يُعد التصحر في الكويت إحدى المشاكل الرئيسية التي تعانيها التربة الكويتية، خصوصاً بعد الغزو العراقي الغاشم والاعتداء على التربة في الكويت، وهو ما ينعكس على الواقع البيئي بتداعيات وتبعات سلبية كثيرة.

ويعود التصحر إلى عدة أسباب حصرها ناشطون بيئيون لـ «الجريدة» في الرعي الجائر وعدم حماية البيئة الصحراوية الطبيعية والزحف العمراني، إضافة إلى التدخل البشري الضار لتلك المناطق من خلال المخيمات السنوية التي تدمر البيئة الكويتية سنوياً من خلال 400 ألف سيارة تدك التربة وتدمّرها وتقتل الأحياء البرية.

Ad

بداية، أرجع الناشط البيئي سعد العازمي مشكلة التصحر في الكويت إلى عدم تطبيق القوانين التي تمنع ظاهرة التعديات على البيئة، مشيراً إلى أن القوانين موجودة والميزانيات موجودة والخبرات موجودة، لكن المشكلة في تطبيق تلك القوانين من الجهات الحكومية المسؤولة عن حل تلك المشكلة.

وقال العازمي لـ «الجريدة»، لا بدّ أن تتولى الهيئة العامة للبيئة إقامة المحميات الطبيعية، وتنظيم رعي «الحلال» في البر، ومنع دخول الغنم والإبل إلى الأماكن غير المسموح بها، لافتاً إلى أن القضاء على التصحر في الكويت لا يحتاج إلى خبراء من الخارج، فالكويت بها الكفاءات القادرة على زيادة الرقعة الزراعية والقضاء على تلك المشكلة.

وأضاف: هناك ميزانيات كبيرة مخصصة لحل تلك المشكلة، لكن لم يُستفد من تلك الميزانيات، لذلك ندعو الحكومة إلى السعي لإنشاء المحميات الطبيعية لحماية الكويت من التلوث والأمراض وتخفيف درجات الحرارة، مع وجود المسطحات الخضراء على مساحات كبيرة.

انعدام الثقافة

من جانبه، قال رئيس فريق حلم أخضر التطوعي، الناشط البيئي شبيب العجمي، إن أهم الأسباب وراء التصحر في الكويت هو انعدام الثقافة لدى البعض، إضافة إلى التوسع العمراني في مناطق مختلفة والرعي الجائر، لافتاً إلى أن وجود السيارات في البر أحد الأسباب وراء القضاء على دورة الحياة للنباتات البرية.

وأضاف العجمي لـ «الجريدة»، أن أفضل الحلول لتلك المشكلة يكمن في تقسيم المساحات الشاسعة إلى مناطق، والتنسيق مع أصحاب الحلال للرعي لكي تأخذ الأرض فرصة كل 3 سنوات لإنبات النباتات البرية فيها.

وتابع: إن للنباتات البرية فوائد كبيرة للإنسان والحيوان، وقديماً قال الفيلسوف والطبيب اليوناني أبو الطب الحديث، أبقراط، «إن دواء كل عليل يكون من نبات أرضه»، مشدداً على أهمية تقسيم المناطق إلى محميات في مختلف أنحاء البلاد، للقضاء على ظاهرة التصحر.

وأشار إلى أنه يمكن السماح لـ «الحلال» بدخول المحميات المختلفة وفقاً لشروط محددة للمحافظة على تلك المحميات والنباتات البرية التي فيها، كما يحدث في المملكة العربية السعودية، لافتاً إلى أن التلوث الذي وقع على الكويت خلال الغزو يعتبر من أكبر الكوارث التي وقعت على الأرض، خاصة في أماكن الآبار التي تم إحراقها.

وقال إن الكويت حرصت على تطهير أراضيها بعد الغزو من تلك الملوثات، بالتعاون مع الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن هناك جهات كثيرة مشاركة في عمليات التطهير منها وزارة النفط والهيئة العامة للزراعة، وتعمل حالياً على زيادة الرقعة الخضراء في مناطق عدة من خلال المحافظة البيئية على تلك المناطق.

