في حين أغلق المجلس العسكري الحاكم في النيجر الأجواء أمام كل الرحلات الجوية ونشر لجاناً شعبية للتفتيش في العاصمة نيامي، تحسباً لمواجهة محفوفة بالمخاطر لإعادة الرئيس المنتخب محمد بازوم إلى السلطة، أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «إيكواس» أمس، أنها ستعقد اجتماعاً ثانياً بعد غد في العاصمة النيجيرية أبوجا.
وبعد ساعات من انتهاء مهلة الأسبوع، التي منحتها «إيكواس» لإعادة النظام الدستوري وسط انقسام وتردد إقليمي وغربي بشأن التدخل العسكري المحتمل من المجموعة، برر المجلس العسكري إغلاق الأجواء بوصول معلومات استخباراتية عن تحركات طائرات فرنسية في دول مجاورة كانت ستتجه إلى نيامي.
وتحدث المجلس، في بيان منفصل، عن انتشار مسبق استعداداً للتدخل جرى في بلدين وسط إفريقيا، من دون تحديدهما، محذراً من أن «أي دولة مشاركة ستعتبر طرفاً في القتال».
وبينما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤول رفيع في «إيكواس»، قوله إن جيوش المنطقة بحاجة إلى مزيد من الوقت للاستعداد، وتعزيز قوة الوحدات العسكرية قبل دخول النيجر، مؤكداً أن هذا العمل العسكري يعتمد على التحضير الجيد، أرسلت السلطات العسكرية الحاكمة في كلٍّ من مالي وبوركينا فاسو وفداً مشتركاً برئاسة وزير مالي إلى نيامي لدعم الانقلابيين الجدد.
في هذه الأثناء، رفعت باريس، التي تعهّدت في وقت سابق بدعم خطوات «إيكواس» لإنهاء الانقلاب، سقف تحذيراتها لمواطنيها المتبقين في النيجر، ودعتهم إلى اعتماد أقصى درجات الحذر، كما صنفت كل مناطق البلاد حمراء، ودعت من تبقى من مواطنيها بالنيجر إلى تقليص تنقلاتهم، والابتعاد عن مناطق التجمعات ومتابعة التطورات. كما علقت باريس مساعداتها التنموية المخصصة لبوركينا فاسو.
على الجانب الآخر، دعا وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، إلى تمديد مهلة «إيكواس» لإفساح المجال أمام حل دبلوماسي للأزمة، محذراً من أن «أوروبا منخرطة في العديد من الجبهات العسكرية وأولاها أوكرانيا، ولا يمكنها فتح مواجهة أخرى في إفريقيا».
وبينما احتفظت الولايات المتحدة بأعلى درجات الحذر، دعت الصين مواطنيها إلى مغادرة النيجر في ظل تزايد احتمال اندلاع مواجهة إقليمية قد تكون مدمرة.
وفي تفاصيل الخبر:
ساد ترقّب حذِر النيجر، أمس، بانتظار رد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، بعدما تجاهل قادة الانقلاب في نيامي المهلة التي حددتها لهم المجموعة لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم إلى منصبه، فيما أغلق المجال الجوي للبلد الإفريقي الواقع بمنطقة الساحل، بعد أنباء عن وصول معلومات استخباراتية للمجلس العسكري الحاكم تفيد بأن طائرات فرنسية كانت على وشك الإقلاع من تشاد والجابون إلى مطارات داخل البلاد.
ومع انتهاء المهلة منتصف ليل الأحد ـ الاثنين لم يبد الانقلابيون الذين تولوا السلطة في 26 يوليو الماضي أي نية للتراجع، وبرروا إغلاق المجال الجوي أمام كل الطائرات حتى إشعار آخر بـ «مواجهة التهديد بالتدخل الذي بدأت تتضح معالمه انطلاقا من استعدادات البلدان المجاورة».
وجاء في بيان لقادة الانقلاب أن أي محاولة لخرق المجال الجوي ستواجه «بردّ قوي وفوري». وفي بيان منفصل، قال «مجلس حماية الوطن»، الحاكم الذي يضم العسكريين الذين استولوا على السلطة، «إن انتشارا مسبقا استعدادا للتدخل جرى في بلدين وسط إفريقيا» من دون تحديد هذين البلدين، وحذّر من أن «أي دولة مشاركة ستعتبر طرفا في القتال».
وبالتزامن مع إغلاق المجال الجوي شكل شباب في مدينة نيامي، عاصمة النيجر، لجانا أمنية أهلية، وقاموا بتفتيش المركبات تحسباً للتدخل المحتمل من قبل جيران البلد للإطاحة بالمجلس العسكري.
وجاء ذلك في وقت تزايد انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في عموم النيجر، بعد إعلان نيجيريا وقف إمداد جارتها بالطاقة، التزاما بعقوبات فرضتها عليها «إيكواس».
