استمرت أسعار الغاز الطبيعي في الانخفاض منذ بداية العام وخلال الربع الثاني من العام الحالي على الرغم من التحذيرات والمخاوف من أن الشتاء البارد والتوترات الجيوسياسية قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى.
وحسب تقرير صادر عن شركة كامكو إنفست، انخفض مؤشر الغاز الطبيعي الشهري للبنك الدولي بنسبة 66.4 بالمئة للنصف الأول من العام، مما يؤكد ضعف المعنويات العالمية للسلعة.
كما أدى انخفاض الطلب على الغاز الطبيعي على خلفية المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد العالمي إلى الضغط على أسعار الغاز الطبيعي مما ساهم في تراجعها في النصف الأول من العام.
وانخفضت أسعار الغاز الطبيعي بعد التقلبات الحادة التي شهدتها الأسعار خلال العام الماضي على خلفية تداعيات الصراع بين روسيا وأوكرانيا، حيث أدى الصراع إلى إعادة تنسيق أوضاع الطاقة العالمية نتيجة للعقوبات المفروضة على صادرات الطاقة الروسية وكذلك الدول الأوروبية التي تبحث عن مصادر بديلة للطاقة خارج روسيا.
لكن وسط استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا ووصول إمدادات الغاز الطبيعي الجديدة بصفة رئيسية من الولايات المتحدة إلى أوروبا، استقرت أسعار الغاز.
ووفقاً للبنك الدولي، انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة لشهر يوليو 2023 بنسبة 64.8 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 2.55 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وبالمثل، انخفضت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية لشهر يوليو 2023 بنسبة 81.4 في المئة على أساس سنوي، ليصل المتوسط الشهري إلى 9.55 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بينما تراجع متوسط سعر الغاز الطبيعي المسال الياباني لشهر يوليو 2023 بنسبة 33.8 بالمئة على أساس سنوي ليصل إلى 12.49 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وعلى صعيد استهلاك الغاز، تحرك الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي نحو إعادة التوازن البطيء خلال موسم التدفئة 2022/2023 نتيجة لصدمة الإمدادات الناجمة عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وأدى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى التحول من استخدام الغاز الطبيعي إلى الفحم لعدد من قطاعات الطاقة المختلفة في العديد من المناطق في أوروبا وجنوب آسيا.
وأدى هذا التحول لاستخدام الفحم إلى ترسيخ انخفاض استهلاك الغاز الطبيعي مما أدى إلى انخفاض أسعار الغاز.
وبالمقارنة، تزايد استهلاك الولايات المتحدة من الغاز بنسبة هامشية بلغت 0.6 في المئة على أساس سنوي خلال فصل الشتاء 2022/2023 (ديسمبر - فبراير) بدعم رئيسي من الانخفاض الحاد الذي شهدته درجات الحرارة خلال شهر ديسمبر.
وأدى الانخفاض الحاد لدرجات الحرارة خلال فصل الشتاء إلى تزايد هائل في وتيرة استهلاك الغاز الطبيعي إذ ارتفع الطلب على التدفئة في القطاعات التجارية والسكنية مما أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار.
لكن هذا الارتفاع في الطلب سرعان ما اتخذ اتجاهاً معاكساً نتيجة لاعتدال درجات الحرارة خلال الربع الأول من العام 2023.
ومن المتوقع أن يشهد إنتاج الغاز الطبيعي العالمي، الذي ظل ثابتاً على مدار العام 2022، نمواً هامشياً من 4033 مليار متر مكعب في العام 2022 إلى 4037 ملياراً في العام 2023، وفقاً لمنتدى الدول المصدرة للغاز، بصدارة الولايات المتحدة وإفريقيا والشرق الأوسط.
كما من المتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في أميركا الشمالية من 1215 مليار متر مكعب في العام 2022 إلى 1279 ملياراً في العام 2023، بينما من المتوقع أن يرتفع إنتاج الغاز الطبيعي في دول الشرق الأوسط من 685 مليار متر مكعب إلى 702 مليار في العام 2023.
وبالمقارنة، فمن المتوقع أن ينخفض إنتاج الغاز في دول رابطة الدول المستقلة بنسبة 2.2 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 814 مليار متر مكعب في العام 2023 متأثراً بصفة رئيسية بتراجع الكميات الواردة عبر خط أنابيب الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا.
وفي وقت تراجع الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا والولايات المتحدة، زاد استهلاك الصين من الغاز الطبيعي منذ بداية العام 2023. إذ ارتفع استهلاك الصين من الغاز الطبيعي بنسبة 5 في المئة على أساس سنوي إلى 162 مليار متر مكعب خلال الفترة الممتدة ما بين يناير إلى مايو 2023 وفقاً لمنتدى الدول المصدرة للغاز.
وساهم تعافي الاقتصاد الصيني من تدابير الإغلاق الصارمة خلال العام 2022، كما أن زيادة استهلاك قطاع الطاقة من الغاز الطبيعي نتيجة لانخفاض إمكانية الوصول إلى الطاقة الكهرومائية ساهم في تعزيز نمو استهلاك الغاز الطبيعي في الصين.
وأدى تزايد استهلاك الغاز الطبيعي في الصين إلى زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب. وبلغ المتوسط الشهري للغاز الطبيعي الوارد إلى الصين عبر خطوط الأنابيب 5.1 مليارات متر مكعب على مدار الخمسة أشهر الأولى من العام 2023 مقابل 5.0 مليارات في العام 2022.
وبالمثل، نمت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال بوتيرة سريعة خلال النصف الأول من العام 2023 لتصل إلى أعلى مستوياتها المسجلة في يونيو 2023، إذ بلغت 6.2 ملايين طن متري مقابل 4.4 ملايين.
وبصفة عامة، شهدت واردات الغاز الطبيعي المسال في مناطق آسيا والمحيط الهادئ نمواً هائلاً خلال النصف الأول من العام، إذ ارتفعت بنسبة 2.3 في المئة لتصل إلى 129.38 مليون طن متري من الغاز الطبيعي.