تنص المادة (108) من الدستور على أن «عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها، ويرعى المصلحة
العامة، ولا سلطان لأي هيئة عليه في عمله بالمجلس أو لجانه».
من هذا المنطلق يجب أن نتقبل أي مقترح لأن ما تعترض عليه يمكن أن يناسب تفكير مواطن آخر والشواهد كثيرة.
لكن كثُر في السنوات الأخيرة تقديم مقترحات لتقويم السلوك العام، كما استُحدثت لجنة برلمانية تشبه إلى حد ما فكرة الحث على السلوك القويم، وهو أيضاً شيء مقبول من حيث المبدأ، لكن بحد معقول لا يحول مجلس الأمة إلى شرطة أخلاق أو محكمة فريج على الطراز القديم!
المجلس الحالي شهد طفرة كبيرة في تقديم هذه المقترحات، بحيث بتنا لا نسمع إلا حديث السحر والشعوذة والأوشام ومواضيع من هذا الطراز.
ماذا عن التعليم ومستواه المتردي؟ وماذا عن الشهادات المزورة؟ وماذا عن التعيينات البراشوتية؟ وماذا عن الوضع الصحي وحال مستشفياتنا؟ وماذا عن حال الطرق؟ وأين الحديث عن تنويع مصادر الدخل وتقليص الدورة المستندية؟ وأين النقاش حول الوضع الرياضي والثقافي والصناعي وغيرها من الأمور؟
بعض النواب تركوا كل هذه المسائل وبعضها ذات طابع استراتيجي يؤثر على أمن الدولة، وركضوا خلف ناد صحي نسائي يريد أن ينظم دورة رقص شرقي للنساء خلف أبواب مغلقة لا يدخلها إلا النساء!
هذا المجلس بحاجة الى إعادة تنظيم أولوياته، وإذا كان بعض النواب يعتقد أنه لمجرد إقرار المدن السكانية ومفوضية الانتخابات أعاد اكتشاف البارود أو أعاد فتح عكا ويافا فهو مخطئ، لأنها قوانين تحتاج الى جهاز تنفيذي محترف، وهو أمر غير متاح لأن الحكومة الموقرة ما زالت تعين بالولاءات الشخصية، وكلنا يعلم إلى أين سيأخذنا هذا الأمر، كما أن هذه القوانين التي أقرت لا تجيب عن سؤال المليون دينار: ماذا لو انخفض سعر البرميل الى ما دون الستين دولاراً، وكلنا يعلم أن النفط المصدر شبه الوحيد للبلد وسعر التعادل الحقيقي في الميزانية العامة يصل الى التسعين دولاراً؟
أبشع ما في الموضوع أن بعض هذه المقترحات يعطي انطباعاً للمتابعين للحالة السياسية والاجتماعية في الكويت بأن مجتمعنا حديث عهد بالإسلام، وهو أمر غير صحيح، لذلك أنصح بعض النواب بالتركيز على الأمور الأهم، وترك المقترحات التي تحسسنا أننا دخلنا الإسلام البارحة، فنحن لسنا كفار قريش.
فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.