كعادتها السنوية، أقامت الجمعية الكويتية للتراث بمناسبة ذكرى الغزو العراقي على الكويت، محاضرة شارك فيها الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالتكليف د. محمد الجسار، الذي تحدث عن آثار الغزو الغاشم على المباني التاريخية بالكويت. أما المستشار بمركز البحوث والدراسات الكويتية م. صلاح الفاضل، فتحدث عن «المقاومة الكويتية المدنية: منطقة الشامية نموذجاً»، وأدارها الباحث في التراث صالح المسباح.

المباني التاريخية

Ad

في البداية، تحدث د. الجسار عن فترة الغزو العراقي الغاشم على الكويت، والأحداث التي وقعت في 2 أغسطس وما بعده، خصوصاً فيما يتعلق بتدمير المباني التاريخية والمهمة في الكويت، لافتاً إلى أن هناك عملية طمس متعمدة للهوية الكويتية، فكان هناك استهداف لبعض المباني التي ترمز لتاريخ الكويت، وتؤكد استقلالها، مثل: بوابات السور، وقصر دسمان، وقصر عبدالله الجابر، الذي كان أول متحف وطني للكويت، وقصر السلام.

وتطرق د. الجسار إلى أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية من خلال المباني، والعمارة، والبيئة المبنية، مؤكداً أن ذلك يصب في استراتيجية «الوطني للثقافة»، مبيناً أن الاستراتيجية تتضمن عدة أبواب، أحدها يشتمل على كيفية المحافظة على التراث الذي يثبت عملية الوطن والمواطنة، وأيضاً كيفية المحافظة على المباني التاريخية، وسيكون لها منهجية وخطة سيتم تنفيذها، وقد «بدأنا بعملية الترتيب لكيفية استغلال المباني التاريخية، بهدف التحسين من موقعها داخل الكويت، إضافة إلى تفعيل دورها، لأن الكثير من المباني التراثية والتاريخية قد تكون غير مفعلة، وعلى سبيل المثال مقر جمعية التراث الكويتية من أحد المباني المفعلة، حيث تم تفعيله لخدمة الثقافة الوطنية التاريخية للكويت». وتابع: «سوف نستمر في هذا الموضوع بالمستقبل، حيث سنقوم بتفعيل باقي المباني التي لها أهمية تاريخية للحفاظ عليها. والأهمية التاريخية لا تكمن فقط في المباني الطينية، بل هي عبارة عن طبقات من التاريخ، فالحفاظ على الهوية الوطنية، من خلال المباني، مثل قصة أو كتاب تاريخي، وأيضاً من ناحية العمارة يجب الحفاظ على الطبقات المعمارية من أيام البناء بالطين، أو بداية التطور المعماري الذي حدث في الكويت بعد 1950– 1951، وظهور أول مخطط هيكلي للكويت».

وأضاف: «هناك مبانٍ تم هدمها، لكن تم بناء مبانٍ لها قيمة تاريخية، ويجب الحفاظ عليها»، ووصفها بأنها مبانٍ ذات مرحلة انتقالية، وأيضاً «لدينا مبانٍ تم إنشاؤها بواسطة معماريين مشهورين بالعالم في فترتي الستينيات والسبعينيات، وهذه كانت ترمز إلى أن الكويت مهتمة بعملية تطوير البناء، بحيث يوازي ويواكب ما هو موجود دولياً في ذلك الوقت».

وختم د. الجسار حديثه: «إن شاء الله لدينا لقاءات مستمرة بالمستقبل للحديث عن موضوع العمارة الكويتية، وأهميتها لعملية توطيد الوطنية، وعن العلاقة بين العمارة والهوية الوطنية للشخص».

مركز شباب الشامية

من جانبه، تناول الفاضل تجربته في المقاومة بمنطقة الشامية، خصوصاً الأحداث التي وقعت في مركز شباب الشامية، والذي اشتهر بأنه أكبر سوق شعبي بالكويت في فترة الغزو. واستذكر بعض المواقف التي حدثت في المركز، وسردها للحضور، ومنها الأحداث التي وقعت بعد الضربة الجوية.

وعلى هامش المحاضرة، قال رئيس الجمعية الكويتية للتراث فهد العبدالجليل: «المحاضرة جاءت بمناسبة ذكرى الغزو العراقي على الكويت، والجمعية منذ تأسيسها وهي تحرص على تنظيم فعالية لهذه المناسبة، حتى نسترجع ذكرياتنا في تلك الأيام العصيبة، وأيضاً نسترجع المفاهيم والقيم والبطولات التي سطَّرها الكويتيون في ذلك الوقت، ومنها التضحيات، فقد كانت هناك مقاومة عسكرية ومدنية، والتفاف الشعب حول القيادة الشرعية، حيث ضربوا نماذج وأمثلة لجميع دول العالم بالتعاضد ومساندتهم لبعضهم البعض، ورفضهم الغزو، وأثبتوا أنهم شعب استثنائي بتلك الأزمة، وقدموا شهداء من رجال ونساء، ونظمت المسيرات، وكان هناك تواصل مع وسائل الإعلام العالمية، حتى يصل صوت الكويت إلى المنظمات الدولية».

وأكد العبدالجليل أن «تلك ملحمة وطنية تستحق أن نستحضرها في كل سنة، حتى تعلم الأجيال الجديدة تضحيات أهل الكويت»، التي وصفها بأنها ملحمة وطنية.