تظاهر آلاف النيجريين، أمس، وسط العاصمة نيامي، دعماً للمجلس العسكري الذي أعلن عن فترة انتقالية لن تتجاوز مدّتها 3 سنوات.
ومع فشل محادثاته مع وفد مجموعة دول غرب إفريقيا (إيكواس) في التوصل إلى حل سلمي يعيد النظام الديموقراطي والرئيس المحتجز محمد بازوم إلى السلطة، أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر، الجنرال عبدالرحمن تياني، ليل السبت - الأحد أن الفترة الانتقالية للسلطة لن تتجاوز 3 سنوات، محذّرا من أن أي هجوم يستهدف بلاده لن يكون سهلا على المشاركين فيه.
وقال تياني، في خطاب تلفزيوني: «طموحنا ليس مصادرة السلطة، وأي انتقال لن يتجاوز 3 سنوات، وإذا شُنّ هجوم ضدنا، فلن يكون تلك النزهة في الحديقة التي يبدو أن بعض الناس يعتقدونها».
وغداة تشديد التكتل الإقليمي تهديده باستخدام القوة كملاذ أخير لاستعادة الديموقراطية وإفساحه المجال لمهمة دبلوماسية أخيرة بهدف التوصل إلى حل سلمي، اتهم تياني «إيكواس» بـ «الاستعداد لمهاجمة النيجر من خلال تشكيل جيش احتلال بالتعاون مع جيش أجنبي.
وشدد على أنه ولا «شعب النيجر يريدون الحرب ويظلون منفتحين على الحوار، ومستعدون للدفاع عن أنفسهم إذا تطلَّب الأمر».
في الوقت نفسه، قال تياني إن المجلس العسكري يطبّق أجندته الخاصة، وسيطلق حواراً وطنياً للتشاور حول الانتقال إلى الديموقراطية، وهو «ما لا ينبغي أن يستغرق أكثر من 3 أعوام».
ووسط إشادات بتعهّد المجلس العسكري بمقاومة الضغوط الخارجية، تجمّع الآلاف من أنصاره في نيامي، أمس، لتأييد النظام الجديد، وترديد الشعارات واللافتات المعادية لكل من فرنسا و«إيكواس».
وكُتب على لافتات المحتجين «لا للعقوبات»، و«تسقط فرنسا»، و«أوقفوا التدخل العسكري»، فيما أدّى موسيقيون أغنيات تشيد بالانقلابيين.
وفي وقت سابق، تجمّع آلاف من أبناء النيجر أمام الاستاد الرئيسي في نيامى، استجابة لنداء التطوع لدعم الحكام العسكريين والدفاع عن النيجر بمواجهة التدخل الخارجي.
في سياق مواز، نشر تلفزيون النيجر مشاهد لوصول 311 شاحنة تحمل بضائع، من خلال عملية نظمتها السلطات العسكرية في نيامي بالتعاون مع سلطات بوركينا فاسو المجاورة، رغم عقوبات «إيكواس».
إلى ذلك، صرح مسؤول حضر المحادثات بين قادة المجلس العسكري ووفد «إيكواس» لوكالة أسوشييتد برس بأن المحادثات لم تسفر عن الكثير، مبيناً أن تياني طالب برفع العقوبات، لكنه لم يقدّم المقابل.
وقال المسؤول إن العسكريين يتعرّضون لضغوط من العقوبات الإقليمية لرفضهم إعادة رئيس الجمهورية الذي أطاحوه قبل نحو شهر إلى منصبه، بينما يخشون من التعرض لهجمات من فرنسا؛ القوة الاستعمارية السابقة التي تحتفظ بوجود عسكري في نيامي، بهدف محاربة الجماعات المتشددة في منطقة الساحل.
لقاء بازوم
وأفاد المتحدث باسم الرئاسة النيجيرية، عبدالعزيز عبدالعزيز، بأن وفد «إيكواس» برئاسة القائد العسكري النيجيري السابق عبدالسلام أبوبكر وعمر توراي عقد محادثات مع تياني وسمح له بلقاء بازوم، ونشر صورة للقاء دون أن يفصح عن تفاصيل المحادثات ولا نتائجها.
من جانب آخر، أدى الانقلاب العسكري في النيجر إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة، وسط اختلاف نهج البلدين في كيفية الرد على إطاحة بازوم.
وفي حين ترفض باريس الانخراط دبلوماسياً مع المجلس العسكري، وتدعم بقوة تدخّل «إيكواس»، أرسلت واشنطن سفيرتها الجديدة كاثلين فيتزجيبونز إلى نيامي، أمس الأول، للقاء قيادات المجلس، بعد إرسالها مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند، في 7 الجاري لبحث الأزمة، كما امتنعت عن إعلان الاستيلاء على السلطة في البلد الواقع في غرب إفريقيا انقلاباً عسكرياً، مصرّة على أنه «لا يزال هناك سبيل دبلوماسي لاستعادة الديموقراطية».
ويدعم المسؤولون الفرنسيون الحلول السلمية، لكن النهج الأميركي أثار غضبهم، قائلين إن الانخراط مع المجلس العسكري «يقوّي من موقفه».
ويشي الموقف في النيجر بتغيّر في موازين القوى بالمنطقة الاستراتيجية التي تحتوي على احتياطيات مهمة من اليورانيوم والنفط، كما يلقي الضوء على الاختلاف في المصالح بين باريس وواشنطن في هذا البلد.
ورأى مسؤولون أميركيون سابقون أن عدم رضا فرنسا عن النهج الأميركي يعود في جزء منه إلى غضبها من فقدان آخر موطئ قدم استراتيجي لها في الساحل الغربي لإفريقيا، واحتمال تعرّضها لـ «هزيمة نفسية واستراتيجية»، حيث أجبرتها الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو على سحب جنودها إلى مناطق أخرى.
في هذه الأثناء، أعربت «الخارجية» الجزائرية عن أسفها بشأن «تغلّب اللجوء للعنف على الحل السياسي، فيما ترتسم معالم التدخل العسكري في النيجر». وقالت الوزارة في بيان: «نحن على قناعة بأن الحل السياسي التفاوضي في النيجر لا يزال ممكنا، ولم تُستنفد كل الخيارات».
(أبوجا، نيامي - أ ف ب، رويترز، د ب أ)