لبنان: 8 قتلى في «عين الحلوة» ودعوات لنزع سلاح المخيمات

نشر في 01-08-2023
آخر تحديث 31-07-2023 | 19:32
سلامة قبل مغادرة مكتبه بمصرف لبنان أمس (رويترز)
سلامة قبل مغادرة مكتبه بمصرف لبنان أمس (رويترز)
لليوم الثالث، تواصلت المعارك في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان بين حركة فتح ومسلحين إسلاميين، في وقت ودع لبنان مرحلة اقتصادية مالية استمرت 3 عقود مع انتهاء ولاية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة.

قتل شخصان أمس جراء المواجهات المستمرة بين مسلحين إسلاميين فلسطينيين متشددين وآخرين من حركة «فتح» في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بمدينة صيدا جنوب لبنان، لترتفع بذلك حصيلة القتلى إلى 8 خلال ثلاثة أيام.

وتم التوصل الأحد إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار، لكنه لم يحل دون وقوع مناوشات محدودة طوال ليل الاحد الاثنين. وأشارت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية إلى «ارتفاع وتيرة الاشتباكات» التي تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة، وتتركز من ناحية حي الطوارئ الذي يعتبر معقلاً للمجموعات الإسلامية المتشددة. وأجرى ممثلون لفصائل فلسطينية أمس اجتماعين في بيروت وصيدا مع أحزاب سياسية لبنانية في محاولة لتثبيت وقف اطلاق النار.وشدد أمين سر حركة «فتح» في منطقة صيدا اللواء ماهر شبايطة، على ضرورة تسلم الأشخاص الذين شاركوا في عملية اغتيال قائد الامن الوطني في عين الحلوة اللواء أبوأشرف العرموشي وأربعة من مرافقيه في كمين مسلح.

ودعت قوى لبنانية الى فتح ملف سلاح المخيمات لهدف نزع هذا السلاح وبسط سيادة الدولة على المخيمات. وشدد زعيم حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل على هذا المطلب خلال اتصال مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

في سياق آخر، انتهت أمس ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (73 عاماً) المستهدف بتحقيقات أوروبية عدة حول مصدر ثروته وأدائه على رأس البنك المركزي منذ ثلاثة عقود، من دون تعيين خلف له بسبب انقسامات بين القوى السياسية وشلل مؤسساتي في البلاد.

وسيتسلّم النائب الأول وسيم منصوري، وهو من الطائفة الشيعية مسؤوليات الحاكم بالوكالة، في انتظار أن تجد القوى السياسية حلاً في بلد يقوم نظامه على المحاصصة الطائفية والسياسية.

ويتطلب تعيين موظفين من الدرجة الأولى توافقاً سياسياً يبدو من الصعب توافره في الوقت الراهن على وقع الانقسامات الحادة التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية منذ تسعة أشهر.

ويجب أن يكون حاكم المصرف من الطائفة المارونية في حين ينتمي نوابه للطوائف الشيعية والسنية والدرزية والأرمنية، وتتعين موافقة الزعماء السياسيين الذين يمثلون طائفة كل منهم على اختيارهم.

وجاء ترشيح منصوري في 2020 من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتزعم حركة أمل الشيعية. والمنصوري تربطه ببري صلة قرابة عائلية من درجة بعيدة.

وكان منصوري هدّد بالاستقالة قبل أسابيع للضغط من أجل تعيين خلف لسلامة، إلا أنه تراجع عنها بعد تقارير عن حصوله على ضمانات من الطبقة الحاكمة بإقرار خطة توقف تدريجياً تمويل الدولة وتتضمن قوانين إصلاحية ولا تتيج الإنفاق الزائد من الاحتياطي الإلزامي الذي نضب خلال الأزمة.

ويشهد لبنان منذ العام 2019 انهياراً اقتصادياً غير مسبوق بدأ مع امتناع الحكومة اللبنانية عن دفع ديونها المستحقة إلى المصارف، مما ساهم، بالإضافة إلى عوامل أخرى، في شحّ السيولة وفرض المصارف قيوداً مشدّدة على المودعين وتتالي الأزمات المالية، وصولاً إلى فقدان الليرة اللبنانية حوالي 98% من قيمتها.

