لم يكن مستبعداً أن يتقدم عضو «كويتي بصفة أصلية»، من بين أعضاء مجلس الأمة الموصوف بأنه «شبه كويتي»، باقتراح بقانون في شأن الانتخابات البرلمانية، طالباً أن يكون المرشح للعضوية كويتياً بصفة أصلية، بعد أن أصبح حاملو هذه الصفة أقلية بين زملائهم الأعضاء الخمسين الذين يفترض أن يمثلوا الكويتيين الحقيقيين لا أشباه الكويتيين من المزدوجين في الولاء والمزورين في وثائق الجنسية الكويتية، ولكن بعد أن تقدّم عضو مجلس الأمة النائب داود معرفي بمثل هذا الاقتراح وأن يكون المرشح للعضوية كويتياً بصفة أصلية، أعتقد أنه من المستبعد أن ينال مقترحه قبولاً من أغلبية الأعضاء في ظل التركيبة الحالية لمجلس الأمة، بل إن مقترحه هذا قد لا يرى النور لتحقيق طموحات أصحاب الأرض، لأنه في حال نجاح هذا المقترح سيكون بمنزلة القشة التي ستقصم ظهر قرابة 600 ألف مزدوج ومزور، بل سينحر المقترح في مهده، إن لم يكن سيجهض جنينه في رحم اللجان البرلمانية.
أنا لا أرغب أن أكسر مجاديف العضو المحترم داود معرفي الذي تقدم بمثل هذا المقترح الشجاع، لإنقاذ وتجميع أشلاء الهوية الكويتية، لكنني أعرف جيداً أنه بسبب الوضع الديموغرافي للكويتيين في الوقت الحاضر، لا يمكن التخلص من المزورين في وثائق الجنسية بين ليلة وضحاها، ولا إنهاء ظاهرة المزدوجين في الهوية في غمضة عين إلا بالقوة وفرض القوانين الجبرية لتنظيف الديرة من الشوائب، وإذا كنا نعرف أن آخر أساليب العلاج هو الكي، فإننا مجبرون على قبول مبدأ الحل غير الدستوري، حتى تتمكن الدولة من القضاء على المزورين والمزدوجين قضاء مبرماً أولاً، وهي مسألة قد تستغرق بضع سنين، لأننا أمام مئات الآلاف من الملفات الشائكة التي أهملت لعقود من الزمن، حتى تجذرت وصارت هاتان الفئتان ممسكتين بكثير من مفاصل الدولة وأهمها السلطة التشريعية.
أنا أعرف أن اقتراحي بـ«إغلاق مجلس الأمة مؤقتاً» لن يلقى قبولاً من كثير من الكويتيين، سواء كانوا بصفة أصلية أو بغيرها، لأنهم يعتقدون أن الفوضى قد تعم البلد، لا سمح الله، لكننا في الوقت نفسه نعرف أن «الفوضى الخلَّاقة» أو ما يطلق عليه (Creative Chaos)، ستُحْدِث حالة سياسية جديدة مباشرة بعد حالة الفوضى، التي قد تكون متعمدة، حتى لو لم يكن قد خطط لإحداث لخبطة وإحداث واقع سياسي جديد أو نيولوك (New Look) سياسي، وإن كان فوضوياً.
إن ولادة حالة جديدة من رحم هذه الفوضى هي محاولة لدفع الكويتيين الحقيقيين لتعديل أوضاعهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمصلحتهم، وإن شاعت الفوضى أو حالة عدم اتزان سياسي أو استقرار اقتصادي، ولا نستبعد اضطراباً أمنياً، والعياذ بالله، وحدوث خلل في النظام الاجتماعي العام، بناء على مبدأ «توقع ما هو غير متوقع»، وإذا كانت الكويت قد نجت من اضطرابات ما كان يطلق عليها «الربيع العربي»، إلا أنها لم تنج من دخول فئات جديدة من أشخاص لا يمتون بصلة إلى الهوية الكويتية.
أنا أعرف أن ولادة كويت جديدة ستكون عسيرة للغاية، ولكن في الوقت نفسه لابد من التضحية بالجنين من أجل الأم أو من أجل كويت جديدة، وحتى لا تقول الحكومة يوماً ما «أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثورُ الأبيض»، فحينها لا ينفع الندم.