كتبت قبل مدة متسائلاً: «هل الكويت قندهار العرب؟»، الآن لن نتساءل، بل إننا نجزم بأن الكويت أصبحت قولاً وفعلاً قندهار العرب بلا منازع، حسب ما يحصل على أرض الواقع وحسب القوانين المقترحة، فهناك مجموعة قندهارية من نوائب الكويت اقترحوا تحويل وطننا الحر قسراً إلى مركز إسلامي.
إن ما يحصل في الكويت منذ سنوات لا يبشر أبداً بخير، فقد حرّم نواب وجماعات التقهقر الاجتماعي والانغلاق الفكري والترفيهي على أهل الكويت كل شيء تقريباً، الغريب أن الحكومة ولأسباب سياسية بحتة، تخصها هي فقط، استسلمت لهم بطريقة أثّرت على النفسية العامة، وهذا ما يدفع معظم الكويتيين إلى الهروب الجماعي من البلد متى ما حانت لهم فرص العطلات والإجازات، وما أكثرها، ولينفقوا عليها مئات ملايينهم في الخارج بدلاً من ضخها في السوق المحلي.
إنه حقاً أمر غريب وممل، فكل دول العالم، وكل دول الإسلام، وكل دول الخليج تزداد انفتاحاً إلا الكويت وضعها الاجتماعي يتقهقر، ويزداد كبت حريات شخصية لا تتناسب مع الوعي والانفتاح الكويتي قديماً وحاضراً، وهذا حقيقة تدعو إلى الاستغراب، وكأن الكويت تسيّر من أناس ليس لهم أي ارتباط مع كويت الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات.
المؤسف أن الاستسلام الحكومي لتلك الجماعات واضح وجلي، وكأن هناك تحالفاً سرياً معهم، فما إن يكتب أحدهم في «تويتر» محتجاً على وضع لم يعجبه من وجهة نظره الخاصة، أو نائب لا يفقه شيئاً في الدين السماوي يرفع صوته محتجاً على أمر أثار استياء جماعته حتى ترى الحكومة الموقرة قد سارعت إلى كبت وحظر وإلغاء أي مظاهر قد تعكر صفو صاحبهم، دون شعور بالخجل ولا حتى بالإحراج، ويبدو أن هذا التحالف تجدد مؤخراً بين الحكومة والأحزاب الدينية لمزيد من التقهقر، في كل شيء، وضد كل ما لا يتفق مع أهوائهم، غير عابئين برغبات وطموحات واحتياجات الأكثرية الصابرة الصامتة.
لا بد للحكومة أن تتخلص من تلك القيود التي كبّلت نفسها بها لعقود طويلة من أجل توازناتها وحساباتها السياسية التي لم ولن تعني يوماً المواطن الكويتي العادي، والتي انحدر كل شيء في الكويت بسبب تلك القيود وأهمها التعليم، والغريب أنه كلما زاد التشدد الديني والاجتماعي والكبت على المواطنين بحجة الأعراف والعادات والتقاليد، التي لم تكن موجودة أصلاً، زادت السرقات والتزوير ونهب المال العام، وتكشفت الفضائح والسرقات والرشا لبعض نوائب متسترين تحت عباءة التدين.
فيا نوائب الكويت، لا الكويت ولا إيران ولا غيرهما مراكز للإسلام، لأن المملكة العربية السعودية هي المركز الإسلامي العالمي الحقيقي، وأرضها هي التي شرفها الله بالحرمين، ومن بقعتها الطاهرة أرسل خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن جزيرة العرب انتشر الإسلام، فهل تريدون منافسة السعودية على مركزها؟ وهل هذا أقصى ما تقدمونه للكويت؟
لماذا لا تعملون على تحويل الكويت الى مركز عالمي للثقافة والمال والتكنولوجيا؟ ولماذا لا تخلصونها من الفساد والتزوير والرشا؟ ولماذا لا تصلحون التعليم الذي أصبحت مخرجاته وصمة عار في جبينها بسببكم وبسبب تخاذل الحكومات المتعاقبة معكم؟