قمة المناخ: دعوات للتضامن العالمي لتجنب جحيم مناخي
• السيسي يعرض المساعدة بحل أزمة أوكرانيا ويدعو لتمويل الدول النامية
• غوتيريش: إما التضامن المناخي أو الانتحار الجماعي
بمشاركة ممثل سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، افتتح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، القمة الرئاسية لمؤتمر المناخ المنعقد في منتجع شرم الشيخ المصري، وسط مشاركة لأكثر من 100 من قادة دول العالم وكبار المسؤولين الدوليين، وشدد الرئيس المصري على ضرورة استجابة الحكومات لتطلعات الشعوب في مواجهة تبعات تغير المناخ، وأطلق على قمة شرم الشيخ «قمة التنفيذ» من أجل تحويل العهود والتعهدات السابقة إلى واقع ملموس يخلق بيئة نظيفة ومناخاً أكثر استجابة للتحديات العالمية الراهنة.
وشدد على أن حل الأزمة المناخية ليس مستحيلاً شريطة «توافر الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لتعزيز العمل المناخي المشترك، وترجمة ما يصدر عن اجتماعاتنا من نتاج إلى واقع ملموس»، وتابع: «الوقت يداهمنا ونهاية هذا العقد الحاسم، باتت على بعد سنوات قليلة، وعلينا أن نستغلها لنحسم خلالها هذه المعركة، على النحو الذي نريده ونرتضيه».الرئيس السيسي رحب بضيوف مصر في مدينة شرم الشيخ، التي تعد أول مدينة مصرية تتحول إلى الأخضر، وقال إن أنظار وعقول العالم متعلقة بوقائع المؤتمر الأممي وما سيسفر عنه من نتائج، في ضوء اشتراك الجميع في مصير واحد، وطرح عدة أسئلة على الحضور: «هل نحن اليوم أقرب إلى تحقيق أهدافنا من عام مضى؟ هل استطعنا خلال عام منصرم، أن نتحمل مسؤولياتنا كقادة للعالم، في التعامل مع أخطر قضايا القرن وأشدها تأثيراً؟ والسؤال الأهم، هل ما نطمح إلى تحقيقه من أهداف، يقع في نطاق الممكن؟».
ماكرون: لإلزام الدول الغنية غير الأوروبية بمساعدة الدول الضعيفة
وطالب بتحويل ما تم الاتفاق عليه من شعارات وكلمات إلى «تنفيذ سريع وفعال وعادل»، في ظل توقعات الشعوب بأن يتخذ القادة خطوات حقيقية وملموسة نحو خفض الانبعاثات، وبناء القدرة على التكيف، مع تبعات تغير المناخ وتوفير التمويل اللازم للدول النامية، التي تعاني أكثر من غيرها من أزمة المناخ الراهنة، وتابع: «من هذا المنطلق فلقد حرصنا على تسمية هذه القمة (قمة التنفيذ) وهو الهدف الذي يجب أن تتمحور حوله، كافة جهودنا ومساعينا».
الأزمة الأوكرانية
وخيمت أزمة الحرب الروسية - الأوكرانية على الجلسة الافتتاحية للقمة الرئاسية أمس، إذ وجه الرئيس السيسي نداء عالمياً من أجل إنهاء الحرب بين البلدين، وقال في ختام كلمته: «بتكلم عن أزمة كبيرة تمر بالعالم، ولها تأثير كبير جداً على كل دول العالم، بتكلم عن الأزمة الروسية - الأوكرانية، وبوجه نداء بكم ومعكم من أجل أن تتوقف هذه الحرب»، وتابع: «بنادي باسمكم واسمي، إن سمحتوا لي بكده، فلتتوقف هذه الحرب».
وعرض السيسي وساطته لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، قائلاً: «أنا مستعد للعمل لإنهاء الحرب، وأتصور الكثير من القادة الموجودين هنا مستعدين إنهاء الحرب». وأشار إلى تداعيات الحرب على مصر: «إحنا كدول اقتصادها مش قوي، عانت كثيراً جداً من تبعات أزمة كورونا سنتين وتحملناها، والآن نعاني أيضاً من هذه الحرب، مش بتكلم هنا علشان بنعاني منها في بلادنا، ولكن العالم كله يعاني من هذه الحرب».
