انتهت وزارة التعليم العالي إلى رفض الاقتراح بقانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم ١٥ لسنة ۱۹۷۹ في شأن الخدمة المدنية الذي يعطي للموظف حق الجمع بين الوظيفة واستكمال الدراسة الجامعية بالخارج مع التزام جهة عمله باعتماد المؤهل الحاصل عليه، مشددة على أنه بمنزلة دعوة للحصول على درجة علمية بطريقة غير مقبولة أو السماح للموظف بالإخلال بواجبات عمله.
وقالت «التعليم العالي»، في مذكرة رأي بشأن الاقتراح النيابي، تسلمها مجلس الأمة أمس، وحصلت «الجريدة» على نسخة منها، أن هذا المقترح من شأنه أن «يفتح الباب على مصراعيه أمام جميع موظفي الدولة لاستكمال دراستهم خارج البلاد والحصول بصور غير مشروعة على شهادات علمية لا تحتاج إليها الإدارة في مجال الوظيفة العامة وتحقيق المصلحة العامة».
وأضافت الوزارة أن قيامها والجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم بوضع الضوابط والحدود والخطط التي تضمن الوصول إلى تعليم نوعي متميز ينمو بالمستوى العقلي للشباب «لا يعتبر افتئاتاً على الحق في التعليم، إنما هو إعمال وتفعيل واحترام لنص المادة ٤٠ من الدستور»، مؤكدة أن من جملة تلك الضوابط ضرورة أن تكون الشهادات العلمية الصادرة من خارج دولة الكويت تم الحصول عليها من خلال الانتظام الكلي، لخلق حالة من التفرغين الذهني والجسدي اللازمين لضمان الاندماج والتواصل الفعلي مع المؤسسة التعليمية المسجل بها الدارس.
ورأت أن تحصيل الطلبة لدراستهم خارج البلاد، لا يتأتى – في حالة كانوا موظفين في جهات حكومية - إلا إذا تفرغوا للدراسة لضمان تزودهم بالقدر اللازم من علوم التخصص، متوخين أن تكون شهاداتهم التي يحصلون عليها معبرة بحق عن عمل متصل وجهد علمي دؤوب بذلوه على امتداد سنين دراستهم ولغلق باب الشهادات عديمة القيمة العلمية التي يفتقد حاملوها الجدارة والكفاءة العلمية»، مؤكدة أن «التعليم بقدر ما هو حق للفرد على مجتمعه، فإنه، وبذات القدر، أداة هذا المجتمع إلى التقدم والنماء».
أما السماح للموظفين بإكمال دراستهم العليا على نفقتهم الخاصة شريطة عدم التعارض بين الدراسة والوظيفة، فشددت «التعليم العالي» على أنه مجرد قول نظري غير قابل للتطبيق العملي، حسبما كشفت التجارب العملية، إذ إنه وفقاً لقواعد المنطق يوجد تعارض فعلي بين الدراسة والوظيفة.
وأكدت أن على الموظف الذي يريد استكمال دراسته أن يسلك طريق البعثات أو الإجازات الدراسية، بموافقة جهة عمله، على أن تكون الدراسة في مجال وظيفته، وأن يكون متفرغاً لدراسته، لتلبية احتياجات الكويت من المتخصصين والفنيين والخبراء في مختلف التخصصات، وحتى لا تضيع جهود الدولة والدارسين هباء منثوراً بالحصول على مؤهلات لا طائل من ورائها.
في تفاصيل الخبر:
انتهت إلى رفض الاقتراح بقانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية بقانون، «الذي يعطي للموظف حق الجمع بين الوظيفة واستكمال الدراسة الجامعية بالخارج مع التزام جهة عمله باعتماد المؤهل الحاصل عليه».
وقالت الوزارة، إن الاقتراح بمنزلة دعوة إما للحصول على الدرجة العلمية بطريقة غير مقبولة، أو السماح للموظف بالإخلال بواجبات عمله، فضلاً عن أنه سيفتح الباب على مصراعيه أمام كل موظفي الدولة لاستكمال دراستهم خارج البلاد، والحصول على شهادات علمية بصور غير مشروعة لا تحتاج إليها الإدارة في مجال الوظيفة العامة وتحقيق المصلحة العامة.
وأضافت «التعليم العالي» في مذكرة تضمنت رأيها في الاقتراح بقانون المشار إليه تسلمها مجلس الأمة أمس، أنه «حرصاً على المصلحة العامة وفي إطار المهام التي أناطها بها قانون إنشائها رقم ۱۹۸۸/۱64 فإنها ترى أنه لا بد من صدور تشريع يضمن سلامة جودة التعليم وسلامة الحصول على الدرجة العلمية من جانب، ويضمن المحافظة على الواجبات الوظيفية من جانب آخر، تماشياً مع قواعد الدستور، وليس تعارضاً، إذ إن تنظيم التحاق الموظف بالدراسة لا ينطوي على خرق لقواعد الدستور».
