هناك اقترحات تنمّ، مع الأسف، عن عدم دراية بواقعية السوق العقاري المحلي وانعدامية الخبرة وقصر نظر من مقدمها، لا سيما أنها اقتراحات شعبوية بامتياز، ليس الهدف منها الحل الجذري للمشكلة الإسكانية، لكنها لتخفيف الأعباء عن النواب ومجرد الرد على المواطنين الراغبين في أي حل، حتى لو كانت إيجابياته الظاهرية أقل بكثير من سلبياته.

المعطيات على أرض الواقع

Ad

- عدد الوحدات الإسكانية في الكويت بالقطاع السكني يبلغ 170 ألف وحدة سكنية، حسب إحصاءات المؤسسة العامة للرعاية السكنية.

- عدد طلبات المواطنين الراغبين في الحصول على حق الرعاية السكنية على قوائم الانتظار منذ عام 1982 إلى 2023، يبلغ 92 ألفاً.

- المناطق التي في طور التوزيع للوحدات السكنية حالياً منطقة جنوب سعد العبدالله فقط، والتي تحتوي على 24 ألف وحدة سكنية.

- في كل عام أعداد المتزوجين من الكويتيين تزداد (بمتوسط 6000 مواطن ومواطنة) 98 في المئة منهم يقدّم على طلب إسكاني، ويذكر أن أعداد المتزوجين من المواطنين وصلت عام 2021 إلى 13 ألفاً عقدوا قرانهم، تقدّم منهم 11 ألفاً بطلب لدى الرعاية السكنية (وبنسة 70 بالمئة) منهم يسكن بالإيجار.

- مواد البناء بسبب الأزمات العالمية والتضخم وعدم تحرر السوق العالمي من أزمة الحرب الروسية ــ الأوكرانية ارتفعت أسعارها بنسبة 40 بالمئة، وقد وصلت أسعار أهم مادة إنشائية وهي الحديد إلى 300 دينار للطن الواحد بشهر في الربع الأول من عام 2023.

- شح الأيدي العاملة وعدم وجود شركات مقاولات كبيرة تستطيع إنجاز المنتجات العقارية بمختلف أنواعها وبالسرعة المطلوبة، وإضافتها إلى السوق.

- استمرار ارتفاع تكلفة تعرفة الكهرباء وانخفاض الإشغالات الايجارية بقطاع العقار الاستثماري.

- تنامي أزمة السكن مدة عقدين من الزمن من دون حلول جذرية.

وحسب كل المعطيات الفعلية السابقة الخاصة بالوضع الإسكاني الراهن، فالآثار المترتبة في حال إقرار هذا المقترح هي:

على المدى القصير

1 - ارتفاع مباشر في أسعار الإيجارات بجميع مناطق الكويت، سواء كانت العقود قديمة أو جديدة، وقد تكون العقود الجديدة أكبر ارتفاعاً في القيمة الإيجارية في كل المناطق بنسبة تتفاوت من منطقة إلى أخرى قد تصل إلى 30 في المئة، نظراً لتحقيق العائد الذي من خلاله سيتم تسديد الرسوم المالية بمقترح 100 دينار على كل متر مربع، وبحساب المصروف الجديد على كل عقار سيكون الآتي:

100 دينار (رسوم للمتر الواحد) في 400 متر (للوحدة الإسكانية) = 4000 دينار للوحدة الاسكانية.

وسيشكل هذا الرسم زيادة بنسبة 27 بالمئة ستخصم من اجمالي العائد من العقار، والذي سيتحمل إضافته مباشرة المستأجر، أي بزيادة 55 ديناراً لكل شقة في حال وجود 6 شقق بكل وحدة إسكانية.

2 - ازدياد أعداد المتعثرين والمنازعات القضائية بين مستأجر غير قادر على تغطية الزيادة التي ستطرأ عليه، وبين مالك الوحدة السكنية الذي يهدف إلى تغطية الأقساط المطلوب سدادها من القرض البنكي.

الأثر على المدى البعيد

1 - في حال استمرار الأوضاع بفرض الرسوم أو مضاعفتها قد يلجأ من يبني المنتج العقاري إلى زيادة المخالفات عند بناء العقار لإيجاد أكبر عدد من الشقق لتغطية هذه الرسوم.

2 - الضغط على قطاع الإنشاء والبناء للوحدة السكنية حتى بالمناطق الجديدة، بهدف توفير وحدات لتأجير، ومن المتوقع في حال عدم وجود أو تفعيل حلول عملية لحل أزمة السكن فستصل الطلبات السكنية عام 2035 الی 200 ألف طلب على قوائم الانتظار.

من الماضي

عندما أقدمت الحكومة عام 2004 على رفع قيمة التعرفة على الكهرباء في القطاع الاستثماري، نزحت جموع المستثمرين في هذا القطاع بقوة إلى القطاع السكني، وبدء رحلة ما نشهده الآن من ارتفاع وصل إلى 30 بالمئة خلال عام 2004 تحديداً بعد زيادة إشغال الوحدات وإنشاء سوق استثماري جديد في القطاع السكني.

دعوة إلى التصحيح

وتأتي الدعوة إلى التفكير وإيجاد حل جذري بعيد عن الشعبوية بالاقترحات التي تضر المصلحة العامة، ويجب أن يستفيد المشرعون من تجارب الغير من الدول التي عانت نفس المشكلة، وأول التوجهات التي يجب الإصرار على إكمالها هي تشريع القوانين التي تدعم قانون المدن الإسكانية.

تأثّر الأسرة بأي تعديل غير مدروس

أيّ تعديل غير مدروس سيكون المتأثر الأول هو الأسرة بشكل مباشر، وسيشمل هذا التأثير 65 بالمئة من الأسر الكويتية.

الحلول1 - الاستعجال بتفعيل إلغاء الوكالة العقارية، الذي سيكون، بدوره، الضاغط على ملّاك الأراضي البيضاء للتخلص من الأراضي، تخفيفاً لهم من الأعباء الضريبية المفروضة.

2 - تفعيل دور الجهات الرقابية، مثل وحدة التحريات المالية لمكافحة جرائم غسل الأموال الحاصلة في القطاع العقاري، والتي نتج عنها تضخم أسعار العقارات.

3 - استغلال الفراغات بين المناطق، والذي سيأتي بثماره على المدى المتوسط، لوجود الربط الخدماتي بين المناطق للخدمات كطرق والكهرباء والماء، ومثال على ذلك منطقة جنوب القيروان.

4 - إصدار قوانين التمويلية التي تكمل قانون المدن الإسكانية، الذي أقره مجلس الأمة هذا العام لتمويل المواطنين الموجودين على قوائم الانتظار دون تأخيرات.

5 - إطلاق حملات إعلامية عالمية لجذب الاستثمارات العالمية من قبل الشركات العقارية للاستثمار العقاري في الكويت.