انطلقت، مساء أمس ، فعاليات النسخة السادسة من معرض الكتاب الصيفي في مقر جمعية الخريجين في بنيد القار، بحضور رئيس الجمعية إبراهيم المليفي، وسفير سلطنة عمان لدى الكويت د. صالح الخروصي، وجمع كبير من المثقفين والإعلاميين، وبمشاركة مجموعة كبيرة من دور النشر الكويتية التي تعرض مئات العناوين من الإصدارات المختلفة على مدى 5 أيام، حيث تنتهي فعاليات المعرض مساء بعد غد الخميس.

وتجول زوّار المعرض داخل الأجنحة للتعرف على أحدث إصداراتها، حيث قدمت دور النشر المشاركة مجموعة متنوعة من الإصدارات الحديثة والقديمة، كما تنوعت المعروضات بين الأعمال الأدبية والعلمية والشعر والقصة التي تخاطب جميع الفئات العمرية، حيث اهتم المعرض بأعمال الطفل المختلفة، التي تشجع على القراءة والإبداع، كأحد أهم الفئات المستهدفة من المعرض، ومن أبرز دور النشر المشاركة، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ودار سعاد الصباح وبلاتنيوم، وجريدتا «الجريدة» والنهار، ودار كلمات، ودار قرطاس، وشركة الربيعان، ودار شفق، وشركة قرطاس، ومكتبة طروس، إضافة إلى جمعيتَي الخريجين والمحامين، ودار «نون حاء» وجليس للنشر والتوزيع والمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج ومنشورات جدل ومكتبة البدر.

Ad

حلّة جديدة

من جهته، قال رئيس جمعية الخريجين إبراهيم المليفي لـ «الجريدة»: «إن الدورة السادسة من المعرض تأتي هذا العام بحلّة جديدة ومختلفة عن الدورات السابقة، فهي الأكبر والأكثر تنوّعاً من حيث عدد دور النشر المشاركة وعددها 18 داراً، والإصدارات التي تخاطب جميع الشرائح العمرية، وإن كانت تتفق مع الدورات السابقة في توقيت الانطلاق وهو موسم الصيف المعروف بالهدوء والركود، لكنّ الإقبال والنجاح الذي حققته الدورات السابقة من معرض الكتاب الصيفي شجّعانا على الاستمرار والتجديد والتنويع، والدليل على ذلك أن المعرض في دورات سابقة كانت مدته يومين فقط، ولكن في هذه الدورة يمتد لـ 5 أيام نتيجة إقبال الجمهور».

النبهان وجمال والشمري بالندوة

وأشار المليفي إلى أن البرنامج الثقافي المصاحب لفعاليات المعرض، يأتي أكثر زخماً وثراء من خلال تنظيم 4 ندوات تناقش قضايا ثقافية متنوعة، وسيكون مسك الختام حفل موسيقي للفرقة اليمنية بعد غد الخميس، لتمثّل الدورة الحالية نقطة فارقة في تاريخ معرض الكتاب الصيفي من خلال مشاركة العديد من دور النشر، وطرح قضايا مهمة على هامش فعاليات المعرض، مؤكداً أن المعرض يهدف إلى دعم الحركة الثقافية والأدبية بالكويت، ودعم دور النشر المحلية لتواصل مسيرتها في مواجهة التحديات الرقمية التي تواجهها.

دعوة للقراء

ووجّه المليفي رسالة للجمهور، قائلاً: «أدعو الجميع ومحبي الكتاب وهواة القراءة والاطلاع لزيارة أجنحة المعرض والتجول بين عناوينه، فلا ينبغي أن تنحصر أنشطة الصيف على الترفيه، بل يجب أن نعطي فرصة لأنفسنا وأبنائنا الصغار لمصاحبة الكتاب، فهو الصديق الوفي دائماً، فمن الضروري تشجيعهم من أجل اقتناء كتب جديدة، ليتواصلوا أكثر مع الكتب بدلاً من الأجهزة الإلكترونية التي تضيّع وقت الأطفال في كثير من الأمور غير المفيدة».

