في الصميم: التفوق الزائف
خبر تعليمي متوقع ومستحق نتيجة للتفوق الزائف، فجامعة مالطا رفضت قبول 12 طالباً كويتياً في تخصصات طبية يفترض أنهم متفوقون دراسياً، هؤلاء نموذج أوّلي لمجاميع طلابية كثيرة حصلوا على درجات مرتفعة جداً لا يتقبلها العقل، درجات حصلوا عليها على حساب شباب وشابات الكويت المتفوقين حقيقة، فهم الذين جدّوا واجتهدوا، ولكن لم يكن باستطاعتهم منافستهم إطلاقاً، فمهما فعلوا فلن يحصلوا على نسب 100% أو 98% إلا بالغش والتزييف.
تساءل أحد أولياء الأمور متذمراً عن سبب رفض جامعة معتبرة في دولة خليجية قبول ابنه النابغة رغم حصوله على تقدير ممتاز وبنسبة الـ100% السحرية، وهذا أمر مستغرب من تلك الجامعة، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فقد تبين أن درجته في اختبار التحصيل كانت 61%، وكانت النسبة أسوأ في اختبار القدرات.
كتبنا الكثير عن تلك النتائج الخيالية التي سجلت بشكل جنوني في السنوات الأخيرة لنتائج الثانوية العامة وما قبلها وبعدها، وحذرنا من أنها نتائج زائفة، ومخرجات تعليمية فاشلة حتى يثبت العكس، وأن ذلك التفوق الزائف ستكشفه الجامعات التي تحترم نفسها وتخاف على سمعتها العلمية عند إجراء الاختبارات المناسبة لهم.
الكارثة الحقيقية أن ذلك التفوق الزائف سيؤدي الى مخرجات فاشلة، وأنها ستكون على حساب الطلبة الجادين المجتهدين، وما لم تجر اختبارات قدرات حقيقية واختبارات تحصيل علمي مشابهة لما درسه الطلبة في مرحلة الثانوية العامة، كاللغتين العربية والإنكليزية والرياضيات، والكيمياء، والفيزياء والأحياء حتى تتم مقارنتها مع النتائج الورقية التي أتوا بها، فإن العملية التعليمية برمتها ستكون فاشلة، ونحن هنا على يقين أنه إذا ما تمت تلك الاختبارات بجدية وحزم فإن النتائج ستكون صادمة لكثير من أولياء الأمور كما صدمتنا نحن نتائجهم.
يجب التصدي لتلك الظاهرة المدمرة، ظاهرة التفوق الزائف، وكما اقترح أحد الإخوان، «فلا بد من وجود مركز وطني للقياس والتقويم، ولا بد من وجود امتحانات عادلة يمكن من خلالها الوقوف على القدرات الذهنية والمستوى العلمي الحقيقي للطالب أو الطالبة، والتي يمكن من خلالها قياس مدى تحصيلهم العلمي الفعلي خلال المرحلة الثانوية»، ونتيجة لتلك الاختبارات العادلة يتم توجيه الطالب للجامعة أو للتخصص أو للكلية المناسبة لإمكاناته وقدراته.
يجب على وزارة التربية أن تغلق المدارس والجامعات التي أساءت للتعليم في الكويت، ويجب معاقبة أي متساهل ومتسبب في تردي التعليم، فهناك مؤسسات تعليمية تدور حولها الشبهات، تخدع أولياء أمور الطلبة بمنحهم العلامات الكاملة أو المرتفعة جداً التي لا تعكس المستوى العلمي الحقيقي لهم.
التعليم لن ينهض بوجود مجلس أمة متقاعس عن تلك الظاهرة المدمرة؟ مجلس همه الوحيد صرف ما في الجيب إرضاء لناخبيه، وبنوائب ينادون بفرض الثوابت الشرعية، وهم أنفسهم يخالفون الشرع بوقوفهم ودفاعهم عن معلمين وطلبة فاسدين، ويسقطون وزيراً حاول أن يعاقب غشاشين مزورين، فأين هم من قول الرسول صلى عليه وسلم: «من غشنا فليس منا؟»، أما الحكومة فهي المتقاعس الأكبر باستسلامها لهكذا نوائب؟
نعيد ونكرر:
إذا أردت تدمير أمة فما عليك إلا أن تنصّب عليها فاسدين وسرّاقاً للمال العام، أما إذا أردت أن تتسيد شعوبها فعليك بتجهيلهم وإلهائهم بالخزعبلات والغيبيات، وكثرة العطل.