وقال منصوري خلال مؤتمر صحافي عقده أمس: «نحن أمام مفترق طرق، إما الاستمرار في نهج السياسات السابقة وقد عايشنا النتائج»، وإما «الانتقال إلى سياسة أخرى وهي وقف تمويل الدولة بالكامل».

وأضاف «لا يمكن تغيير الوضع الحالي من دون إقرار خطة متكاملة» متفّق عليها مع الحكومة والبرلمان. كما شدّد على ضرورة إقرار قوانين تشريعية بينها الموازنة العامة والكابيتول كونترول وهيكلة المصارف.

وتعتبر هذه القوانين جزءاً من إصلاحات يطلبها صندوق النقد الدولي لإقرار خطة مساعدات للبنان. وقال منصوري «لمن يقول إن هذا المطلب صعب المنال... أقول إنها فرصة البلد النهائية»، وتعهد «بالشفافية الكاملة» إلى حين تعيين بديل.

وبحسب قانون النقد والتسليف، يُعيّن الحاكم لولاية من ست سنوات، بموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية. ويتعيّن على الحاكم الجديد أن يؤدي القسم أمام رئيس الجمهورية، المنصب الشاغر في البلاد.

ويُعد عهد سلامة الذي شغل منصب حاكم مصرف لبنان منذ 1993، من الأطول في العالم لحكام المصارف المركزية.

وكان سلامة مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990). لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان منذ 2019، بات يُحمّل مع أركان الطبقة الحاكمة مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة. ومنذ بدء الأزمة الاقتصادية التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، بات معظم السكان تحت خط الفقر.

وتحمّل بعض الجهات السياسية ومحللون ومواطنون في لبنان سلامة الذي كان يعدّ عراب استقرار الليرة، مسؤولية انهيار العملة الوطنية، وينتقدون بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها، باعتبار أنها راكمت الديون وأوصلت البلاد لما هي عليه. لكن سلامة دافع مراراً عن نفسه، مؤكداً أن المصرف المركزي «موّل الدولة».

ورغم الانهيار المالي، يواصل المصرف المركزي فتح اعتمادات للحكومة لتدفع مصاريفها من رواتب وشراء مواد أساسية الخ..

واعتبر منصوري أن وقف تمويل الدولة يجب أن يتم تدريجياً «خلال فترة انتقالية»، مشيراً إلى أن أي تمويل مؤقت للدولة، الذي يتضمن رواتب الموظفين، الأدوية المستعصية، القوى الأمنية واحتياجاتها ومستلزمات الإدارة، يجب أن يكون مشروطاً بضرورة إعادة الحكومة للأموال عبر تحسين الجباية.

وشدد منصوري على ضرورة عدم المس بالاحتياطي الإلزامي الذي تراجع إلى عشرة مليارات دولار مقابل 36 مليار دولار في العام 2017. وقال إنه يتعين على السلطات أيضاً التخلص من منصة تداول مثيرة للجدل تعرف باسم صيرفة ورفع ربط العملة المحلية.

في مصرف لبنان، ودّع الموظفون الذين تجمعوا في باحة المصرف سلامة بـ «زفة» تخللها موسيقى ورقص. وقال سلامة، وفق شريط فيديو نقلته وسائل إعلام محلية، «مصرف لبنان صمد (...) وأعطى النتائج التي يجب أن يعطيها قبل الأزمة، وحتى في الأزمة كان العمود الفقري الذي سمح للبنان أن يستمر». ويعتبر سلامة أنه تحوّل إلى «كبش محرقة» منذ بدء الانهيار. ومنذ عامين، يشكّل سلامة محور تحقيقات أوروبية تشتبه بأنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان.

وبناء على التحقيقات، أصدرت قاضية فرنسية في باريس والمدعية العامة في ميونيخ مذكرتي توقيف في حق سلامة جرى تعميمهما عبر الإنتربول، وقرّر القضاء اللبناني بناء عليهما منعه من السفر وصادر جوازي سفره اللبناني والفرنسي.

وبالتوازي مع التحقيقات الأوروبية، يقود القضاء اللبناني تحقيقاً محلياً حول ثروة سلامة، وقد فرض قبل أسبوعين حجزاً احتياطياً على ممتلكاته.

back to top