التعاون أو الفناء
وإذا كان السيسي اختتم كلمته بالحديث عن الحرب الروسية - الأوكرانية، فإن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بدأ كلمته بالحديث عن الأزمة الأوكرانية، قائلاً، إن الحرب الأخيرة تسببت في آثار سلبية يعاني منها العالم، وأن الأزمة الأوكرانية فضلاً عن تسببها بآثار سلبية يعاني منها العالم، كشفت عن استمرار تبعية العالم للوقود الأحفوري، مطالباً بضرورة حقن الدماء في العالم، وأنه من غير المقبول أن تدفع الحرب بالنضال من أجل المناخ ليكون في مرتبة ثانية.
وشدد غوتيريش على ضرورة أن تركز دول العالم على مواجهة تغير المناخ باعتباره «التحدي الأكبر في العالم»، وكشف عن الاحتياج أكثر من 300 مليار دولار يجب جمعها قبل العام 2030 لمواجهة تغير المناخ، لافتاً إلى أن 3.5 مليارات من البشر يعيشون في مناطق تعاني من تبعات التغير مناخي، وتابع: «ليس أمامنا إلا التعاون أو الفناء... إما أن يكون هناك عهد للتضامن المناخي أو عهد للانتحار الجماعي» في مواجهة الاحترار المناخي.
ووجه الأمين العام للأمم المتحدة نداءه إلى دول العالم لكي تتضامن الاقتصادات المتطورة والناشئة، في إشارة إلى عمق الأزمة بين الطرفين في ظل الانقسام حول أي طرف يتحمل كلفة مواجهة تداعيات الاحترار المناخي، لكن الأمين العام بدا مصراً على تذكير الجميع بمسؤولياته، قائلاً: «كوكبنا يقترب بسرعة من نقطة اللاعودة التي ستجعل من الفوضى المناخية غير قابلة للعكس».زايد: تغير المناخ يؤثر على الأمنبن
وتحدث الأمين العام عن النقطة الأكثر حساسية والمتعلقة بالخسائر والأضرار التي تم إدراجها في جدول المناقشات، والتي تشكل نقطة خلاف أساسية بين الدول المتقدمة والدول الأقل دخلاً حول تحمل تكلفة مواجهة التغير المناخي، مشدداً على أن «التوصل إلى نتائج ملموسة على صعيد الخسائر والأضرار سيشكل اختباراً لتعهدات الحكومات لنجاح (كوب 27)».
تهديد للأمن
من جهته، قال رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، في كلمته في الجلسة الافتتاحية: «نجتمع في وقت حرج لكوكبنا، فعالمنا يواجه العديد من التحديات، ومن أهمها تغير المناخ الذي أصبح يؤثر على الاستقرار والأمن في العالم، وبما أننا لا نملك إلا أرضاً واحدة فمن الضروري أن نوحد جهودنا لمعالجة هذا التحدي من خلال العمل المناخي الذي ننظر إليه لأنه فرصة للابتكار وإيجاد الحلول وتنويع الاقتصاد».
بن زايد الذي تستضيف بلاده النسخة المقبلة من مؤتمر المناخ (كوب 28)، شدد على أن العالم يواجه تحديات معقدة أهمها تغير المناخ، مما يتطلب تعاوناً دولياً وعملاً مشتركاً من أجل مستقبل الأجيال القادمة التي يتحدد مصيرها بناء على القرارات والإجراءات والخطوات المتخذة، داعياً إلى توحيد الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي والحد من تداعياته، لافتاً إلى أن الإمارات كانت أول دولة بالمنطقة تعلن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
رئيس السنغال
ودعا رئيس السنغال رئيس الاتحاد الإفريقي ماكي سال في كلمته إلى إنقاذ الأرض من الظواهر المناخية القاسية. وقال إن «الكثير قيل عن الحالة المناخية المستعجلة واليوم علينا أن نتصرف لإنقاذ الكوكب»، مشيراً إلى أن 11 بلداً في إفريقيا التزمت باتفاق باريس وقامت بزراعة الحزام الأخضر.
وأضاف سال:»حتى وإن لم تكن الدول الإفريقية قد ساهمت بأكثر من %4 من غازات الاحتباس الحراري، فإننا ندعم الانتقال للأخضر وبشكل عادل ومنصف، بدلاً من قرارات تمس مسيرتنا التنموية، بما في ذلك الوصول إلى الطاقة الكهربائية، المحروم منها 600 مليون إفريقي».
