الراحة والسكون النفسي أصبحا أهم ما يسعى إليه البشر حالياً، لا سيما مع زخم الحياة ومشاقها المختلفة، وما يواجهه الإنسان من متاعب مستمرة في حياته اليومية، فالإنسان أصبح يشتاق إلى اللحظات التي يخلو فيها مع نفسه، حيث يستطيع من خلالها أن يعيد حساباته، وأن ترتب احتياجاته وأولوياته في الحياة بعيداً عن ضغوط الأعمال اليومية، فكلما تقدم بالعمر آمن بأن البعد عن البشر غنيمة، وأن الاختلاء مع النفس والقيام ببعض النشاطات التي لا تستدعي وجود طرف آخر هي أفضل أنواع المتع التي يستطيع أن يقدمها الإنسان لنفسه.
فشرب القهوة براحة وسكون، ومشاهدة التلفاز دون تدخل من أحد، حتى البقاء في المنزل في عطلة نهاية الأسبوع من أفضل الأنشطة الترفيهية التي قد يراها البعض اعتيادية ومملة، وهذه اللحظات من السكون والراحة المنفردة في الواقع قد تكون أفضل استراحة يستطيع أن يقدمها الإنسان لنفسه لتجديد طاقته الجسدية والنفسية بعد أسبوع متعب وشاق.
من جهة أخرى، نحتاج في الوطن العربي أن نستوعب مفهوم الاختلاء مع النفس بشكل أعمق، وأن نستوعب أن هذه الخلوة هي حاجة أساسية، لكل إنسان يرغب في أن يتمتع بصحة نفسية متزنة تمكنه من أداء مهامه المختلفة بالحياة بشكل سليم وصحيح.
فلا يخفى على أحد أن الصحة النفسية تنعكس بشكل أساسي على مدى إنتاجية الإنسان في حياته الشخصية والعملية، ولذلك فالخلوة مع النفس من الضروري جداً أن يصحبها تفهم كامل من الآخرين لهذا القرار، حيث يجب على المحيطين بالشخص ألا يضغطوا عليه بأي شكل من الأشكال مما قد يعمل على تقليل جودة هذه الفترة من السكون والراحة التي يرغب بها الشخص بقناعته الكاملة.
ختاماً، فإن المضي السريع للحياة، وتراكم الأعمال وقسوة الظروف المحيطة بكل شخص تستوجب من كل إنسان أن يقف بشكل صريح مع نفسه، وأن يراجع كل أحداث حياته القريبة والبعيدة، وهذا من الصعب جداً أن يحدث دون تخصيص وقت أسبوعي على الأقل يكون فيه الإنسان مختلياً بنفسه.
أخيراً، وكي تطيب الحياة، يجب أن تطيب نفس الإنسان وتتشافى من الضغوط الحياتية بمختلف أنواعها، وكي يصل المرء إلى هذه المرحلة من الشفاء والصفاء الذهني من الضروري أن يفهم ويعي أهمية الاختلاء مع النفس وفوائدها للشخص سواء من الناحية النفسية أو الجسدية.