هل ننسى دورهم؟! (7)
• دور أهل الكويت في مجال السياسة (1)
اليوم نتحدث عن دور أهل الكويت قديماً في المجال السياسي، وهو ما نعني به مشاركتهم حكام البلاد في إدارة شؤونها. ويمكن أن نعود إلى بداية التأسيس لندرك ونتيقن أن المشاركة السياسية كانت لبنة أساسية في بناء البلاد منذ النشأة، فمنذ استقرار العتوب في الكويت وإلى حين وضع دستور للبلاد عام 1962 كان هناك اتفاق بين الحاكم والمحكوم بموجبه اتفق أهل الكويت أن يكون الحكام من آل الصباح، وأن يتولى الشعب التجارة والأعمال الحرة. تم ذلك بنقاش وحوار بين جميع الفئات قبل حوالي 300 عام، واستمر هذا الاتفاق معلوماً وممارساً لمدة ثلاثة عقود.
وقد مرت على الكويت حوادث عديدة تؤكد أن الكويتيين مارسوا دورهم السياسي، حسبما سمحت به الظروف حينئذ، وسألقي الضوء على ثلاثة أحداث مهمة في تاريخ الكويت لها علاقة مباشرة بذلك، الأولى حادثة هجرة بعض التجار في عهد الشيخ مبارك الصباح الذي منع الغوص عام 1910/1911، فنشب خلاف عميق إثر ذلك بينه وبين بعض التجار، ومنهم شملان بن علي آل سيف، وهلال بن فجحان المطيري، وإبراهيم بن مضف، وغيرهم (مثل أحمد المناعي وإخوانه، وصالح المسباح، وسعد أخو ناهض، وراشد بورسلي) أدى إلى خروج هؤلاء الثلاثة وصحبهم من الكويت وعدم مطاوعتهم للشيخ مبارك الذي انفرد بالقرار وأصرّ عليه.
الشيخ عبدالله السالم وهلال فجحان المطيري وشملان بن علي
وبعد أن فهم الشيخ مبارك خطأه، وأدرك أن الكويت وأهلها لا يستغنون عن هؤلاء التجار، لأنهم من أركان الاقتصاد والتجارة والسياسة، أرسل إليهم وفداً من ثلاث شخصيات كويتية واعتذر لهم وطلب عودتهم إلى الكويت، ولكنهم رفضوا في البداية، ثم أرسل ابنه الشيخ سالم ومعه التاجر حسين بن علي والتقيا بالمهاجرين التجار الذين أبدوا مرونة حينئذ، إلا أن هلال المطيري وضع شروطاً لعودته إلى الكويت، فاضطر الشيخ سالم إلى العودة لوالده دون أن يعطيهم أية وعود، مما دفع الشيخ مبارك بعد ذلك إلى الذهاب بنفسه في مركبه «مشرف» ولقائهم بحضور أمير البحرين الشيخ عيسى آل خليفة والخضوع لكل ما طلبوه، مما أدى إلى عودتهم واستئنافهم لحياتهم التجارية في الكويت.
وإن دلت هذه الحادثة على شيء فإنها تدل على مدى أهمية التجار في ذلك الحين في بناء البلاد، بحيث لا يمكن الاستغناء عنهم في توفير الأعمال والوظائف، وتوفير رؤوس الأموال التي يتم توظيفها في البلاد، وتوفير أموال الإحسان والعطاء للمحتاجين، كما أنها تعكس مدى حاجة الحاكم إليهم في اتخاذ القرار السليم، بعيداً عن الانفراد بالحكم، خصوصاً أن فئة المثقفين والواعين أكثرهم من فئة التجار آنذاك، ولذلك تحتاجهم الدولة في إدارة شؤونها. ولذلك نرى أن الشيخ أحمد الجابر، عند توليه الحكم، وافق على تأسيس مجلس للشورى عام 1921 يقدم له المشورة ويساعده على اتخاذ القرار. كما أن عهد الشيخ أحمد كان بداية لتأسيس الكثير من الدوائر الحكومية التي يديرها نخبة من رجال وأبناء الكويت بدون مقابل، وأولى هذه الدوائر بلدية الكويت التي كانت في البداية بمنزلة مجلس مصغر للوزراء.
