بدأنا في المقال السابق الحديث عن دور أهل الكويت في بناء المساجد وصيانتها منذ نشأة الكويت، واليوم نستكمل حديثنا بذكر تفاصيل بناء بعض المساجد القديمة وذكر مؤسسيها الذين لم يسعوا إلى الشهرة في وقت لم تكن فيه وسائل إعلام، ولا سوشيال ميديا ولا حتى إعلان على أبواب المساجد.
• مسجد ابن خميس: أسسه محمد الجلاهمة عام 1772 على أرض يملكها ابن خميس، واشتهر المسجد بمسجد ابن خميس. وقد تم تجديده بعد عقود طويلة بمساهمة من عدة أشخاص من سكان الحي، منهم فايز الخميس وعبداللطيف العيسى ومشاري الروضان وعبدالرزاق الفهد. والمسجد ما زال قائماً وموقعه على شارع الخليج مقابل وزارة الخارجية الحالية.
• مسجد العبدالجليل: أسسه قاضي الكويت الثاني، الشيخ أحمد بن عبدالله عبدالجليل عام 1779، وكان موقعه على البحر في الحي القبلي شمال البنك المركزي، وقد تم هدمه في فترة الستينيات وبنت الدولة مسجداً جديداً في الفيحاء، وأطلقت عليه اسم مسجد العبدالجليل.
• مسجد القطامي: أسسته المرحومة ملكة بنت محمد بن غانم الجبر الغانم عام 1843، وموقعه في فريج الرومي بالحي الشرقي، وهو قائم إلى اليوم.
• مسجد النصف: أسسه أحد رجال أسرة آل بطي عام 1776 تقريباً، وموقعه في فريج النصف قريباً من ساحل البحر في الحي الشرقي، وما زال إلى اليوم في موقعه، وقد تم تجديده على يد راشد بن محمد النصف، وقدمت بعض الأسر دعماً في التجديد مثل أسرة العسعوسي وأسرة العصفور وأسرة الجلاهمة.
• مسجد المديرس: بناه التاجر عبدالله بن محمد المديرس عام 1810، وله قصة وردت في أكثر من كتاب تتعلق بسبب بنائه، وهذا المسجد قائم إلى اليوم، وموقعه في الحي القبلي مقابل المدرسة القبلية للبنات.
• مسجد عبدالرزاق: أسسه التاجر سالم بن عبدالرزاق عام 1797، وربما قبل ذلك، ويقع شمالاً من دروازة عبدالرزاق التي كانت جزءاً من سور الكويت الثاني، ولا شك أنه تم تجديده قبل تجديد الدولة له عام 1954، ولكن لم يستطع المؤرخون تحديد الأشخاص الذين جددوا بناءه.
وعلى هذا المنوال شُيِّدت مساجد أخرى كثيرة في مدينة الكويت القديمة مثل مسجد الحدّاد، ومسجد عبدالله بن علوان (مسجد سعود)، ومسجد الصحّاف، ومسجد المزيدي، ومسجد السلامة، ومسجد البدر، ومسجد العثمان، ومسجد الخالد، ومسجد البحارنة، وغيرها الكثير، وكلها بُنِيت على أيدي أهل الفضل والإحسان من أهالي الكويت وأثريائها في زمن يصعب فيه التصدق بالمال بسبب قلته وشحه... فهل ننسى دورهم وإحسانهم؟!
وأزيد على ذلك بالقول إن دور أهل الكويت لم يتوقف عند بناء المساجد منذ نشأة البلاد، ولكنه مستمر إلى اليوم، بل إن هناك قائمة انتظار لدى وزارة الأوقاف من متبرعين لبناء مساجد جديدة، وهو أمر لا نرى مثيلاً له في العالم. إضافة إلى كل ذلك، أدرك أهل الكويت القدماء أن المساجد في حاجة إلى أئمة ومؤذنين وفراشين، فانتشرت الأوقاف الشرعية الأهلية التي أوصى أصحابها بأن يخصص جزء من ريعها لرواتب الأئمة والمؤذنين والفراشين وأمور أخرى تتعلق بالمساجد، وسنفصل ذلك عندما نتحدث عن دور أهل الكويت في مجال الأوقاف الشرعية... فهل ننسى دورهم؟! هل ننسى أن بعض أهل الخير بنوا مساجدهم مرتين كأسرة الفضالة؟ هل ننسى أن عائلة القناعات بفروعها المختلفة بنت خمسة مساجد داخل مدينة الكويت القديمة وأقدمها مسجد ياسين؟ كيف لنا أن نتجاهل أو ننسى تضافر الجهود وتعاون أهل الحي الواحد لجمع المال لبناء مسجد الساير الشرقي، ومسجد الساير الغربي، ومسجد المناعي، ومسجد بن حِمد، وغيرها؟ هذه حقائق وثوابت لا يستطيع أحد أن يشكك فيها، فهل نتركها تمر دون أن نترحم على أصحابها، ونخلّد أسماءهم، ونعترف بدورهم؟ هل ننسى عطاء المحسنين من أهل الكويت؟