وعلى هامش المعرض، أقيمت ندوة بعنوان «أين اختفى المسرح السياسي الكويتي؟»، والتي تحدث فيها كل من الفنان القدير جاسم النبهان، والمخرج نجف جمال، وقدّمها الصحافي مفرح الشمري، والتي ناقشت بحضور ثقافي وإعلامي أسباب اختفاء المسرح السياسي في العقود الأخيرة وتقليص حجم الحريات التي يتمتع بها الفنان على خشبة المسرح، مقارنة بستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

من جهته، صرح السفير الخروصي بأن المعرض يكشف نشاط الساحة الثقافية بالكويت والتنوع الكبير في المعروضات الأدبية والعلمية، وخاصة أن المعرض يتضمن روايات عالمية مترجمة وأخرى حاصلة على جوائز أدبية عريقة، كما يتضمن أعمالاً لكتّاب عمانيين أيضاً، معرباً عن سعادته بحضوره في افتتاح المعرض والتجول بين الأجنحة المختلفة والاستمتاع بالإصدارات والعناوين المتنوعة التي تقدمها دور النشر.

رسالة توعية

في البداية، أعرب الفنان النبهان عن انزعاجه لما آل إليه حال المسرح السياسي بالكويت، والذي تمتع في الماضي بأعلى مستوى من الحريات، ما ساهم في دفع عجلة المسرح والعمل السياسي والمجتمعي بالكويت إلى أفضل المستويات، حيث تضافرت الجهود الفنية والسياسية معاً لخلق مجتمع واع مثقف يحترم الفن ورسالته التوعوية والتصحيحية في بعض الأحيان.

وقال النبهان: «في السابق كان صدر الساسة وأعضاء مجلس الأمة والمسؤولين يتسع لرسائل المسرح السياسي، حتى أنه عقب بعض العروض، والتي كانت تمتد إلى 3 ساعات، يحرص المسؤول على الانتظار حتى نهاية العرض ليجلس معنا كفنانين للنقاش وتبادل الرأي في العرض المسرحي وما أثاره من قضايا وما لمسه من مشكلات يعانيها المجتمع، وربما يمتد هذا النقاش لساعة أخرى في أجواء من تبادل المنفعة والرأي من أجل مصلحة المجتمع الكويتي وبتضافر جهود جميع أبنائه، كل من موقعه».

وكيل ديوان المحاسبة السابق إسماعيل الغانم والمليفي والسفير العماني في جناح «الجريدة»

وأضاف: «المسرح السياسي هو مسرح اجتماعي يحمل فيه الفنان همّ قضايا مجتمعه، فيناقشها بأسلوبه الخاص، وهو دور الفنان المنتمي لوطنه ومجتمعه والمدافع عن حقوقه والذي يحمل همومه وآلامه، ومن أبرز فناني وكتّاب المسرح السياسي الكبار محمد النشمي وعبدالعزيز سريع، وعبدالأمير التركي، وعبدالرحمن الضويحي، ومحمد السريع، وصالح الجمعان، وإن كانت تلك الأعمال ركيكة بعض الشيء، إلا أنها كانت تحمل همّاً سياسياً وتتناول مشكلات المجتمع في صوره المختلفة، سواء على مستوى الأسرة أو التجارة والاقتصاد أو البحر والصيادين، وغيرها من قضايا تمسّ العمق الكويتي والمجتمع المحلي التي تناولتها أعمال هؤلاء الفنانين وغيرهم على خشبة المسرح السياسي للقيام بدورهم ورسالتهم في توعية وتنوير الجمهور».

طرح سياسي

وأشار إلى الفنان المسرحي يهدف من خلف الطرح السياسي إلى معالجة قضايا مجتمعه، وعلى سبيل المثال عبدالأمير التركي الذي ناقش في أعماله قضية الوحدة الوطنية بين الطوائف المختلفة، من خلال استعراض إيجابيات وسلبيات كل طيف فكري بالمجتمع، من أجل توصيل رسالة فنية هادفة للمسؤول للتركيز على الجوانب السلبية لبعض أطياف المجتمع، ومن ثم يقوم بدوره بمعالجتها من خلال منصبه الإداري والتنفيذي بالدولة.

