مع وصول منصة الحفر، التابعة لشركة توتال الفرنسية، للبدء بعمليات التنقيب عن النفط والغاز، والتي تحتاج إلى شهرين أو ثلاثة أشهر لمعرفة الكميات الغازية التي يحتويها البلوط رقم 9 في جنوب لبنان، برز فرز سياسي جديد يتصدر المشهد، فعلى وقع رسالة تسلمها أعضاء البرلمان من مبعوث الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، وتتضمن سؤالين الأول: «ما المشاريع ذات الأولوية المتعلقة بولاية الرئيس خلال السنوات الست المقبلة؟ والثاني: ما صفاته وكفاءاته للاضطلاع بهذه المشاريع؟». سؤالان يطرحهما لودريان في إطار استكمال مساعيه بين القوى اللبنانية لإرساء جو حول عقد جلسات عمل أو تشاور للوصول إلى تفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

واستدعى الأسلوب الفرنسي الكثير من الانتقادات اللبنانية، بوصفه تصرفاً فيه بعض الاستعراض أو الاستخفاف، أو ربما كسب الوقت، وفيه أيضاً إشارة إلى طريقة التعاطي الفرنسية المهينة بحق اللبنانيين، لكن الرسالة استدعت تحركاً لدى كتل نيابية مختلفة في سبيل التقدم بجواب موحد إلى الفرنسيين، وهو ما تعمل عليه قوى المعارضة، التي تواصل عقد اجتماعاتها للنقاش في آلية الرد ومضمونه.

Ad

واستباقاً لهذا الرد، أصدرت المعارضة النيابية بياناً جاء فيه تأكيد على رفضها المشاركة في جلسات مجلس النواب في ظل غياب رئيس الجمهورية، ورفض أي فكرة للحوار كما يطرح الفرنسيون، لأن الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية، على أن يقود الرئيس المنتخب الحوار المطلوب، وقد حددت المعارضة أولوياتها في هذا الحوار بضرورة البحث في آلية لسحب السلاح غير الشرعي، أي لنزع سلاح حزب الله، وتطبيق القرارات الدولية وخصوصاً القرارين 1559 و1701، مع الإشارة إلى أن القرار 1559 هو أكثر قرار يستفز حزب الله.

بهذه الخطوة، أقدمت المعارضة على الكشف عن مسارها للمواجهة السياسية غير التقليدية التي كانت قد أعلنت عن الإقدام عليها غداة الاشتباكات التي وقعت في منطقة الكحالة، على خلفية سقوط شاحنة محملة بالذخائر تابعة لحزب الله. من شأن موقف المعارضة هذا أن يعيد إحياء الانقسام العمودي في البلاد، وهو ما سيترافق مع ارتفاع منسوب التوتر السياسي، خصوصاً في ظل المفاوضات المستمرة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ما يعطي مؤشراً على سقوط التقاطع الذي كان قائماً بين المعارضة والتيار الوطني الحر على اسم الوزير السابق جهاد أزعور كمرشح لرئاسة الجمهورية.

معركة المعارضة في هذه المرحلة تتركز على نقاط عديدة، بينها محاولة إفشال الجلسة التشريعية وإقرار سلسلة قوانين فيها، منها الصيغة المقترحة لقانون الكابيتال كونترول، كما أن مهمتها الأساسية تتركز على محاولة التصدي لأي احتمال لحصول تفاهم بين الحزب والتيار الوطني الحر على انتخاب رئيس للجمهورية، إذ إن المعارضة ستسعى لتوفير حضور 43 نائباً بشكل كامل لتعطيل النصاب الدستوري لأي جلسة انتخابية قد تعقد لاحقاً وتؤدي إلى انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.