انطلقت اليوم في جوهانسبرغ، عاصمة جنوب إفريقيا، قمة مجموعة دول «بريكس»، في مسعى لترسيخ دورها في النظام الاقتصادي العالمي، وتتصدر مناقشاتها توسيع قاعدة الدول المنضمة إلى التحالف.
وتضم مجموعة «بريكس - BRICS» كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والتي تشكل اقتصاداتها مجتمعة أكثر من 26% من الاقتصاد العالمي، فيما يشكل عدد سكان هذه الدول 40% من سكان العالم.
يأتي ذلك في وقت نفى منظمو القمة أي خطط لمناقشة إصدار عملة خاصة بالمجموعة، وهو ما كان قد طرحه الرئيس البرازيلي هذا العام كمقترح لوقف الاعتماد على الدولار.
وتناقش القمة جملة من الملفات، بحضور أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة، إضافة إلى قادة دول المجموعة، التي تسعى منذ تأسيسها في عام 2009 للتحول إلى قوة اقتصادية عالمية على غرار دول مجموعة السبع الصناعية، وقد وقفت عقبات كثيرة في وجه تحقيق هذا الحلم، لكن دول المجموعة قطعت أشواطاً لا بأس بها لفرض نفسها كقوة عالمية.
ويأتي التوسع في عضوية المجموعة على رأس جدول الأعمال، بعد أن تم تجاهل هذا البند في القمم السابقة، وهناك حاليا 23 دولة تصطف للانضمام للمجموعة، بما في ذلك إندونيسيا والسعودية ومصر، أما الملف الثاني المطروح بقوة للنقاش فهو العملة المشتركة، حيث سيعيد التكتل إحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار على مدفوعات التجارة العالمية، وقد عاد النقاش حول العملة الموحدة إلى الظهور بعد ارتفاع أسعار الفائدة والحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع قوة العملة الأميركية، إلى جانب تصاعد تكلفة السلع المسعرة بالدولار.
ويقترح أعضاء في مجموعة بريكس زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة البينية وإنشاء نظام دفع مشترك، وبالفعل بدأ العديد من دول «بريكس» في تسوية صفقات تجارية ثنائية بالعملات المحلية.
ومع ارتفاع التجارة البينية 56% إلى 422 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وبلوغ الناتج المحلي الإجمالي لدول بريكس نحو 26 تريليون دولار، أي أكثر من ربع الناتج الإجمالي العالمي، بدأ التفكير جدياً في تعزيز دور بنك التنمية الجديد من خلال توسيع مصادر تمويله. البنك الذي أسسته المجموعة في 2015 كبديل لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تقلص دوره بسبب العقوبات الغربية على روسيا التي كانت تمثل أحد مصادر التمويل.
وإضافة إلى تمويل التنمية، سيكون الأمن الغذائي ملفاً رئيسيا على جدول أعمال قمة «بريكس»، على خلفية الإجراءات التي اتخذتها الهند وروسيا، والتي ساهمت في رفع أسعار الغذاء عالميا، وقد فرضت الهند قيودا على تصدير الأرز لحماية سوقها المحلي، بينما انسحبت روسيا من اتفاق لضمان المرور الآمن لصادرات الحبوب الأوكرانية، وقد جعلت هذه الإجراءات الوضع الغذائي أسوأ في الدول الفقيرة، التي لطالما تغنت مجموعة بريكس بدعمها والدفاع عن حقوقها.
وقال المدير السابق بمنظمة التجارة العالمية عبدالحميد ممدوح، في مقابلة مع «العربية»، اليوم الثلاثاء، إن جهود تقليص الاعتماد على الدولار كعملة تسوية معاملات بين مجموعة دول «بريكس» من المحتمل أن تشهد تقدما من خلال التوصل لترتيبات دفع بديلة عن الدولار، مبينا أن الحديث عن إيجاد عملة جديدة لمجموعة دول «بريكس» لتحل محل العملات الحالية أمر «غير واقعي».
وأضاف ممدوح أن نحو 80% من المعاملات الدولية تتم عبر الدولار الذي يحتل قائمة العملات المساهمة في الاحتياطيات الدولية بنسبة 60%، فيما يمثل اليورو 20%، والين والجنيه الإسترليني 5% لكل منهما، متابعا: «الصين الدولة الوحيدة من مجموعة بريكس لديها حصة في الاحتياطيات الدولية ونسبتها لا تتخطى 2.6%».
وفيما يتعلق بانضمام دول جديد لمجموعة بريكس، ذكر المدير السابق بمنظمة التجارة العالمية انه «أمر وارد، حيث يوجد العديد من الدول النامية الراغبة في الانضمام للمجموعة، لكن نرى غيابا للرؤية، حيث لم يتم إعلان خطة عمل للمجموعة، كما أن هناك اختلافا بين بعض الدول داخل المجموعة، مثل الصين والهند، وهو ما يؤثر على التوجهات الاقتصادية».
وأفاد نائب رئيس جنوب إفريقيا بول ماشاتيل بأن زعماء دول «بريكس» سيركزون على سبل تقليل الاعتماد على الدولار عند اجتماعهم، وأضاف لقادة الأعمال من دول «بريكس» في وقت متأخر من أمس الاثنين: «اليوم ينتبه العالم لهذه الكتلة لأنها في طليعة الخطاب العالمي لتقليل الاعتماد على الدولار. نحن لسنا هنا للتنافس مع الغرب. نريد مساحتنا في الأعمال التجارية العالمية».
وفي يونيو، قال بنك بي إن بي باريبا، في مذكرة، إن الظروف مهيأة لتقليص هيمنة الدولار في التجارة العالمية، حتى لو كانت العملية «حرقاً بطيئاً ومتزايداً».
وبحسب الرئيس النيجيري السابق، أولوسغون أوباسانغو: «إذا أردت الشراء من الهند. فلماذا يجب أن أستخدم الدولارات؟»، في كلمته أمام الحاضرين وسط هتافات عالية من الجمهور. «إنه نظام دفع وتسوية سيسمح لي بشراء كل ما أريد شراءه في الهند، وكل ما أريد شراءه في البرازيل، دون البحث عن الدولار».