هل يمكن ربط أحداث وتطورات مخيم عين الحلوة بغيرها من الاستحقاقات اللبنانية، ومن ضمنها انتخابات رئاسة الجمهورية؟ يمثّل هذا السؤال أحد أكثر الأسئلة التي يطرحها اللبنانيون والمتابعون، لا سيما عندما يتم اللجوء إلى إجراء محاكاة لآليات سابقة أدت إلى انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، ولا سيما عندما كان الأمر يتصل بتوفير ظروف إيصال قائد الجيش إلى الرئاسة.
ففي عام 1998 مهدت أحداث منطقة كفرحبو في الضنية والمعارك التي خاضها الجيش اللبناني الطريق أمام قائده إميل لحود للوصول إلى قصر بعبدا.
كذلك حدث عام 2007، فإن المعارك التي خاضها الجيش ضد تنظيمات إرهابية في مخيم نهر البارد مهدت الطريق أمام وصول قائد الجيش حينذاك ميشال سليمان إلى الرئاسة. فهل يمكن أن يتكرر السيناريو مع جوزيف عون؟
لا بُد من الإشارة في البداية، إلى أن ميشال عون كان أيضاً قائداً سابقاً للجيش، وظروف انتخابه جاءت على وقع الكثير من التطورات التي لها صلة بأحداث أمنية في لبنان، وخصوصاً في عرسال وطرابلس، وارتكزت حملته الانتخابية على التحالف مع حزب الله في مواجهة الإرهاب الذي يهدد الوجود المسيحي، ويمثّل حزب الله عنصر حماية أساسيا له. أما حالياً، فإن الاشتباكات الدائرة في عين الحلوة، والتي من المرجّح بحسب مصادر متابعة أن تستمر تداعياتها، إذ فشلت مساعي تثبيت وقف إطلاق النار حتى الآن، مما دفع الجيش اللبناني إلى إرسال تعزيزات لوجستية وعسكرية تحسّباً لحصول أي تطورات.
وفي الوقت نفسه، تؤكد مصادر عسكرية أن الجيش لا يريد الدخول في أي عملية عسكرية داخل المخيم، واكتفى بتوجيه تحذيرات لجميع الأطراف بأنه سيرد على مصدر النيران التي قد تصيب أيا من مراكزه أو تتجاوز حدود المخيم.
وتبدي مصادر متابعة خشيتها من أن يكون هناك مسعى لتوريط الجيش أو استدراجه، فيما يعتبر آخرون أن دخول الجيش وحسم المعركة ووقف القتال والسيطرة على المخيم، من شأنه أن يرفع حظوظ قائده لرئاسة الجمهورية. إلا أنه وفق مقياس قيادة الجيش فإن الأهم هو توفير الاستقرار في المخيم ومحيطه، أي مدينة صيدا.
ومما لا شك فيه أن أحداث عين الحلوة لن يكون بالإمكان فصلها على سلسلة تطورات، مثل ملف ترسيم الحدود البرية، ودخول لبنان في المرحلة الجدية من التنقيب عن النفط والغاز، والبحث عن صيغ قانونية لتوفير القدرة لدى الحكومة على صرف رواتب الموظفين وأموال لها علاقة بالطبابة والكهرباء، وربما تقود كلها في النهاية إلى إرساء نوع من التسوية الرئاسية.
في هذا السياق، تشير المعلومات إلى أن باريس ستكثف من تحرّكها في الأيام المقبلة، عبر مراسلة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لمختلف القوى السياسية اللبنانية، طالباً منها تقديم مقترحاتها وطلباتها وتوقّعاتها من الاجتماعات التشاورية التي يعتزم عقدها في شهر سبتمبر المقبل، فيما تشير المعلومات إلى أن لودريان سيبدأ عمله من خلال عقد لقاءات له مع كل طرف على حدة، وبعدها سيتم البحث عن عقد لقاءات ثنائية، وفيما بعد يتم اتخاذ القرار النهائي بشأن عقد طاولة عمل موسّعة في المجلس النيابي.
في موازاة ذلك، يستمر التفاوض بين حزب الله ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل الذي يسعى بكل جهده لقطع طريق قائد الجيش إلى الرئاسة. ويعرض الحزب على باسيل مكاسب متعددة، وأن يكون صاحب الحصة الأكبر في العهد الجديد، في حال قرر دعم ترشيح سليمان فرنجية. وتشير المعلومات لدى حزب الله إلى أن التفاوض مع باسيل يسير بشكل إيجابي، وهناك تقاطع على بعض النقاط، فيما هناك نقاط أخرى تحتاج إلى المزيد من البحث وإلى موافقة الأطراف الأخرى.