وأشارت إلى أن المادة 40 من الدستور تنص على أن «التعليم حق الكويتيين تكفله الدولة وفقاً للقانون أو في حدود النظام العام والآداب، والتعليم إلزامي مجاني في مراحله الأولى وفقاً للقانون»، وإعمالاً لهذا النص الدستوري فإن كفالة التعليم واجب على الدولة باعتبارها حقاً للكويتيين، لكنه حق مقيد وفقاً لما يقرره القانون الذي يضطلع بوضع الضوابط والحدود والخطط التي تضمن تلك الكفالة.
وذكرت أنه من ذلك كان المرسوم بقانون رقم (1988/164) بإنشاء وزارة التعليم العالي الذي ينص في مادته الأولى على أنه «تتولى وزارة التعليم العالي كل ما يتعلق بالتعليم الجامعي والتطبيقي والبحث العلمي الذي تقوم به كليات ومعاهد التعليم العالي وتوظيفها لخدمة المجتمع والارتقاء به»، كما صدر المرسوم رقم (2010/417) بإنشاء الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم.
وتابعت، وبناء عليه، فإن قيام وزارة التعليم العالي والجهاز الوطني بوضع الضوابط والحدود والخطط التي تضمن الوصول إلى تعليم نوعي متميز ينمو بالمستوى العقلي للشباب لا يعتبر افتئاتاً على الحق في التعليم، إنما هو إعمال وتفعيل وإحترام لنص المادة 40 من الدستور، ومن جملة تلك الضوابط التي سعى إلى إصدارها كل من وزارة التعليم العالي والجهاز الوطني، استناداً إلى مرسوم إنشاء كل منهما، هي التي تلزم بأن تكون الشهادات العلمية الصادرة من خارج الكويت قد تم الحصول عليها من خلال الانتظام الكلي بالدراسة، والذي يقصد به خلق حالة من التفرغين الذهني والجسدي اللازمين لضمان الاندماج والتواصل الفعلي مع المؤسسة التعليمية المسجل بها الدارس.
جهاز متخصص
وعن دور الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، قالت: «إنه من أجل تحقيق وضمان جودة التعليم والحصول على مخرجات تلبّي حاجة المجتمع وعلى مستوى يليق بالغاية المرجوة للنهوض بالبلاد، ارتأى المشرع إنشاء جهاز متخصص، وأسند إليه وضع المعايير وسلوك السبل للوصول لهذه الغاية السامية وأطلق يده من كل قيد، ومن ثم صدر المرسوم رقم ۲۰۱۰/۱۷ بإنشاء الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، الذي تم بموجبه تحديد الهدف من إنشائه وتحديد إختصاصاته وصلاحياته».
وأكدت أنه لضمان تحقيق التوازن بين حق الموظف في الالتحاق بالتعليم وحصوله على تعليم جيد من ناحية، وضمان محافظته على واجبات الوظيفة من ناحية أخرى، يجب التفرقة بين الالتحاق بالتعليم داخل الدولة والالتحاق بالتعليم في الخارج، وفيما يلي نتناول كلاً من الفرضين على حدة.
أولاً: فيما يختص بالتعليم خارج الدولة، فإنه لا بدّ أن يكون بطريق الانتظام الكلي، لأن طبيعة الدراسة التقليدية تتطلب الوجود خارج البلاد، وتحقيق قدر من التفرغ الذي يتناسب مع طبيعتها، فإن ذلك لا يتحقق عند الموظف العامل في القطاعين العام أو الخاص، الذي لا يتمتع بإجازة دراسية، لارتباطه بعمله وعدم إمكانيته الوجود خارج البلاد، وأن القول بخلاف ذلك إنما هي دعوة إما للحصول على الدرجة العلمية بطريقة غير مقبولة، أو السماح للموظف بالإخلال بواجبات عمله، الذي يتقاضى راتباً عليها بسبب وجوده خارج البلاد، الأمر الذي يتطلب تدخلاً تشريعياً يضمن سلامة الحصول على الدرجة العلمية من جانب، وضمان المحافظة على واجبات الوظيفة من جانب آخر.
ضوابط مهمة
وأشارت إلى أن تحصيل الطلبة لدراستهم التي التحقوا بها خارج البلاد، لا يتأتي - إذا كانوا موظفين في جهات حكومية - إلا إذا تفرّغوا لتلك الدراسة وانتظموا فيها، لضمان تزوّدهم بالقدر اللازم من العلوم التي تخصصوا فيها، متوخّين في ذلك أن تكون الشهادات العلمية التي يحصلون عليها معبّرة بحق عن عمل متصل وجهد علمي دؤوب بذلوه على امتداد سنوات دراستهم، ولغلق باب الشهادات عديمة القيمة العلمية التي يفتقد حاملوها الجدارة والكفاءة العلمية، وما ذلك إلا توكيداً لحقيقة أن التعليم بقدر ما هو حق للفرد على مجتمعه، فإنه - بذات القدر - أداة هذا المجتمع إلى التقدم والنماء.
