بعد أيام من ضجة واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي العراقية، وتصريحات لنواب وسياسيين عراقيين حول اتفاقيات الحدود مع الكويت وإعلان تشكيل لجنة عراقية ــ كويتية لاستكمال ترسيم الحدود، قال مسؤولان كبيران في بغداد والبصرة، إن الاتهامات والشائعات التي أعقبت زيارة وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح للعراق هي مجرد «ابتزاز سياسي» تقوم به أطراف معروفة داخل العراق.
وأدارت جهات متشددة في العراق واحدة من أسوأ الحملات الدعائية ضد الكويت متهمة إياها بالسطو على أراض عراقية في أم قصر، ما دفع الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي ومحافظ البصرة أسعد العيداني إلى إصدار توضيحات حاسمة.
وأدلى العوادي بحديث مطول لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، أوضح فيه أن «ملف الحدود العراقية ــ الكويتية تحول منذ 2003 وحتى الآن إلى ملف ابتزاز سياسي، من خلال بث إشاعات واتهامات من كتل وأحزاب سياسية مختلفة للتشهير والإساءة لكل الحكومات السابقة، بحجة أن هذه الحكومات فرطت بالحدود، وهذا طبعاً مجرد كذبة».
وأضاف العوادي أنه «منذ عام 1994، بعد تنفيذ قرار الأمم المتحدة، وحتى اليوم، لم تتقدم الكويت بأي خطوة تجاه الحدود العراقية، ولم تتقدم بغداد بأي خطوة تجاه الحدود الكويتية، وما زالت الدعامات البرية مثبتة وفقاً لقرار الأمم المتحدة، ولا توجد أي مشكلة بهذا الخصوص، وكل ما يثار حول الحدود العراقية ــ الكويتية كان وما زال إشاعات بهدف الابتزاز والضغط السياسي».
وذكر أنه بعد اعتراف العراق في 1994، عبر النظام السابق، بالحدود الدولية بين العراق والكويت، كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود «لم تقم أي حكومة عراقية بتغيير الحدود».
وبشأن الحدود البحرية، قال العوادي، إنها «ما زالت غير مرسمة حتى الآن».
وبينما لفت إلى أن العلاقات بين البلدين تحسنت بعد عام 2003 وتم فتح السفارات، ذكر أن «هناك مدينة صغيرة على الحدود العراقية ــ الكويتية مؤلفة من 102 منزل كانت تسمى قاعدة القوة البحرية أو الحي السكني للقوة البحرية، باتت خالية منذ بدء الحرب بين العراق والتحالف الدولي لإخراج العراق من الكويت».
وتابع: «وعندما جرى تثبيت الدعامات الحدودية البرية بين البلدين، أصبحت هذه المنازل ضمن نطاق محرمات الدعامات الحدودية، لذلك طالبت الكويت بإزالتها، لكن العراق أبلغها بصعوبة الإزالة آنذاك».
وأشار إلى أن «الكويت قدمت مقترحاً يتضمن قيامها ببناء مدينة سكنية بديلة متكاملة باتجاه مدينة أم قصر بعيدة عن محرمات الدعامات، ووافق الجانب العراقي على المقترح، وأحيلت أرض من محافظة البصرة بعد عام 2011 إلى الكويت بمتابعة وإشراف الحكومة العراقية ومحافظة البصرة، وبدأت الكويت ببناء مدينة سكنية بديلة جديدة وأنجزتها عام 2020».
وأوضح أن «المدينة مكونة من 228 منزلاً أي ضعف العدد السابق مع كامل خدماتها اللوجستية، وهي مركز شرطة ومدارس ومستوصف صحي ومسجد، إضافة إلى شوارع متكاملة».
وأشار إلى أن العراق تسلم المدينة، لكنه لم يوزعها على السكان، لأنها «كانت تفتقد لطريق يمتد إلى قضاء أم قصر، وإلى خدمات الماء والكهرباء والإنترنت»، موضحاً أن «ما تطلبه الكويت من العراق هو إزالة 102 منزل بعد أن التزمت بتوفير البدائل».
بدورها، نفت «الخارجية» العراقية، في بيان، «ما يتم تداوله بشأن التفريط في سيادة العراق، البرية أو البحرية، لاسيما ما يتعلق بمنطقة أم قصر بمحافظة البصرة».
وأكدت أن «الترسيم الحدودي البري مع الجانب الكويتي جاء وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم (833) لعام 1993»، وأن «الحكومة تبدي التزامها التام بشأنه وإيفاءها بالالتزامات الدولية ذات الصلة»، مشددة على أن «الحدود البرية لم (ولن) يتطرق إليها التغيير منذ تثبيتها رسمياً».
وكان محافظ البصرة أسعد العيداني، قال في مقابلة تلفزيونية ليل الثلاثاء ــ الأربعاء: «إن تطبيق الاتفاقات الدولية لن يتسبب في خسارة العراق ذرة تراب واحدة»، كما تحاول الإشاعات أن تضلل الرأي العام، خصوصاً من منصات حليفة لإيران.
وأضاف العيداني أن السجال الذي تفجر بعد إعلان تشكيل لجنة عراقية ــ كويتية لاستكمال ترسيم الحدود، «كان عن الشارع الفاصل بين الحدود بين البلدين، حيث يجب أن يكون خالياً تماماً... الدعامات من 1 إلى 106 لم تتحرك من يوم وضعها إلى اليوم ولو سنتيمتراً واحداً... أتحدى أي شخص يقول لي إن هذه الدعامات تحركت سنتيمتراً واحداً»، واصفاً الأطراف التي تفجر هذا النوع من الاتهامات بأنها ذات صلة «بمعارك انتخابية وسياسية»، في إشارة إلى بدء التسخين استعداداً لانتخابات المجالس المحلية في ديسمبر المقبل.