وعبّر النبهان عن أسفه لفقدان المسرح الكويتي جمهوره الذي يعي تلك الأعمال الهادفة، والذي تم بناء وتشكيل وعيه على مدى 40 عاماً من عمل المسرح التنويري الحر، تلك الفترة التي انتهت في ثمانينيات القرن الماضي، مؤكداً أن الجمهور المهتم حقيقة بالمسرح كان يناقش الفنان في رسائله ويدعمه، وكان يضم كل أطياف المجتمع، وخصوصاً الساسة الذين كانوا يؤمنون بدور ورسالة المسرح في تلك الفترة من أعضاء مجلس أمة ووزراء ووكلاء ومعلمين، مما كان له دور في تعزيز دور المسرح الكويتي، ما جعله يثمر ويعتلي مكانة مرموقة بين كبريات المسارح العربية، بل تخطّى بعضها أحياناً.

ولفت إلى تجربة الفنان الكويتي العالمي سليمان البسام الذي لم يجد الدعم الكافي في الكويت لعروضه الجادة الهادفة المحمّلة بأعباء وطنه والعالم، مؤكداً أن النتاج الأدبي والفني والثقافي لم يعد له حدود، وكما نتلقى إنتاجات غير محلية يجب أيضاً أن تجد إنتاجاتنا الوطنية الدعم الكافي من إتاحة العروض والمشاهدة، بدلاً من أن تولد غريبة في أرض أخرى، كما أشار إلى عروض للفنان محمد الحملي، ومنها مسرحيتا «موجب» و«زحمة»، اللتين استطاع من خلالهما تسليط الضوء بحرفية شديدة على هموم بالمجتمع الكويتي، مطالباً بدعم مثل هذه العروض وفتح المسارح لها، فضلاً عن ضرورة دعم الفرق المسرحية الأهلية للقيام بدورها في دعم المسرح.

معاناة المسرح

وفي كلمته خلال الندوة، قال المؤلف والمخرج القدير نجف جمال: «بداية أشكر تنظيم معرض الكتاب الصيفي بجمعية الخريجين، والذي نحتاج إلى أن يكون 3 مرات في العام، لا مرة واحدة فقط، للمزيد من الاستفادة والدعم للحركة الأدبية والثقافية بالكويت، كما أشكر اختيار موضوع الندوة لمناقشة أزمة المسرح السياسي بالكويت، والتي عانيت منها وعانى منها المسرح الكويتي إلى حد كبير».

المليفي والخروصي في جولة بالمعرض

وأضاف جمال: «المسرح منذ عصوره الأولى ابتداء من المسرح الإغريقي ثم الإليزابيثي ثم الحديث ثم العربي، وهو مسرح سياسي، يناقش الظلم والقهر والسلطة والفقر وغيرها من قضايا المجتمع التي لا تخلو من السياسية، وبطبيعة الحال في الكويت، ازدهر المسرح السياسي في عصوره الأولى، وإن كان بصبغة اجتماعية، إلا أنه لم يخلُ من مشكلاتنا السياسية، ومنها مسرحيتي «انتخبوا أم علي» التي ناقشت برؤية استشرافية للمستقبل دخول المرأة إلى مجلس الأمة، وذلك في وقت لم تكن القضية مطروحة أصلا، ولكنها بصبغة سياسية استطاعت أن تسلّط الضوء على قضايا سياسية مهمة، وغيرها من الأعمال التي سلطت الضوء على الطائفية وأعمال أخرى كثيرة».

الترفيه والتسلية

وأشار جمال إلى أن مواقع التواصل وثورة التكنولوجيا والمعلومات أدت إلى اعتماد الجمهور على الجرعات السياسية الخفيفة والسريعة، مما يجعل العمق في معالجتها مسرحيا ليس بالوجبة السهلة، فضلاً عن أن الكمّ الكبير من التحديات والإحباطات التي يواجهها الناس تجعلهم ينصرفون إلى المواد الترفيهية والتسلية، بدلاً من مناقشة قضايا جادة، باحثين عن الضحك من أجل الضحك، وليس الكوميديا الهادفة التي كنّا نسعى إليها.

