نواب يحاربون القطاع الخاص
10 آلاف دينار غرامة عن كل مواطن لم يلتزم صاحب العمل بتعيينه ضمن نسبة التكويت
• اقتراح «المالية» يلزم «النفط» والمصارف بنفس النسبة المفروضة في الزراعة والصيد والمصانع
• نفَس عبثي يفتقر للمنطق تجاه القطاع من شأنه التشجيع على مزيد من التعيينات الوهمية
• خبراء أكدوا لـ «الجريدة•» أن الاقتراح يتجاهل معيار الكفاءة ويضرب برأي المختصين عرض الحائط
في وقت تسعى خطط البلاد إلى محاربة التعيينات الوهمية في القطاع الخاص، والنهوض بالتنمية، وتشجيع الكفاءات، ودعم القطاع الخاص وإشراكه في قيادة دفة الاقتصاد، اختار بعض نواب الأمة السير في الاتجاه العكسي، عبر حفرهم بئراً عميقة لوأد تلك الأمنيات، من خلال اقتراحات تفتقر للمنطق، آخرها ما تناقشه اللجنة المالية اليوم بشأن فرض عقوبة مالية مغلظة على القطاع الخاص، بتغريمه 10 آلاف دينار على كل تصريح أو إذن عمل لم يلتزم صاحب العمل بتعيينه ضمن نسبة التكويت.
ونتيجة لعدم إجراء مقدمي الاقتراح دراسة عن حاجة السوق وما يناسبه من عمال، تمسَّك الاقتراح العبثي بإلزام قطاعي النفط والبنوك على سبيل المثال بتعيين نفس النسبة من العمالة الوطنية المفروضة على قطاعات الزراعة والصيد والمصانع والفنادق وشركات المقاولات والمستشفيات والمدارس الأجنبية، بصرف النظر عن ملاءمة شهاداتهم للأماكن التي يعينون فيها بتلك القطاعات، ما يعني أن صاحب العمل ملزم بتعيين نسبته من العمالة الوطنية، سواء وجد فيها من يناسب عمله أم لم يجد، وإلا تكبد هذه الغرامة «الانتقامية»، ما يعني تشجيعاً سافراً على التعيينات الوهمية، واتخاذ الطريق المناقض لأي تطور إلى الأمام.
وكان حريا بمقدمي الاقتراح، بدلاً من تلك العقوبة الجديدة التي تحمل نفساً عبثياً، أن يعدوا دراسة وافية عن فئات القطاع الخاص ووظائفه، مع تقديم صورة واضحة عن عدد الكوادر الكويتية المناسبة لكل فئة، وتفصيل قوانين مناسبة لكل نشاط، قبل انشغالهم بالغرامات التخويفية التي تمثل حرباً سافرة على كل صاحب عمل.
وتعقيباً على الاقتراح، رأى عدد من الخبراء أنه كان الأجدر العمل على حل مشاكل القطاع الصناعي قبل فرض العقاب، لاسيما أن هذه الغرامات غير دستورية وبلا جدوى، وضررها أكبر من فائدتها، داعين إلى إيجاد رؤية للنهوض بالصناعة ثم استيعاب العمالة، مع اعتماد المبدأ العادل القاضي بمنح الموظف راتباً على قدر إنتاجيته.
وأعرب رئيس اتحاد الصناعات الكويتية حسين الخرافي عن رفضه تلك الغرامات وإلزام القطاع الخاص بتعيين المواطنين، مشدداً على أنه يجب أولاً وضع الحافز قبل العقاب، مع طرح الحلول المناسبة للمعوقات وإيجاد البيئة الصحية المناسبة لنمو القطاع الصناعي وتعزيز مكانته وتمكينه من أداء دوره التنموي لمساعدة الدولة في استيعاب العمالة الوطنية.
الخرافي: عالجوا مشاكل القطاع الصناعي وضعوا الحافز قبل العقاب
وأضاف الخرافي: «لا يمكن أن نطلب من شخص هزيل رفع حمولة كبيرة، لذلك على مجلس الأمة النظر في المعوقات الكثيرة التي ترهق القطاع الصناعي وهي معروضة ومعروفة منذ دورات سابقة، مستغربا: «كيف يتم بدلاً من ذلك طلب توظيف مواطنين وفرض غرامات؟!».
ورأى أن «هناك تناقضاً بين زيادة الرسوم وتكبيل يد القطاع الصناعي، ثم طلب استيعاب عمالة»، وأنه كان الأجدى بدلاً من تغريم الشركات والمصانع مقابل عدم توظيف المواطن، دعم المنتج المحلي عبر رفع الأولوية في استخدامه لمشتريات الحكومة، محذراً من زيادة المعوقات والعقبات التي تضاعف الأعباء على القطاع الصناعي.
