توجه الأميركيون إلى صناديق الاقتراع، أمس، للمشاركة في واحدة من أهم انتخابات التجديد النصفي، والتي سيكون لنتائجها تأثيرات داخلية على الديموقراطية الأميركية ومسارها المستقبلي، وخارجية في وقت يعيش العالم تغيرات جيوبولوتيكية كبيرة، أبرزها عودة الحرب إلى أوروبا، وخطر الحرب النووية وشبح حرب باردة بين واشنطن وبكين.

وأُنفقت ملايين الدولارات على الحملة، مما يجعل من هذه الانتخابات النصفية الأغلى في تاريخ الولايات المتحدة. ويعد التصويت في الانتخابات حاسماً بالنسبة للنصف الثاني من ولاية الرئيس الديموقراطي جو بايدن، وسلفه دونالد ترامب، في الوقت الذي يلمح الأخير إلى الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2024 وقد أكد بالفعل أنه سيقوم بإعلان مهم الأسبوع المقبل. وكعلامة على اهتمام الأميركيين بهذه الانتخابات، أدلى أكثر من 43 مليون منهم بأصواتهم بشكل مبكر بحلول مساء أمس الأول.

ويجري التصويت على جميع مقاعد مجلس النواب الـ 435، و35 مقعداً في مجلس الشيوخ (ثلث المقاعد الـ 100) أغلبها في ولايات يسيطر عليها الجمهوريون. ويشغل الديموقراطيون حالياً 222 مقعداً في «النواب» مقابل 213 للجمهوريين، بينما تنقسم مقاعد مجلس الشيوخ بالتساوي بين الحزبين (50 لكل منهما) إلا أن صوت نائبة الرئيس كمالا هاريس يعطي الأغلبية للديموقراطيين.
Ad


وبعد حملة شرسة ركزت على التضخم، يبدو الجمهوريون واثقين من فرصهم في تجريد بايدن من أغلبيته في مجلسَي الكونغرس. وأظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز- إبسوس» أمس الأول تراجع شعبية الرئيس بايدن نقطة واحدة لتصل إلى 39 في المئة. ويتوقع مراقبون أن يحصل الجمهوريون على أكثرية مريحة، قد تكون الأكبر منذ 20 عاماً، في مجلس النواب، ولا يستبعد معظمهم إمكانية نجاحهم في الفوز بالمقعد الوحيد الذي يحتاجون إليه للسيطرة على مجلس الشيوخ.

وسيكون لفقدان السيطرة على مجلسَي الكونغرس عواقب وخيمة على بايدن الذي أعرب عن «نيّته» الترشح في عام 2024، مما يُنذر بإعادة مشهد الانتخابات الرئاسية في 2020، كما سيقضي ذلك على جهود بايدن للحفاظ على حق الإجهاض ومزايا اجتماعية أخرى ضمن أولويات أجندة الديموقراطيين التشريعية. ويخطط الجمهوريون لاستخدام سقف الدين الاتحادي وسيلة ضغط للمطالبة بتخفيضات كبيرة في الإنفاق وجعل التخفيضات الضريبية للأفراد التي أقرها ترامب في عام 2017 دائمة، وكذلك إلى حماية التخفيضات الضريبية للشركات التي حاول الديموقراطيون إلغاءها دون جدوى خلال العامين الماضيين.

لكن الأمر يتجاوز الداخل الأميركي، إذ لوح الجمهوريون بإجراء تحقيقات حول الانسحاب من أفغانستان وبالتدقيق في المساعدات الممنوحة لأوكرانيا، فيما ذهب قسم منهم أبعد من ذلك متعهداً بوقف المساعدات بالكامل، مما دفع البيت الأبيض إلى التأكيد أمس الأول أن دعم كييف سيتسمر أياً كانت نتائج الانتخابات وكذلك مكافحة تغير المناخ وسياسة بايدن للطاقة سيكونان على المحك. وقد تنعكس الانتخابات أيضاً على الخلاف بين بايدن والسعودية، إذ عبرت شخصيات جمهورية عن عدم رضاها على رد فعل الإدارة على قرار مجموعة «أوبك بلاس» الأخير خفض إنتاج النفط، معتبرين أن بايدن يحمّل الرياض مسؤولية فشل سياسات الطاقة الخاصة بإدارته.

وعشية الاقتراع، دعا بايدن الناخبين إلى «الدفاع عن الديموقراطية» في مسعى لكسب الأصوات من اليسار والوسط عبر تصوير المعارضة الجمهورية على أنها تهديد للديموقراطية والمكتسبات الاجتماعية، لكنّه أقر بأن الاحتفاظ بالسيطرة على المجلسين سيكون «صعباً» دون أن يستبعد الفوز بهما.

في المقابل، قال ترامب في تجمع بأوهايو: «إذا كنتم تريدون وضع حد لدمار بلادنا وإنقاذ الحلم الأميركي، يجب أن تصوتوا للجمهوريين». كما وجه إهانات لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.

وتشهد بعض الولايات الرئيسية انتخابات محتدمة، وهي نفسها الولايات التي كانت بالفعل على المحك في رئاسية 2020. وفيما سيستغرق فرز الأصوات أياماً في بعض الولايات، تُسلط الأضواء على بنسيلفانيا المركز السابق لصناعة الصلب.