مع اتجاه الأنظار إلى الاجتماع الموسع الذي تعقده اللجنة البرلمانية المشتركة من «الداخلية والدفاع» و«التشريعية»، لبحث التعديلات المقدّمة على مشروع إنشاء المفوضية العليا للانتخابات قُبيل عرضه وإقراره في جلسة مجلس الأمة الخاصة بعد غد في المداولة الثانية، لا يزال الحديث يتزايد حول بعض مواد المشروع الجدلية، وضرورة أن تتم معالجتها، وعلى رأسها المادة 16 التي تفرض وصاية على المرأة بإلزامها بالضوابط الشرعية وتعارض الدستور وحكما سابقا للمحكمة الدستورية.

وفي هذا السياق، استغرب الخبير الدستوري، د. محمد الفيلي، احتواء مشروع المفوضية العليا للانتخابات الذي أحالته الحكومة إلى مجلس الأمة وأقره في مداولته الأولى، الخميس الماضي، وتضمينه ما ورد من أحكام انتقالية لقانون الانتخابات الذي صدر قبل صدور اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.

Ad

وقال الفيلي لـ «الجريدة»: الفارق أنه عندما صدر قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة لم تكن هناك لائحة داخلية، الأمر الذي جعل المشرّع يضع بعض الأحكام بغرض انتقالي للتعامل مع أي مشكلة قد تحدث في مسألة إسقاط العضوية قبل صدور قانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وقد كان ذلك أمراً منطقيا ومفهوما، أما ما لا نفهمه فهو أن تدخل تلك الأحكام ضمن مشروع جديد في ظل وجود لائحة المجلس الداخلية، مضيفاً: «أما اليوم، فإنّ هذه العلة غير موجودة، والمكان الطبيعي لمسألة إسقاط عضوية النائب هي اللائحة الداخلية لمجلس الأمة».

كلام الفيلي جاء رداً على سؤال «الجريدة» حول رأيه في المادة 59 من مشروع المفوضية العليا للانتخابات، التي تنص على أن «تسقط العضوية عن عضو مجلس الأمة إذا فقد أحد شروطها، أو تبيّن أنه فاقدها قبل الانتخاب، ويعلن سقوط العضوية بقرار من المجلس»، ومدى تعارضها مع حكم المحكمة الدستورية ببطلان المادة 16 من اللائحة.

ورأى أن نص المادة على هذا النحو يكون قد تجنّب الإشكالية التي كانت موجودة سابقاً، والتي على ضوئها حكمت المحكمة الدستورية ببطلانها، فكانت المادة 16 تعطي الحق للمجلس في تقرير إسقاط العضوية، أما المادة 59 من مشروع المفوضية، كما وردت، فإنها تعطيه حق الإعلان فقط، فلن يأخذ بموجب ذلك قرارا بسقوط عضوية النائب من عدمه، إنما سيعلن سقوط عضويته، التزاما بنص المادة 84 من الدستور.

وأكد أن هناك مشكلة في مشروع المفوضية، وبعد إبطال المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وهي عدم وجود نص ينظّم لمن يعهد الاختصاص في حال إخلال العضو بالشرف والأمانة، فلا توجد آلية منضبطة لحسم هذا الموضوع، وتجب معالجة ذلك، حتى لا ندخل في إشكالية أخرى عند حدوث خلاف حول ما يتعلق بقضايا الشرف والأمانة.

وقال الفيلي إن المشكلة حقيقية، ولكن مكان معالجتها هو اللائحة الداخلية، فهي المكان الطبيعي للتعامل مع موضوع سقوط العضوية.

إلى ذلك، وفي تصريح له أمس، أكد النائب د. محمد الحويلة أن العدالة والنزاهة والشفافية هي أهم أركان العملية الانتخابية، وعلى طريق الإصلاح السياسي الحمد لله، أخذنا خطوة جادة نحو تحقيقها بعد إقرار قانون المفوضية العليا في المداولة الأولى، رغبةً في إرساء هذه الأركان لتحصين العملية الانتخابية وإرادة الأمة، وبإذن الله سنعمل بجد لتحقيق المزيد من الإصلاحات المنتظرة.