في موازاة ذلك، أرسلت السلطات العسكرية الحاكمة في كل من مالي وبوركينا فاسو وفدا مشتركا يرأسه وزير مالي إلى نيامي لإظهار التضامن مع الانقلابيين في النيجر.
استعداد وغموض
في غضون ذلك، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول رفيع في «إيكواس»، قوله إن جيوش المنطقة بحاجة إلى مزيد من الوقت للاستعداد وتعزيز قوة الوحدات العسكرية قبل دخول النيجر، مؤكدا أن هذا العمل يعتمد على التحضير الجيد.
كما أكد المسؤول أن مجموعته ستواصل الضغط على المجلس العسكري في نيامي بالعقوبات الاقتصادية والمالية، وستسعى للحصول على دعم للحظر التجاري من هيئات أخرى مثل الاتحاد الإفريقي.
لكن في ظل حالة من الغموض بشأن إمكانية المضي بخطط التدخل العسكري الذي تدعمه فرنسا لإعادة النظام الدستوري إلى نيامي، قال ضابط سابق بالجيش البريطاني عمل في نيجيريا إن مسؤولين عسكريين هناك أخبروه بأن الرئيس بولو تينوبو لم يصدر أوامر باستخدام القوة العسكرية ضد الانقلابيين في النيجر.
في غضون ذلك، غيّرت شركات الطيران الدولية مسارات رحلاتها بعيدا عن المجال الجوي النيجري، فيما قال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية إن كل يوم لا تستطيع فيه طائرات البلاد التحليق في المجال الجوي للنيجر يمثل انتكاسة للقوات المسلحة الألمانية التي تسعى لسحب عناصرها من الجارة مالي. ويأتي ذلك في وقت حذر القائد الأعلى السابق لقوات حلف الناتو في أوروبا جيمس ستافريديس من أن الوضع في النيجر قد يتحول إلى صراع عسكري واسع النطاق في إفريقيا.
تمهل إيطالي
في هذه الأثناء، دعا وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني «إيكواس» إلى تمديد المهلة الممنوحة للعسكريين بالنيجر للعدول عن انقلابهم، وبهدف توفير المزيد من الوقت لإجراء الحوار والمفاوضات اللازمة لحل الأزمة السياسية دبلوماسيا. وقال تاجاني: «ندعو إلى حل دبلوماسي، حيث تواجه مجموعة إيكواس قراراً حاسماً عقب انتهاء المهلة الممنوحة للمجلس العسكري في النيجر منتصف ليل الأحد لإعادة الرئيس المخلوع».
وكانت المجموعة أمهلت العسكريين في 30 يوليو الماضي أسبوعا لإعادة بازوم إلى منصبه، واتخذت موقفا متشدداً حيال الانقلاب، وهو السابع الذي تشهده المنطقة خلال 3 سنوات.
وأعد قادة جيوش «إيكواس» الجمعة الماضية الخطوط العريضة لخطة «تدخل عسكري محتمل»، بعد اجتماع ليومين بالعاصمة النيجيرية أبوجا، وقد أبدت بعض دول المجموعة، مثل السنغال وساحل العاج، استعدادها للمشاركة.
تصنيف أحمر
من جهتها، رفعت «الخارجية» الفرنسية سقف تحذيراتها لمواطنيها المتبقين في النيجر، ودعتهم إلى اعتماد أقصى درجات الحذر، كما صنفت كل مناطق البلاد حمراء في تحديثها على موقعها البارحة، ودعت من تبقّى من مواطنيها بالنيجر إلى تقليص تنقلاتهم، والابتعاد عن مناطق التجمعات ومتابعة التطورات.
وليل الأحد ـ الاثنين، أعلنت فرنسا تعليق مساعداتها التنموية، وتلك المتعلقة بدعم الميزانية المخصصة لبوركينا فاسو ليل الأحد ـ الاثنين، بعد أن أعلنت مساندتها للحكم العسكري الجديد في النيجر، وهددت باعتبار أي تدخل عسكري بمنزلة «إعلان حرب». يشار إلى أن فرنسا أجلت أغلب مواطنيها من النيجر خلال الأيام الماضية في 5 رحلات جوية نظمتها وزارة الدفاع، لكن عملية الإجلاء لم تشمل العسكريين الذين يتمركزون بقاعدة عسكرية في نيامي ويبلغ عددهم 1500.
في سياق قريب، ذكرت السفارة الصينية في النيجر أن على الرعايا الصينيين في الدولة الواقعة غرب إفريقيا المغادرة إلى دولة ثالثة أو العودة إلى بلادهم إذا لم يكن هناك داع للبقاء.
وأفادت السفارة، في بيان، بأن على الأشخاص الذين يخططون لزيارة النيجر قريباً عدم السفر ما لم يكونوا مضطرين لذلك.