التوافق الحكومي النيابي سياسة باردة في صيف ساخن
عدنا ولله الحمد والعود أحمد بعد الإجازة والانقطاع عن الكتابة، وهي عادة سنوية كنوع من (فصل وتعطيل) المحركات وإعادة شحن (البطاريات) الخاصة بالشأن العام، ففي غضون الأشهر القليلة الماضية وبعيد الانتخابات البرلمانية، ولأي متابع للشأن العام، ظهر علينا وبدأ الترويج المفرط لمصطلح أصبح متداولاً بطريقة غريبة هذه الأيام ألا وهو (التوافق الحكومي النيابي) في إشارة واضحة إلى أن هناك علاقة حميدة بين الحكومة الأخيرة والمجلس النيابي المنتخب قبيل سلسلة جلسات الصيف الخاصة في البرلمان.
مبدئياً وقبل الخوض في أي محور فإن التوافق بين السلطتين أمر حميد لا يكرهه أحد، بل مطلوب لتحقيق أي تقدم وتطور لمصلحة الوطن والمواطن، لكن التوافق في الواقع يكون مبنياً على أجندة واضحة وأولويات ونقاط عادة ما يتم ترويجها من حزب منتخب ليشكل حكومة أغلبية ويعمل على تلكم الأولويات تباعا، فبالطبع ليس السالف ذكره هي الحال في دولة الكويت ولا نظامها البرلماني أيضاً، أما فيما يتصل بمسألة «التوافق» المطروح في الساحة الكويتية، وإذا ما أخذنا بتصريحات النواب وبياناتهم على مدى الفترة الماضية فماذا عن موقف السلطة التنفيذية؟ وهل هي فعلاً على «اتفاق» وتوافق وموافقة لكل توجهات النواب؟! هذا بالطبع يستوجب التوضيح أكثر وأكثر وهو عمل مراكز التواصل والإعلام الذي يجب أن يظهر بشكل دوري ليبين أن هناك توافقاً ومواءمة واتفاقاً على أولويات وبخط زمني واضح ومحدد يتفق عليه الطرفان.
ولعل التصدعات والاختلالات في العلاقة بين الأطراف الحكومية والنيابية التي بدأت تطفو على السطح في هذا الصيف الساخن على شكل تلويح باستجواب أو تصريحات حادة كذلك من بعض النواب، دليل على غياب التوافق الحقيقي، فهل يعني هذا أن «التوافق» زال أم أن هناك انتفاء للصبغة التوافقية من الأساس؟ أم هو توافق من طرف واحد فقط على غرار الحب من طرف واحد؟!
كل هذا وغيره يتعين على المسؤولين عنه وبالأخص اللجنة المشكلة للتنسيق النيابي الحكومي أن توضحه وباستمرار وبشكل دوري للمواطن.
مرة أخرى أكررها وبكل وضوح، التوافق أمر حميد ومطلوب ونتمناه، ولكن وجب أن يكون واضح المعالم وشفافاً بين كل الأطراف في السلطات.
على الهامش:
ذهبت هذه السنة في إجازتي الصيفية إلى بقعة استوائية حارة ورطبة جداً، تحديداً إلى «سريلانكا» أرض الشمس والتوابل والشاي، وعلى الرغم من وجودي في ذاك البلد الاستوائي الممطر باستمرار ذي الحالة الاقتصادية البسيطة فإن شبكة الطرق التي ربطت العاصمة (كولومبو) بمقاطعة (هيكادوا) وغيرها من شوارع داخلية وضيقة، لم تعان من (حفرة) واحدة أو تصدع أو حتى تطاير للحصى.
يبدو أن الشاي السيلاني يجعل مزاج المشرفين على الطرق أكثر (روقانا) من سائر البلدان، عدت إلى الكويت ومن بعدها بأيام قليلة زرت كراج السيارات للعمل على (بنشر) السيارة، وإذا بي أنصحه بالشاي السيلاني لتعديل مزاجه حين يعمل.