اختتمت، أمس، محادثات استضافتها مدينة جدة السعودية حول حرب أوكرانيا، بمشاركة مسؤولين كبار من نحو 40 دولة، بينها البرازيل، وبريطانيا، والهند، والصين، والولايات المتحدة، وتركيا، وجنوب إفريقيا، والاتحاد الأوروبي، في أحدث محاولة لبلورة مبادئ مشتركة وخريطة طريق جديدة لإنهاء الأزمة التي طالت تداعياتها الإنسانية والأمنية العديد من مناطق العالم.

وتمت مباحثات جدة بشكل ثنائي وثلاثي على طاولة واحدة بحضور الجانب الأوكراني، بهدف تقريب وجهات النظر، وطرح الآراء للوصول إلى حل سلمي للحرب التي بدأت قبل 18 شهراً ومن دون الحاجة إلى إصدار بيان مشترك. وفي ظل تحركات أوكرانية لحشد دعم يتخطى نطاق الداعمين الغربيين الأساسيين، من خلال التواصل مع دول النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأن وفد كييف في الاجتماع الأمني الدولي الذي انطلق بجدة، أمس الأول، يعمل على صيغة مقترحة للسلام.

Ad

وقال زيلينسكي، عبر «تويتر»: «اليوم هو يوم نشط آخر للجهود الدولية، ومقاربات سياسية مختلفة للشؤون العالمية، لكن الجميع متحدون بأولوية القانون الدولي».

وتابع: «لهذا السبب، اقترحت أوكرانيا صيغة السلام، لأنه يجب استعادة النظام الدولي القائم على القواعد، الذي انتهكه العدوان الروسي». وشدد على أن «توحيد العالم هو أحد أهم المهام الأساسية» لإنهاء الغزو الروسي لبلده.

ارتياح صيني

وبرزت مشاركة بكين في اجتماعات جدة المغلقة في ظل العلاقات السياسية والدبلوماسية الآخذة في التطور بين الرياض وبكين، وبعد إحجام الأخيرة عن المشاركة في اجتماع مماثل لتبادل وجهات النظر حيال الأزمة الأوكرانية استضافته الدنمارك، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أخيراً.

وذكر محللون أن قرار بكين المشاركة في محادثات السعودية يشير إلى تحولات محتملة في نهج بكين ويبرز الدور الحيادي الذي تؤديه الرياض. ويرى المحللون أن الصين تشعر بأريحية أكبر بكثير فيما يتعلق بالمشاركة في جهود سلام بالمملكة حتى رغم عدم حضور حليفتها روسيا ودفع أوكرانيا بخطتها الخاصة للسلام.

وفي حين رحب وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، بمشاركة بكين في محادثات جدة، ووصفها بأنها «انفراجة مهمة»، وضع خبراء الخطوة الصينية بخانة الرغبة في عدم الغياب عن مبادرات سلام أخرى ذات مصداقية تقودها دول ليست غربية. ويحدث هذا التحول في موقف الصين في وقت رصد فيه محللون استياءً متصاعدًا من جانبها من طول أمد الحرب وقصف روسيا أخيراً لموانئ حبوب أوكرانية.

في موازاة ذلك، أشادت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بمباحثات السعودية، معتبرة أن «أي ملليمتر تقدم في اتجاه تحقيق سلام عادل ومنصف يجلب بعض الأمل للشعب في أوكرانيا». وقالت إن زيلينسكي «أوضح مساراً حاسماً تماماً» في صيغته للسلام، وجوهرها هو طلب سحب القوات الروسية من جميع الأراضي المحتلة.

تعليق روسي

في المقابل، أكد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، تعليقاً على اجتماع جدة، انعدام الحاجة للمفاوضات مع كييف، وأن على العدو الركوع على ركبتيه متوسّلاً الرحمة.

وقال مدفيديف: «من الصعب إدانة الرغبة في إنهاء الحرب، ومن المستحيل الجدال في ضمان ميثاق الأمم المتحدة سيادة الدول، إلا أن هذه الميثاق ينص على حق الشعوب في تقرير مصيرها».

وأضاف: «أي مقترحات للسلام لديها فرصة للنجاح إذا تم استيفاء شروط رئيسية، هي مشاركة طرفي النزاع، وهذا الشيء لم يتحقق في اجتماع جدة.

كما لابد من أخذ السياق التاريخي في الاعتبار، حيث إن دولة أوكرانيا لم تكن موجودة قبل عام 1991، فهي جزء من الإمبراطورية الروسية، كما لابد من أخذ الحقائق الحالية في الاعتبار، وهي أن أوكرانيا في مرحلة منتصف العمر، وعاد جزء من أراضيها إلى روسيا». وتابع: «الوسيط المستعد للاعتراف بهذه الأشياء الواضحة، لديه فرصة للنجاح وكل من يرى غير ذلك فلا فرصة أمامه».

استهداف وإحباط

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنها استهدفت قواعد جوية أوكرانية في منطقة خميلنيتسكي، ومقاطعة ريفنا بغرب البلاد بأسلحة جوية بعيدة المدى عالية الدقة.

وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان الوزارة الروسية توقف حركة الطيران في مطار «فنوكوفو» جنوب موسكو، وتحويل رحلات جوية إلى وجهات أخرى، بعد التصدي لهجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية استهدف منطقة بودولسك. كما ذكرت سلطات القرم الموالية لروسيا أن جسر تشونهار تضرر جراء قصف صاروخي أوكراني.

وفي كييف، قال سلاح الجو الأوكراني إن روسيا شنَّت بضع موجات من القصف على أوكرانيا خلال الليل باستخدام 70 سلاحاً للهجوم الجوي تضمنت صواريخ «كروز»، وصواريخ فرط صوتية، وطائرات مسيّرة إيرانية الصنع. وأضاف البيان أن «الدفاع الجوي الأوكراني دمر 30 من أصل 40 صاروخ كروز، وكل الطائرات المسيرة من طراز شاهد التي أطلقتها روسيا خلال الليل التي بلغ عددها 27».

كما أفاد مكتب المدعي العام في أوكرانيا، بمقتل 499 طفلاً في البلاد نتيجة «العدوان الروسي».

في سياق قريب، أفاد تقييم استخباراتي بريطاني بأن ما لا يقل عن 50 في المئة من أصل 30 ألف مظلي تم نشرهم بأوكرانيا في عام 2022، قد قتلوا أو أصيبوا.

وأشار التقييم إلى تصريحات أدلى بها القائد العام للقوات الجوية الروسية، ميخائيل تيبلينسكي، قال فيها إن هناك 8500 مظلي أصيبوا ثم عادوا إلى الخدمة لاحقاً قبل أن يتم حذفها سريعاً في 2 أغسطس الحالي.

سلام ترامب

من جهة أخرى، صرح الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أنه الشخص الوحيد الذي يمكنه منع الحرب العالمية الثالثة، والتوصل إلى تسوية عادلة بشأن أوكرانيا قبل ان يصل حتى إلى سدة الحكم، خلال حدث لجمع التبرعات للحزب الجمهوري في ساوث كارولينا. وقال ترامب إن «الأسلحة قوية جداً اليوم، لدرجة أنها يمكن أن تمحو العالم، الأمر الذي سأحرص على عدم حدوثه».