لا تبدأ المنافسة على الترشيح الرئاسي للحزب الجمهوري رسمياً حتى يناير المقبل 2024، عندما تبدأ الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشير والمؤتمرات الحزبية في أيوا، لكن في الواقع، غالباً ما يتحدد المرشح قبل وقت طويل من إدلاء الناخبين لأصواتهم بشكل رسمي.

وعلى الرغم من العناوين الرئيسة التي كانت تتناول إليزابيث وارين وكامالا هاريس وبيرني ساندرز وبيت بوتيغيغ، فإن جو بايدن تصدر بصورة منتظمة استطلاعات الرأي الوطنية باستثناء بضع لحظات عابرة عندما حقق ساندرز انتصارات في نيو هامبشير ونيفادا، ومع أن ماركو روبيو وتيد كروز حظيا بكل ذلك الاهتمام في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لعام 2016، فإن استطلاعات الرأي تكهنت بشكل صحيح أن دونالد ترامب سيكون المرشح، في حين أن مسيرة ساندرز المتمردة أدت فقط إلى تأجيل الترشيح الحتمي لهيلاري كلينتون عام 2016.

Ad

وبشكل مماثل، قلة قليلة فقط تستطيع أن تنكر أن ترامب يهيمن على الحزب الجمهوري الآن أكثر بكثير مما كانت عليه الحال عندما فرض سيطرته على الحزب الجمهوري في عام 2016، وعلى الرغم من عدم احتلاله منصب الرئاسة في الوقت الحالي، فإنه يترشح للمنصب كمن يشغله، وخصوصاً بالنظر إلى حقيقة أن جزءاً كبيراً من الناخبين الجمهوريين يعتقدون أن «الدولة العميقة» و«جمهوريو رينو» (أي فقط بالاسم) والديمقراطيين قد سرقوا منه انتخابات 2020، لم تقلل لوائح الاتهام الموجهة إليه والتحقيقات المستمرة معه من قوة الدعم الذي يحظى به، بل حفزت الجمهوريين للوقوف وراءه.

واشتمل الاستطلاع الذي أجرته يوم الاثنين الماضي صحيفة «نيويورك تايمز» وكلية سيينا Siena College على دليل آخر بأن الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري قد حُسمت سلفاً، وأظهر الاستطلاع أنه على رغم رغبة المحافظين في حصول منافسة حامية بين ترامب وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس، فإن 54 في المئة من الناخبين الجمهوريين المحتملين يؤيدون الرئيس السابق مقارنة بـ17 في المئة ممن قالوا إنهم يدعمون ديسانتيس.

إضافة إلى ذلك، في حين أن قوة ديسانتيس المفترضة في أوساط الناخبين الحاصلين على تعليم جامعي قد نالت قدراً من الأهمية أكبر مما ينبغي، فإن 40 في المئة من الناخبين الجمهوريين المحتملين ممن يحملون درجة البكالوريوس في الأقل يدعمون ترامب، في حين أن 23 في المئة منهم فقط يؤيدون ديسانتيس.

وبشكل مماثل، مهما يحاول المتبرعون الجمهوريون جعل السيناتور تيم سكوت (جمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية) يفوز بالترشيح، فإنه يحصل على المرتبة الثالثة بين الناخبين من حملة الشهادة الجامعية، ولكنها نسبة زهيدة تبلغ أربعة في المئة ومجرد ثلاثة في المئة من الناخبين بشكل عام، وينطبق الشيء نفسه على نيكي هايلي وفيفيك راماسوامي وكريس كريستي وفرانسيس سواريز والعديد من المرشحين الرئاسيين الجمهوريين الآخرين، وفي مرحلة معينة، لن تعود الصحافة والناخبون الجمهوريون والمانحون الجمهوريون الرئيسون في حاجة إلى النظر إلى هؤلاء على أنهم مرشحون رئاسيون مشروعون، بل باحثين عن أضواء.

يتمتع ترامب أيضاً بدعم غالبية الناخبين في كل فئة عمرية تقريباً، كما أنه يبقى متقدماً بواقع 41 في المئة في الشريحة السكانية التي لا يحظى فيها بالغالبية، وهي مؤلفة من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و44 سنة.

وعلاوة على ذلك، مهما يحذر جمهوريون من أمثال عضو الكونغرس السابق ويل هيرد، الذي يرشح نفسه كمناهض لترامب على رغم أنه لم يصوت لمصلحة عزله عندما كان لا يزال في منصبه، من أن ترامب سيخسر أمام الرئيس جو بايدن، فإن 40 في المئة من الناخبين يقولون إن عبارة «قادر على إلحاق هزيمة بجو بايدن» تنطبق على ترامب بشكل أكثر دقة، في حين يرى 18 في المئة أن هذه العبارة تنطبق على الرئيس السابق بشكل «أفضل نوعاً ما».

إن هذه أرقام لا يمكن التغلب عليها تقريباً، ويكاد جميع المرشحين الآخرين يفتقرون إلى الشهرة اللازمة للتغلب على ديسانتيس، باستثناء نائب الرئيس السابق مايك بنس، الذي يعتبره العديد من الجمهوريين خائناً. إن ترشيح ترامب في هذه المرحلة أمر يكاد يكون لا مفر منه، إذ إن من المقرر أن تصبح المنافسة الحقيقية حول «من سيفوز بالميدالية الفضية»، مما يوفر للفائز احتمال أن يكون نائب ترامب، ولكن من دون أن يضمن له ذلك.

بالطبع، لا شيء مفروغ منه، لكن إذا لم يمتْ ترامب قبل جولة انتخابات ولاية أيوا، وهو قال إنه سيهرب حتى من السجن، سيكون من الصعب تخيل أن يتغلب عليه أحد في هذه المرحلة، وإذا هاجمه أي من منافسيه بشدة، فإنه سيواجه اتهامات بارتكاب هرطقة جمهورية، إلا أن السماح لترامب بتحقيق تقدم سريع من دون معارضة سيقضي حتماً على فرص منافسيه.

في هذه المرحلة، من السخف الاعتراف بأي شيء آخر غير حقيقة أن ترامب سيكون المرشح الأوفر حظاً والبدء في الاستعداد للنظر إلى الانتخابات التمهيدية المقبلة من خلال هذه العدسة.

* إيريك غارسيا