العلاج ليس بالزراعة

بدوره، أشار الناشط البيئي ناصر الهاجري إلى أن حلّ التصحر لا يتوقف فقط على الزراعة، فالزراعة يمكن استغلالها في المناطق السكنية، أما المناطق الصحراوية فيمكن حمايتها بإعطائها فرصة لنمو النباتات الطبيعية فيها، إضافة إلى حمايتها من الرعي الجائر.

وقال الناشط البيئي خالد الكليب إن أسباب التصحر كثيرة وبعضها لا يمكن التغلب عليها، حيث إننا دولة صحراوية بيئتها وطبيعتها صحراوية، ولن تختفي الظواهر الطبيعية للصحراء فيها.

وأضاف: إلا أننا يجب أن نحافظ عليها ونتعامل ونتعايش مع الأسباب، ونصمم حلولاً تتناسب مع طبيعة هذه البيئة، ومما يستحق الذكر أننا كبشر قد تسببنا في الدمار للبيئة، وساعدنا على جعلها أكثر حدة للتعايش.

وقال الكليب: إن الكويت مرت بـ 3 حروب دمرت العديد من طبقات التربة الحيوية، فالكويت تعرّضت للغزو الصدامي ثم حرب التحرير، وتبعها حرب العراق، كل هذا تطلّب تحرُّك الكثير من الآليات والمعدات في الصحراء، مما عرّض طبقات التربة للتفكك، وأزال الكثير من الغطاء النباتي.

وتابع: وما هو أقسى وأشنع من الحروب هو المخيمات الربيعية، فحسب إحصاءات بلدية الكويت هناك ما لا يقل عن 40 ألف مخيم ربيعي سنوي في صحارى الكويت، لو كل مخيم فيه 10 سيارات، فهذه 400 ألف سيارة تدكّ وتدمر التربة وتقتل الأحياء البرية، مؤكداً أن المخيمات الربيعية تحصل كل عام وليست كالحروب التي حدثت وزالت.

الحلول المقترحة

وأشار الكليب إلى أن الكويت تحتاج إلى حزمة من الحلول لإعادة الحياة للصحراء، ويجب بداية وقف المخيمات الربيعية كلياً لمدة لا تقل عن 5 أعوام، وتحديد مناطق مسورة ومحدودة المساحة لإقامة المخيمات الربيعية ويمنع إقامتها خارج هذه المناطق.

وتابع: يجب القيام بنثر البذور للنباتات البرية في الصحراء باستخدام الدرون الزراعي، وسنّ تشريعات وقوانين بيئية صارمة تحد من المخالفات البيئية التي تدمّر الصحراء والأحياء فيها، وفرض مشاركة شركات النفط التي لديها مواقع في البر لزراعة النباتات البرية الصحراوية والابتعاد عن زراعة أشجار أو نباتات لا تنتمي للبيئة.

وأكد أن الحلول يجب أن تكون مشتركة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاعات الأهلية والخاصة.

وأوضح الكليب أن توظيف التقنيات الحديثة كـ «الدرون» ستكون فعالة جداً لإعادة الحياة للصحراء، كما أن دعم مؤسسات المجتمع المدني والفرق التطوعية هي المفتاح لتطبيق الحلول، فالأجهزة الحكومية تعاني الترهل وبطء التعامل مع المشاكل والحلول.

أما فيما يخص القضاء علي مشكلة التصحر، فأشار إلى أنه يجب ألا نفكر بالقضاء عليها ولكن يجب الاهتمام بحلول للتعايش معها، فالتصحر لن يزول، فنحن نعيش في صحراء، إلا أننا يجب أن نعيدها إلى طبيعتها ونبتعد عن التمدد بالصحراء، ونحافظ على طبيعتها، كما يجب علينا أن نطور حلولاً إبداعية للتعايش مع الصحراء وظروفها.