هل تصبح تقلبات أسعار الغذاء الوضع الطبيعي الجديد؟
شهدت أسعار الغذاء العالمية حالة من الصعود الملحوظ خلال الأسابيع الماضية، مع زيادة المخاوف بشأن الإمدادات.
وأثارت تداعيات الطقس السيئ والقيود على الصادرات وعودة التوترات في البحر الأسود القلق بشأن استمرار ارتفاع أسعار الغذاء بوتيرة تهدد الأمن الغذائي العالمي.
قفزات أسعار الغذاء
- كشفت بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن مؤشر أسعار الغذاء العالمي ارتفع في يوليو الماضي من أدنى مستوى في عامين.
- صعد مؤشر «الفاو» إلى 123.9 نقطة في يوليو الماضي، بزيادة 1.3 في المئة عن شهر يونيو، لكنه لايزال أقل بنحو 11.8 في المئة مقارنة بنفس الشهر من عام 2022.
- قفز مؤشر أسعار الزيوت النباتية بنسبة 12.1 في المئة في يوليو على أساس شهري، ليسجل أول زيادة بعد سبعة أشهر متتالية من التراجع.
- منظمة «الفاو» بررت الارتفاع الحاد لأسعار الزيوت النباتية بتجدد حالة عدم اليقين المحيطة بالإمدادات القابلة للتصدير من منطقة البحر الأسود، بعد قرار روسيا بإنهاء اتفاق يسمح بالتصدير الآمن للحبوب.
- ساهم القلق بشأن صادرات أوكرانيا في ارتفاع أسعار القمح بنسبة 1.6 في المئة في يوليو الماضي، في أول صعود على أساس شهري في تسعة أشهر.
- أظهرت بيانات «الفاو» ارتفاع مؤشر أسعار الأرز 2.8 في المئة في يوليو، مقارنة بالشهر السابق له، ليسجل أعلى مستوى في نحو 12 عاماً.
- ارتفعت أسعار الأرز 20 في المئة تقريباً منذ إعلان الهند حظر صادراتها من الأرز الأبيض غير البسمتي في الشهر الماضي.
- ارتفاع أسعار الأرز جاء مع قرارات تقييد الصادرات من جانب بعض الدول، في إطار محاولات لتهدئة الأسعار المحلية في تلك الدول.
الحرب والقيود التجارية
- بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، والتي بدأت في فبراير 2022، ارتفعت أسعار الغذاء العالمية لمستويات قياسية، مع المخاوف بشأن إمدادات البلدين من السلع الزراعية، مثل: القمح، والشعر، وزيت عباد الشمس، وغيرها.
- لكن أسعار الغذاء شهدت تراجعاً مستمراً طوال عام مضى، مع توصل روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق يسمح بالتصدير الآمن للسلع الزراعية عبر البحر الأسود، وتجديد المبادرة عدة مرات.
- عادت أسعار الغذاء للارتفاع عالمياً، بعد قرار موسكو بالانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب في يوليو الماضي، قبل أن تتعرض الموانئ الأوكرانية لهجمات عسكرية روسية.
- يقدر كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، بيير أوليفييه غورينشاس، أن نهاية اتفاق تصدير الحبوب قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الحبوب بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة.
- يرى الاقتصادي الحائز جائزة نوبل، بول كروغمان، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أخيراً يُعد مدفوعاً بشكل كبير بالغزو الروسي لأوكرانيا.
- قال كروغمان إن الغزو الروسي لأوكرانيا تسبب في تعطيل الإنتاج الزراعي بالدولتين، ما أثر على الإمدادات المتاحة، وأدى إلى زيادة الأسعار.
- على جانب آخر، دفعت التقلبات في أسعار الغذاء حكومات بعض الدول إلى تقييد الصادرات، في مساعٍ لدعم المعروض محلياً للسيطرة على التكاليف.
- قررت الهند - تمثل نحو 40 في المئة من صادرات الأرز- حظر بعض صادراتها من السلعة الزراعية، بعد ارتفاع الأسعار محلياً، بفعل الطقس السيئ.
- قرار الهند في الشهر الماضي جاء بعد أن فشل إعلانها في العام الماضي فرض تعريفة بنسبة 20 في المئة في وقف زيادة صادرات الأرز الأبيض.
- لم تكن الهند وحيدة في قرار فرض قيود على صادرات الغذاء، حيث قفز عدد القيود أو الزيادات الضريبية على الصادرات الغذائية بنسبة 62 في المئة منذ العام الماضي، وفق «غلوبال تريد أليرت» غير الربحية.
- عالمياً، هناك 176 من القيود المفروضة السارية على الصادرات الخاصة بالأغذية أو الأعلاف أو الأسمدة.
تداعيات الطقس السيئ
- يضاف إلى تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية والقيود التجارية، أزمات الطقس السيئ في عدة مناطق حول العالم، والتي تسببت في اضطرابات بإمدادات الغذاء.
- شهدت الصين ومناطق في أوروبا وأميركا الشمالية موجات حر قياسية، مع تسجيل يوليو أعلى درجات حرارة على الإطلاق.
- تسبب الجفاف في دول، مثل: الهند وإندونيسيا، ومناطق آسيوية أخرى في تراجع المحاصيل الزراعية.
- قال تجار ومحللون إن الفيضانات ألحقت أضراراً بمحاصيل الذرة والأرز في شمال الصين.
- ذكرت مصادر في قطاع التجارة الصينية، أن التقديرات الأولية تشير إلى تضرر ما يتراوح بين 4 و5 ملايين طن متري من الذرة، أو ما يعادل 2 في المئة من الإنتاج المحلي جراء الفيضانات.
- وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ذكرت أن هطول الأمطار الغزيرة في المناطق المنتجة للحبوب في الصين قد يشكل ضغطاً على الأسعار العالمية للأرز.
- أشارت الوكالة إلى أن تأثير الأمطار في مناطق الشمال الشرقي للصين على محصول الذرة قد يكون محدوداً، بالنظر إلى المعروض العالمي القوي.
- أشار المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن أزمات المناخ تجعل الطقس المتطرف، والذي يشمل موجات الحر والجفاف والعواصف والفيضانات، أكثر شيوعاً.
- المنتدى الاقتصادي العالمي أوضح أن الظروف المناخية تسببت في ارتفاع أسعار الغذاء، مع تأثيرها على بعض المحاصيل بشكل أكثر من غيرها، ما يشمل الصويا والأرز وزيت الزيتون.
- عدلت المفوضة الأوروبية توقعاتها للمحاصيل الزراعية في القارة العجوز، بسبب الظروف المناخية الأكثر جفافاً من المعتاد في أجزاء كبيرة من القارة.
وضع طبيعي جديد
- يحذر محللون من عصر جديد من التقلبات في أسعار الغذاء العالمي، بفعل تضافر عدة مخاطر في نفس الوقت.
- قال دينيس فوزنيسينسكي، محلل السلع الأساسية في «رابنوبانك» بسيدني الأسترالية، إن هذا هو الوضع الطبيعي الجديد حالياً، مع مزيد من التقلبات وعدم القدرة على التنبؤ، سواء فيما يتعلق بأسعار السلع الأساسية أو المواد الغذائية.
- يرى ماكسيمو توريرو، كبير الاقتصاديين في «الفاو»، أن تراكم الصدمات الأخيرة في السنوات القليلة الماضية دفع البلدان إلى وضع سيئ جداً، مشيراً إلى أنه لا يعلم كيف ستتعامل الدول مع أي صدمة أخرى.