أخفق المجلس النيابي اللبناني في عقد جلسته المخصصة لإقرار قوانين تتعلق بالأزمة المالية وتقنن استدانة الدولة من المصرف المركزي، وهو شرط رفعه حاكمه بالإنابة وسيم المنصوري، لتوفير المبالغ المطلوبة ودفع الرواتب بالدولار.

حضر الجلسة 53 نائباً فقط بأقل من نصابها الدستوري البالغ 65، وقاطعتها كتل المعارضة، التي تضم القوات اللبنانية، والكتائب، وتجدد، وبعض نواب التغيير، رفضاً لإقرار القوانين في ظل الفراغ الرئاسي، وانضم إليهم أيضاً تكتل لبنان القوي وعدد من المستقلين.

Ad

تعطيل الجلسة دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى رفع الصوت عالياً، محذّراً من الوصول إلى وضع أصعب، قائلاً: «أستغرب بشدة عندما يقول بعض النوب إنه يحضر من أجل تشريع الضرورة فقط، فهل يوجد أكثر إلحاحاً وضرورة من المشاريع المطروحة على جدول جلسة اليوم؟».

وأضاف أن «البلدان التي مرت بأزمات اقتصادية مشابهة لما نمر بها اليوم، يظل المجلس فيها في حال انعقاد دائم، وخلال 3 أيام يجري إقرار القوانين اللازمة، وتبدأ الحلول تثمر وتحل الأزمات فيها، أما في لبنان فلا نزال منذ 4 سنوات نتحدث عن الكابيتال كنترول ولم نتوصل إلى مناقشته، لا في الجلسة العامة، ولم نصل إلى حل له».

وتابع أنه «في مجلس النواب العديد من اقتراحات القوانين تتعلق بخطة التعافي وإعادة هيكلة المصارف، والفجوة المالية، وكلها تحتاج إلى حل فوري، وإذا لم يحضر النواب لإقرارها ضمن سلة واحدة، فلا استقرار اقتصادياً. لقد وصلنا إلى مرحلة صعبة جداً، وبات اقتصادنا يتحول إلى نقدي، ما سيعرض لبنان للكثير من المخاطر في حال عدم إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف».

وشدد على أنه «من الضروري إعادة الحياة المصرفية بطريقة طبيعية لكي نتمكن من الخروج من هذه الأزمة، وإلا فإننا سندخل في سلسلة أزمات، وسيكون الوضع أكثر صعوبة، وإذا لم نصل إلى حل فليتحمل كل واحد مسؤوليته».

جاء ذلك كله، على وقع دخول لبنان في عتمة شاملة مدة 24 ساعة، بفعل توقف الشركة المشغلة لمعملي الزهراني ودير عمار عن العمل لعدم تقاضيها مستحقاتها، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن مطار بيروت وعن مرافق أساسية في الدولة. وفرضت العتمة الشاملة على الحكومة توفير المبلغ المطلوب لدفع جزء من مستحقات الشركة، التي عاودت تشغيل المعملين لتوفير خمس ساعات كهرباء بالحد الأقصى.

وعلى وقع هذه الأزمات المرشحة للتفاقم، لا سيما من الناحية المالية وفي حال عدم إيجاد مخرج قانوني لتوفير الأموال للدولة، أصدر مصرف لبنان بياناً تحدث فيه عن موجوداته، وأكد أن «لديه سيولة خارجية تعادل 8.573 مليارات دولار، يضاف إليها القيمة السوقية لمحفظة سندات اليوروبوندز البالغة 387 مليون دولار كما في 31 يوليو 2023، وذلك لا يتضمن قيمة الموجودات من الذهب»، معلناً «التزام عدم جواز المَس بالاحتياطي الإلزامي».

هذا البيان يعني أن حاكم المصرف بالإنابة يرفض الدخول في الممارسة ذاتها التي كان يعمل وفقها سلفه رياض سلامة، وهذا يؤشر إلى أنه يرفض المساس بالاحتياطي المكون من أموال المودعين، ما سيضع الدولة في مشكلة كبرى وهي كيفية توفير العملة الأجنبية للحفاظ على استقرار سعر الصرف ومنع حصول تدهور دراماتيكي سريع.