وأكد نجف انخفاض سقف الحرية بالكويت، مما يجعل المسرحي تحت ضغوط رقابية مستمرة، وهو ما يحد الإبداع ويضعه في قوالب مقيدة، كما يدفعه إلى الإسقاط بشكل رمزي والعودة إلى التراث، للتحايل على تلك الأوضاع، مطالباً برفع سقف الحرية وعودته إلى سابق عهده في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، والتي كانت تُطرح فيه قضايا المجتمع السياسية على خشبة المسرح بحريّة وشفافية وقوة لدعم وإصلاح المجتمع.

قيود رقابية

وكشف جمال عن تعرّضه لقيود رقابية وفوق رقابية على أعماله المسرحية قائلاً: «بعد التحرير بعامين كتبت مسرحية «الجن»، والتي كان اسمها «أعضاء مجلس الجن»، ولكن نظراً لتشابه الاسم مع أعضاء مجلس التعاون الخليجي الذين كانوا في ضيافة الكويت بهذا الوقت، فقد تم توجيهي إلى تغيير الاسم، فاقترحت أن تكون بعنوان «مجلس الجن»، وتم رفض مقترحي حتى صار اسم المسرحية «الجن»، وهو ما يعتبر قتلاً للعمل، كما أن مسرحية «بشت المدير» كانت بعنوان «بشت الوزير»، وتم فرض تغيير اسم العمل قبل أيام قليلة من عرضه وانتشار الدعاية بالشوارع والصحف، وهو وقت خطير يصعب فيه تعديل العمل، كما أن المسرحية ناقشت البطانة الفاسدة للوزير وكيف تؤثر على قرارته، وفكرة بشت المدير لا تخدم الفكرة السياسية من العمل، ولكن مع الأسف خضعنا للرقابة، ومسرحية «عذبيني» كان اسمها «عذبيني يا بدوية»، ولكن تم فرض تغيير اسم العمل وطلبوا منّي حذف بدوية».

واستنكر جمال الخوف الرقابي غير المبرر من حرية المسرح والعروض السياسية، في الوقت الذي أصبحنا في عالم السماوات المفتوحة، والتي يستطيع فيها أي شخص أن يعبّر عن رأيه بحريّة عبر مواقع التواصل والصحف، وغيرها من قنوات التعبير، مشيراً إلى أن الرقابة كانت تلاحق الفنانين حتى في الغزو، حيث قدّم مسرحية «أزمة وتعدّي» في القاهرة خلال فترة الغزو العراقي الغاشم للكويت، وهناك تلقى تعليمات من المسؤول الإعلامي الكويتي هناك في ذلك الوقت، مطالباً بحذف إحدى الجمل التي يقولها الممثل عن إحدى دول الضد في تلك الفترة، مضيفاً أنه لم يستجب لتلك التعليمات، وطلب من الممثل القيام بدوره وقول الحوار كاملاً من دون حذف.

إسقاطات سياسية

أشار المؤلف والمخرج القدير نجف جمال إلى أنه الآن بعد تبدّل الأدوار بأن أصبح هو أحد أعضاء لجنة الرقابة على العروض المسرحية، فإنه يسعد بحرية التعبير على المسرح ويدعمها، مضيفاً: «الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مساعد الزامل، سألني عن رأيي في إجازة عروض مسرحية «مولانا»، التي تُعرض بالفترة الأخيرة لاحتوائها على بعض التعبيرات والإسقاطات السياسية، ولكننا أكدنا كلجنة إجازة العرض، فلا ينبغي أن نقيّد الفنان في إبداعه إلى هذه الدرجة التي تضرّ أكثر ما تفيد، وأخذ الزامل برأينا وتمت إجازة المسرحية، وهو ما يجب على كل مسؤول ألا يتخذ قرارات فوق الرقابة، وأن يترك الأمر للمختصين بدلاً من الخوف الزائد غير المبرر».