هل هذه كويتنا المدنية؟
دولة الكويت اليوم أصبحت تعاني بشكل فعلي من المتاجرين بالدين والمتأسلمين، فما يحدث حالياً من تشدد ديني متوغل بين جميع مفاصل الدولة أصبح أمراً لا يستوعبه عقل ولا منطق، ففي الأيام الماضية رأينا اقتراحات غريبة من بعض نواب مجلس الأمة، ولعل أكثرها غرابة اقتراح فرض الضوابط الإسلامية كشرط أساسي من أجل المشاركة في عمليتي الانتخاب والترشح للمرأة والرجل على حد سواء!
وهنا يراودنا سؤال أساسي عن مدى علاقة الالتزام الديني للعضو بماذا يستطيع أن يقدمه للبلد من إنجاز أو تطور؟ وكيف للبلد المدني الذي يحتضن مواطنين من مختلف الديانات والمذاهب أن يتم وضع شروط دينية محددة فيه؟!
من جهة أخرى، لا يزال النواب في الكويت يعتقدون أننا أكثر محافظة من دول الجوار، والمحزن أيضاً أنه في الوقت الذي تستمر فيه الدول الشقيقة حولنا بالتوسع في المشاريع السياحية وزيادة حريات الأفراد، وحتى في تطوير بلدانهم اقتصادياً وسياحياً، ما زلنا نرفض تقبل من يختلف عنا فكرياً وثقافياً، ونستمتع بتأدية دور الجلاد لمعاقبة من نراه مخالفاً عنا سواء في اللباس أو حتى في نمط الحياة.
ومن الأمثلة الواضحة على تلك الوصاية ما يتم فرضه في الكويت على الأجانب وحتى على المواطنين الذين يقومون بزيارة الجزر الكويتية من شروط مبالغ فيها من نواح عدة منها اللبس، وحتى ما يعرض من أفلام في صالات السينما أو ما يتم نشره من كتب أصبح بيد وسلطة المتشددين الذين يرغبون في عزل الكويت فنياً وثقافياً عن الدول المحيطة وإرجاعنا إلى عصور الظلام والجهل.
بالإضافة إلى ذلك، لا أحد يغفل عن المطالبات المتكررة في كل مجلس منتخب بفصل الإناث عن الذكور في الجامعات وحتى المدارس الخاصة التي أصبحت أمراً متكرراً بشكل دوري مما ينم عن رغبة حقيقية بهدر المال العام، وذلك من خلال رغبتهم في إنشاء مبانٍ منفصلة للذكور والإناث، وكأننا نعيش في عصور الظلام والجاهلية التي لا يسمح فيها بالاختلاط العقلاني والمحترم.
في الختام، إذا لم يلتفت الشعب الى ما يحصل حوله ولم يمنع سموم التطرف والتعصب الديني المستشرية بالبلاد، فسيظل التراجع الثقافي والعمراني وحتى الاقتصادي هو سيد الموقف في الفترة المقبلة، وهذا ما لا نتمناه جميعاً.