مجلس 2023 أولاً أن يتفاهموا ويتوافقوا مع الحكومة على إصدار مراسيم قوانين لاسترجاع الجناسي المسحوبة، وثانياً أن يتم سريعاً تعديل البند الخامس من المادة الأولى من قانون إنشاء الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية، وإلغاء المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء، ومسح ما علق بهما من آثار نظرية السيادة.