أرجأت مجموعة دول غرب إفريقيا الاقتصادية «إيكواس» اجتماعاً مهماً كان مقرراً، أمس، حول نشر قوة تدخل لإعادة الرئيس محمد بازوم، الذي أطاحه انقلاب في النيجر.

وكان من المقرر أن يلتقي قادة أركان جيوش الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في العاصمة الغانية أكرا من أجل تقديم المشورة لقادة المنظمة بشأن «أفضل الخيارات» فيما يتعلق بقرارهم تفعيل ونشر «قوتها الاحتياطية»، لكن بحسب مصادر عسكرية إقليمية، تم تأجيل الاجتماع لأسباب فنية من دون الكشف عن موعد جديد.

Ad

وفي وقت سابق، أعلن قادة «إيكواس» خلال قمة استثنائية عقدت في أبوجا عاصمة نيجيريا، اللجوء للحلول الدبلوماسية بشأن الأزمة، مع الإبقاء على كل الخيارات مطروحة على الطاولة، كما طالب بتفعيل القوة الاحتياطية للمجموعة على الفور للتدخل إذا استمر الجيش في استيلائه على السلطة بنيامي.

ووصف حسومي مسعودو، وزير الخارجية بحكومة الرئيس بازوم، الخيار العسكري الذي تدرسه «إيكواس» بأنه ليس حرباً ضد النيجر وشعبها، بل هو عملية ضد محتجزي الرهائن، داعياً قادة المجلس العسكري لوضع حد للانقلاب لتفادي تلك الخطوات.

في مؤشر جديد على التردد والخلافات بين القوى الإقليمية والدولية، قرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي إرجاء اجتماعه المقرر أمس، لبحث تعليق عضوية النيجر، لإجراء مزيد من المشاورات حول الخطوة.

اجتماع وغضب

في المقابل، عقدت الحكومة التي شكلها المجلس العسكري في النيجر أول اجتماع لها أمس الأول برئاسة عبدالرحمن تياني زعيم المجلس العسكري الحاكم.

وذكر التلفزيون الرسمي، أن الحكومة عيّنت مديراً عاماً جديداً للشرطة.

وليل الجمعة ـ السبت، تجمع آلاف من مؤيدي الانقلاب للاحتجاج قرب القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي.

ورفع المتظاهرون شعارات مناهضة لباريس، كما رددوا هتافات ضدها وضد منظمة «إيكواس».

وفي شوارع نيامي، هناك غضب حقيقي من طريقة رد فعل حكومات الدول الإقليمية والتهديد بالتدخل العسكري.

ورغم التأثير الفوري للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها دول «إيكواس» على الدولة الحبيسة والتي تسببت في ارتفاع أسعار أغلب السلع التموينية الأساسية وإمدادات الكهرباء، تؤكد عناصر مدنية انضمت للجان شعبية نشرها المجلس العسكري في عاصمة النيجر أنها ستتصدى لأي تدخل عسكري محتمل.

ومنذ الانقلاب العسكري في نيامي ينصب قدر كبير من الغضب على فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي طردت الجارتان مالي وبوركينا فاسو قواتها في أعقاب الانقلابين هناك.

كما يتهم المجلس العسكري «إيكواس» بأنها منظمة تعمل لمصلحة باريس.

بلينكن وإيسوفو

وفي حين تشير تقارير إلى تباين بين واشنطن وباريس بشأن التعامل مع الانقلاب في نيامي ومخاطر تحقيق روسيا لمكاسب على حساب الوجود الغربي بالمنطقة الاستراتيجية الغنية باليورانيوم والنفط، أفادت الخارجية الأميركية بأن الوزير أنطوني بلينكن أعرب، في اتصال مع رئيس النيجر السابق محمد إيسوفو، عن قلقه البالغ من استمرار اعتقال الرئيس بازوم وعائلته بشكل غير قانوني وفي ظل ظروف سيئة. وأعرب بلينكن عن استيائه من رفض، من استولوا على السلطة في النيجر، الإفراج عن أفراد عائلة بازوم كبادرة حسن نية.

وأكد الوزير عزم الولايات المتحدة على إيجاد حل سلمي يضمن للنيجر أن تظل شريكاً يُعوّل عليه في المنطقة.

استغلال روسي

وجاء ذلك في وقت جدد الخارجية الروسية، أمس الأول، تحذيرها من أن التدخل العسكري في النيجر سيؤدي لمواجهة مطولة ويزعزع الاستقرار بمنطقة الساحل والصحراء.

ورحبت موسكو بجهود الوساطة التي تقوم بها «إيكواس» من أجل إنهاء الأزمة.

في المقابل، قال مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن لدى «إيكواس» عبدالفتاح موسى، إن المجموعة ستحمّل روسيا المسؤولية إذا انتهكت شركاتها العسكرية الخاصة «فاغنر» حقوق الإنسان بالمنطقة.

وأشار موسى، في مقابلة مع قناة نيجيرية، إلى أن مجموعة «فاغنر» موجودة في مالي عبر اتفاق مع موسكو، وبالتالي فأي تخريب تحدثه، فإن روسيا تتحمل المسؤولية.

وشدد على أن «إيكواس» لن تسمح بأن تكون منطقة غرب إفريقيا ساحة حروب بالوكالة، ولا تريد أن تتدخل الشركات العسكرية الخاصة في بيئة الصراع بالمنطقة «لأننا نعرف عواقب أفعالهم، ونحن نتخذ كل الخطوات للتأكد من أننا سنوقف ذلك».

وأشار موسى إلى أنّ مجموعة «فاغنر» ليست متورطة في الانقلاب العسكري بالنيجر لكنها قد تستفيد مما يحدث، حسب تعبيره.

بوركينا فاسو ومالي

في السياق، التقى وزير الدفاع المعين من المجلس العسكري برئيس السلطة الانتقالية بمالي، العقيد أسيمي غويتا، وجرى اللقاء في العاصمة المالية باماكو، فيما قررت سلطات مالي العسكرية إلغاء ترخيص الخطوط الجوية الفرنسية بعد أن أوقفت الشركة رحلاتها من وإلى البلد الذي يعاني انعداما للاستقرار.

في موازاة ذلك، أوقفت الحكومة التي يقودها المجلس العسكري في بوركينا فاسو محطة إذاعية واسعة الانتشار بعد بثها مقابلة مع جماعة نيجرية، تنشط لإعادة الرئيس بازوم، واعتبرت مهينة بحق القادة العسكريين الجدد في النيجر المجاورة. وأعلن وزير الاتصالات ريمتالبا جان إيمانويل ويدراوغو في بيان وقف بث إذاعة «راديو أوميغا» بشكل فوري «حتى إشعار آخر»، مضيفاً أن هذا الإجراء يأتي «في المصلحة العليا للأمة». وكانت بوركينا من أوائل المتضامنين مع قادة النيجر الجدد، وانضمت إلى مالي في التحذير من أن أي تدخل عسكري لإعادة بازوم إلى السلطة سيعتبر «إعلان حرب» ضدهما.