وقالت: إن جودة التعليم ومتطلبات التحصيل العلمي السليم تقضي وضع الضوابط اللازمة لضمان تحققهما، فمن ثم كان من أهمها الالتزام بالحضور والمتابعة المستمرة من خلال التفرغ التام للدراسة، الأمر الذي دعا إلى حظر الدراسة بنظام الانتساب بإصدار القرار الوزاري رقم 1994/20 الصادر بتاريخ 12/6/1994 وعدم معادلة الشهادات وفق القرار الإداري رقم 1997/1 الصادر بتاريخ 27/1/1997، مشددة على أن الدراسة بنظام الانتساب أو نظام التعليم المفتوح أو الانتظام الجزئي بالدراسة أو «أونلاين» والدراسة عن بُعد، لا تحقق القدر المتيقن من جودة التعليم، لذا قررت لائحة معادلة الدرجات العلمية ما بعد الثانوية العامة الصادرة خارج الكويت والصادرة في 2/2/2019 في المادة ۱۱ فقرة 6 عدم النظر في معادلة الدرجات العلمية التي تعتمد البرامج غير التقليدية في الدراسة، ومنها التعليم عن طريق الانتساب، مما يفهم منه اعتماد الدراسة البرامج التقليدية فقط، وبناء على ما تقدم فإن التحاق الموظف بالدراسة خارج البلاد لا بدّ أن يكون بطريق الانتظام الكلي الذي يقتضي الحصول على إجازة تفرّغ دراسي، الأمر الذي يقتضي إصدار لائحة تنظّم موضوع الإجازات الدراسية، بما لا يخلّ بجودة أداء الجهاز الإداري.
وفيما يختص بالتحاق الموظف بالدراسة داخل الدولة، فقد صدرت موافقة من مجلس الخدمة المدنية في اجتماعه رقم (10) لسنة 2023 المنعقد بتاريخ 18/7/2023، وقرر الموافقة على جمع الموظف بين العمل والدراسة عقب التعيين على نفقته الخاصة دون الحصول على إجازة أو بعثة دراسية وبين الشروط التي يجب على الموظف أن يلتزم بها.
المصلحة العامة
وبشأن توضيح الموازنة ما بين حق الموظف في الالتحاق بالدراسة خارج دولة الكويت من جانب، وضمان جودة التعليم وسلامة التحصيل العلمي وجودة المؤهلات العلمية الحاصل عليها من جانب آخر، أكدت «التعليم العالي» أن تقرير حق الموظف في الجمع بين الوظيفة والدراسة الجامعية لا يحقق المصلحة العامة، ولابد من وضع أطر وقواعد تنظيم هذا الحق بما يكفل الموازنة بين جودة أداء الجهاز الإداري للدولة، واستعمال الموظف حقه في التعليم، كما أنه يحرم الدولة من الارتقاء بمستوى الأداء الوظيفي من خلال الحصول على تعليم جيد، وفي تخصصات تفيد الدولة على المستوى العام، والقضاء على البطالة المقنعة لبعض حاملي الشهادات، التي ليس عليها طلب في سوق العمل، في ظل وجود ندرة في تخصصات أخرى - وهي غاية عمدت إليها قواعد الدستور، ومن أجلها أصدر المشرع عدة تشريعات بإنشاء وزارات وأجهزة ومؤسسات متخصصة، وأسند لكل منها دوراً في سبيل تحقيق الغاية - كوزارة التعليم العالي، والجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي، وضمان جودة التعليم، وديوان الخدمة المدنية، مضيفة إن اشتراط التفرغ الدراسي يؤدي حتماً إلى غلق باب الحصول على الشهادات عديمة القيمة العلمية التي يفتقد حاملوها الجدارة والكفاءة العلمية.
اللجنة «المشتركة» توافق على الاقتراح من حيث المبدأ!
وافقت لجنتا شؤون التعليم والثقافة والإرشاد والموارد البشرية، في اجتماعهما المشترك أمس، مـن حيـث المبـدأ، علـى السماح بالجمـع بيـن الوظيفـة والدراسـة داخـل الكويـت وخـارجها، وفقاً لضوابـط ومعايير.
وأوضح بيان صادر عن الاجتماع أن الموافقة على الجمع بين الدراسة والوظيفة من حيث المبدأ جاءت بإجماع الأعضاء الحاضريـن، وفقاً لضوابـط ومعايير تضمـن تحقيـق جـودة التعليم وصون حق الموظف في التعليم.
وأضاف البيان أنه تم أيضاً الاتفاق علـى انتظـار الـرد الحكومي المتعلـق بتحديـد الضوابط والمعايير، بعـد انتهاء إدارة الفتوى والتشريع من مراجعته، على أن يتم الانتهاء من إعداد تقريـر مـن اللجنتين ورفعه قبل بداية دور الانعقاد المقبل.
وذكر البيان أن ذلك جاء استناداً إلـى المادة 53 مـن اللائحة الداخليـة وبنـاء علـى الاجتماعات المشتركة المنعقدة بيـن لجنـتي شـؤون التعليـم والثقافة والإرشـاد، والمـوارد البشرية، والتـي نوقـشت خلالها الموضوعات المتعلقة بالجمع بين الوظيفة والدراسة والمدرجة على جدول أعمال اللجنتين.