وأشار إلى أن الدول الإفريقية تتحمل أعباء التغير المناخ، مطالباً الدول المتقدمة بدعم تدابير التكيف وفقاً للتعهدات المتفق عليها. وتحدث عن إطلاق برنامج لتسريع التكيف في إفريقيا في شهر سبتمبر الماضي، موجهاً الشكر للبلدان الأوروبية، والشركاء لدفع 80 مليون يورو للتكيف، موضحاً أن التمويل المتراكم للتكيف حتى 2030، لم يمثل سوى ربع المطلوب لأعمال التكيف.
ولفت إلى أن مؤتمر شرم الشيخ يمثل فرصة لإحداث تحول تاريخي، وتحقيق الالتزامات، مؤكدا أن إفريقيا عازمة على إحداث التغيير بدلاً من التعرض للتأثر، والعمل مع جميع الشركاء لإنقاذ هذا الكوكب الذي يجمع الجميع.
ماكرون
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس في شرم الشيخ إنه يريد «ممارسة الضغوط» على «الدول الغنية غير الأوروبية» ولاسيما الولايات المتحدة، لتدفع «حصتها» في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي.
وأوضح ماكرون خلال لقاء مع شباب من إفريقيا وفرنسا على هامش مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) المنعقد في مصر «يجب أن نحمل الولايات المتحدة والصين لتكونا على الموعد فعلا» في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة والتضامن المالي. ورأى أن فرنسا وأوروبا هما على الطريق الصحيح على صعيد خفض الانبعاثات. لكن على الدول النامية الكبرى أن «تتخلى سريعا عن الفحم».
«صندوق بيزوس» يتعهد بتقديم مليار دولار لحماية الغابات والتنوع البيولوجي ومؤسسة غيتس تتبرع بـ 1.5 مليار دولار لمزارعي إفريقيا
وفيما يحتدم الجدل والنقاشات في كوب 27 حول المساعدة المالية التي ينبغي أن تقدم إلى الدول الضعيفة إزاء التغير المناخي، أكد ماكرون: «الأوربيون يدفعون، لكنهم الطرف الوحيد الذي يدفع». وأضاف «يجب ممارسة الضغوط على الدول الغنية غير الأوروبية والقول لها يجب أن تدفعي حصتك».
وذكر بيان صادر عن مكتب الرئيس الفرنسي أن صندوق «بيزوس إيرث» الذي أنشأه مؤسس شركة أمازون جيف بيزوس تعهد بتقديم مليار دولار بحلول عام 2030 للمساعدة في حماية الغابات والتنوع البيولوجي. كما تبرعت مؤسسة بيل وميلندا غيتس بمبلغ 1.4 مليار دولار لمساعدة صغار المزارعين في إفريقيا وآسيا على مواجهة التغير المناخي.
وأطلقت أكثر من 25 دولة مجموعة لمساءلة بعضها البعض بشأن التعهد بإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030، معلنة ضخ مليارات الدولارات لتمويل جهودها في هذا الصدد.
ويأتي أول اجتماع لشراكة قادة الغابات والمناخ، برئاسة غانا والولايات المتحدة، بعد عام من تعهد أكثر من 140 قائدا في مؤتمر كوب 26 في بريطانيا بإنهاء إزالة الغابات بحلول نهاية العقد.
ولم يكتمل التقدم الذي تحقق منذ ذلك الحين، إذ فرضت دول قليلة فقط سياسات أشد صرامة بشأن إزالة الغابات والتمويل.
وتمثل المجموعة الجديدة، التي تشمل اليابان وباكستان وجمهورية الكونغو والولايات المتحدة وغيرها، نحو 35 في المئة من غابات العالم وتهدف إلى الاجتماع مرتين سنويا لمتابعة التقدم.
ومن أبرز الدول التي لم تضمها المجموعة، البرازيل التي تملك غابات الأمازون المطيرة وجمهورية الكونغو الديمقراطية التي تمثل غاباتها الشاسعة مأوى للحياة البرية المهددة بالانقراض، بما في ذلك حيوان الغوريلا.