وأكد أنه من الواجب استدعاء أصحاب الاختصاص للمناقشة «لنصل إلى حلول عملية ومنطقية قابلة للتطبيق»، مشيراً إلى أن «هيكل الحوافز والمميزات والزيادات المستمرة في القطاع العام يحتاج إلى معالجة فلا أحد يترك مميزات الحكومة ويذهب إلى الخاص».
بدوره، قال رئيس اتحاد شركات الاستثمار صالح السلمي إن فرض التوظيف على القطاع الخاص «لا يجب تقنينه أو توقيع غرامات عليه»، مؤكداً أنه لا يمكن أن يضاهي الحكومي في رواتبه الباهظة وما يعج به من مميزات، داعياً إلى أن تكون الكفاءة هي المعيار الفصل في التعيين لا فرض المواطن على «الخاص» بهذه الطريقة.
السلمي: العقوبات إطار ضيق وضررها أكبر من فائدتها
وعقَّب السلمي: «في كل دول العالم يتم دعم القطاع الخاص وتحفيزه وتشجيعه على النهوض بالتنمية وإزالة المعوقات، وتلقائياً يبحث هو عن الكفاءات ويستوعبها»، مشيراً إلى أن هذه «قد تكون المرة الأولى التي نجد فيها فرض عقوبات وغرامات على من لا يوظف مواطنين في الخاص دون أسس وضوابط مدروسة وشاملة تبدأ بمعالجة القطاع العام أولاً لسلم الرواتب والمميزات وهيكلهما».
من جانبه، قال الرئيس الأسبق لاتحاد المصارف الكويتية عبدالمجيد الشطي إن «القطاع الخاص يبحث أولاً عن الكفاءات، وليس كالحكومي بيئة خصبة لفرض الوظائف عليه»، معتبراً أن الكفاءة والإنتاجية هما اللتان تفرضان نفسيهما على الخاص الذي يعمل بمسؤولية وبمحاسبة وإنتاجية.
الشطي: فرض الغرامات غير دستوري وغير عملي وبلا جدوى
ودعا الشطي إلى ضرورة أخذ العبر من كبرى الشركات العالمية «مثل مايكروسوفت وغوغل، اللتين أعلنتا أرباحاً تقارب 80 مليار دولار، وتدار من جانب أجانب من خارج أميركا، وحتى شركة أبل قيادتها الرئيسية بريطانية»، مشيراً إلى أنه للتعامل مع «الخاص» يجب توفير الحوافز وتهيئة بيئة العمل لإتاحة المجال أمامه من أجل تحقيق أهدافه.
ورأى أن الذهاب مباشرة لفرض غرامات «غير دستوري، ويضر بالقطاع، كما أنه خطوة غير مجدية أو عملية في معالجة ملف التوظيف»، لافتاً إلى أنه لا يوجد «قطاع خاص ناجح في العالم يتم إلزامه بهذه الآلية، خصوصاً أن البنوك على سبيل المثال تعتبر من أكبر القطاعات التي تستوعب عمالة وطنية لكنها تبحث عن الكفاءات».
من جهته، قال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات الكويتية ناصر الشرهان إن قطاع الصناعة يحتاج إلى كثير من الإجراءات التي تعزز قوتها، وبعدها ستجده يستوعب أعداداً كبيرة من سوق العمل، مبيناً أنه منذ نحو 15 عاماً لا يوجد توزيع أراض، وترافق ذلك زيادة في أسعار الخدمات وزيادة الأعباء على القطاع، وفي ظل هذا «كيف سيستقبل أعداداً من سوق العمل؟!».
الشرهان: علينا أولاً إيجاد رؤية للنهوض بالصناعة ثم استيعاب العمالة
من ناحيته، قال رئيس مجلس إدارة شركة سدير للتجارة والمقاولات طارق المطوع إنه يجب منح الموظف راتباً بقدر إنتاجيته ليكون هناك عدل في سلم الرواتب، معلقاً على مناقشة «المالية البرلمانية» زيادة الرواتب: «يجب أن تتحمل الحكومة فروقات الرواتب، شريطة أن من يعمل يحصل على راتب يناسبه، مع زيادة إنتاجية عمل الموظف، ويكون تقييمه حسب ما يقدمه، لنكون من أفضل الدول في المنطقة».
المطوع: منح الموظف راتباً على قدر إنتاجيته
وذكر المطوع أن القطاع الخاص «يعطي كل موظف حقه، بخلاف العام الذي يعطي الموظف أضعاف راتبه المستحق».