لم تكن مصادفة أن تتوتر الأجواء في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوبي لبنان، بالتزامن مع انعقاد اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في العلمين في مصر. وشهد المخيم في الساعات القليلة الماضية اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من حركة «فتح» وآخرين ينتمون الى «عصبة الأنصار» الإسلامية المتشددة أسفرت عن مقتل 6 أشخاص على الأقل بينهم قيادي في «فتح».
لا بد من قراءة هذا التطور ضمن سلسلة من المواقف والأحداث، وأبرزها التوتر السياسي غير المسبوق بين منظمة التحرير الفلسطينية من جهة، ولجنة الحوار اللبناني ــ الفلسطيني من جهة أخرى، والذي وصل إلى حدود الشتائم والاتهامات بالفساد، الأمر الذي أوحى أن هناك محاولة لاستهداف حركة فتح لمصلحة حركات وفصائل أخرى.
وكشفت مصادر أمنية أنه قبل نحو أسبوع عمل الجيش اللبناني على تعزيز إجراءاته الأمنية في محيط مخيم عين الحلوة، بناء على معلومات لديه بعودة 3 مطلوبين بارزين ينتمون إلى تيارات متشددة كانوا في سورية إلى المخيم الذي زاره قبل أيام رئيس استخبارات السلطة الفلسطينية.
وبدأ الإشكال الأخير بعد محاولة اغتيال الفلسطيني الإسلامي المتطرف محمود خليل الملقب «أبوقتادة»، أحد أبرز المطلوبين الفلسطينيين لدى السلطات اللبنانية، وكانت وجهت إليه سابقاً تهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وقتل شخص على الأقل وأصيب 6 بينهم أبوقتادة في الهجوم الذي كان يرافقه خلاله المدعو عيسى الحمد، أحد المطلوبين الذين عادوا أخيراً إلى عين الحلوة.
ومعروف أن الحمد يحاول توسيع نشاطه باتجاه جبل سيروب، وهو تلة مرتفعة تطل على مدينة صيدا، ومخيمي عين الحلوة والمية ومية. ويشهد جبل سيروب تنافساً بين قوى متعددة، بعضها متحالف مع «حزب الله» والآخر محسوب على تنظيمات سنية متطرفة في إطار الصراع على السيطرة على مساحات من الجبل.
وفي مؤشر على التصعيد المستمر، اغتال مسلحون قائد الأمن الوطني الفلسطيني التابع لـ «فتح» في مخيم عين الحلوة المدعو أبوأشرف العرموشي، وقتل معه عدد من مرافقيه، الأمر الذي أدى إلى تجدد الاشتباكات التي أصيب بها العشرات بينهم جندي لبناني.
ولا تنفصل هذه الأحداث، عن مفاوضات سبق أن أجريت بين «حزب الله» ومنظمة التحرير في سبيل إعادة المدعو جمال سليمان، رئيس تنظيم «أنصار الله»، إلى مخيم المية ومية. وسليمان محسوب على «حزب الله» سياسياً وأمنياً، وكان قد افتعل إشكالات أمنية مع «فتح» مما دفع الحركة إلى خوض معركة لإخراجه وإجباره على الانتقال إلى سورية.
لكن معلومات أمنية تتحدث عن عودة سليمان إلى لبنان، وسط مساع لاستضافته في أحد المخيمات، بعدما رفضت فتح عودته إلى المية ومية. وبرز اقتراح يقضي باستضافته في مخيم الرشيدية في صور، الأمر الذي رفضته كذلك منظمة التحرير والسفارة الفلسطينية، في حين تشير التقديرات إلى أن الإصرار على اقامته في الرشيدية قد يكون متصلاً بأي تطور في المرحلة المقبلة على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، خصوصاً أنه في السابق أطلقت صواريخ من مخيم الرشيدية باتجاه اسرائيل، الأمر الذي قد يتكرر في حال اتخذ جمال سليمان من المخيم معقلاً له.
وعاد التوتر أمس إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل بعد أن حاول شبان ينتمون إلى حزب الله ويحملون أعلام الحزب اجتياز الخط الأزرق.
وعلّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، على خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء بالقول: «إنه في ساعة الامتحان سيجد إسرائيل متراصة كتفاً إلى كتف»، مشيراً إلى أن «نصرالله يعلم أيضاً أنه من غير المجدي له وللبنان أن يختبرنا». وكان نصرالله قد حذر إسرائيل من أن «تتخذ خطوة حمقاء» قد تشعل الجبهة الشمالية.
وصدّق وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أمس الأول، على خطط عملياتية لاحتمال تدهور الأوضاع الأمنية على الحدود، فيما عقد نتنياهو، أمس، اجتماعاً أمنياً تشاورياً لبحث التصعيد مع «حزب الله» وقضية الخيمتين اللتين نصبهما أنصار الحزب على الحدود.